- لندن من أكثر مدن العالم اكتظاظا بالسكان
- مركز مهم لعمالقة الاستثمار والمال والمنظمات الدولية والشركات العالمية
- دقت «بيج بن» لأول مرة عبر إذاعة الـBBC في 1924م
- عين لندن..تجربة الإثارة في رؤية المعالم الأثرية من ارتفاع 135م
- لقبت بـ«الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» قبل تراجع دورها الريادي
- قصر «كينسيجتون» شيد قبل 300 عام وكان مقراً لإقامة الأميرة ديانا
- من أكبر مدن المملكة المتحدة ولقبت بـ«لندرا ولوندرس»
دعاء خطاب - لندن
اخترت أن تكون البداية استفهامية.. لنعي معا ما سر تسمية لندن «عاصمة الضباب» بهذا الاسم؟.. كان هذا أول ما سألت عنه عقب وصولي، وقيل لي بأنه قديما كان سكان المدينة يشعلون الحطب للتدفئة، قبل استخدامهم للفحم وذلك قبل الثورة الصناعية، ما كان ينجم عنه دخان كثيف، ومع وجود الضباب كانت تنعدم الرؤيا تماما، ويغدو الجو خانقا غامضا، بالطبع أن هذا الأمر انتهى بعد استخدامهم لفحم، وبعد الثورة الصناعية، إلا أن «لندن»ما زالت تلقب بهذا الاسم حتى يومنا هذا.
وعند الحديث عن لندن عاصمة المملكة المتحدة وأكبر مدنها لا بد أن نذكر أنها كانت تعتبر القوة العظمى في العالم في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تحت مسمى «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس»، ولكن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للحروب العالمية الأولى والثانية أنهكتها ما أدى إلى تراجع دورها الريادي في العالم.
ويعيش في المدينة حوالي 8.4 مليون نسمة منهم 2.7 في أحياء لندن الداخلية، ويبلغ عدد سكان ضواحيها 150.10.295 نسمة، و تعتبر لندن وجهة أكثر من ثلث المهاجرين الدوليين القادمين إلى المملكة، كما تعد مركزا مهما لعمالقة الاستثمار والمال، ومقرا لهم، بالإضافة لعدد من المنظمات الدولية، والشركات العالمية، وهي من أكبر مدن الاتحاد الأوروبي قبل قرارها بالانفصال «Brexit» منذ عدة أشهر.
بيج بين
ولا يمكن أن نتحدث عن لندن ولا نذكر ساعة بيج بن ( Big Ben)، التي وصلت شهرتها أصقاع الأرض، الساعة ذات الوجوه الأربعة، والتي بدأ عملها في 3 يونيو عام 1859، تزن حوالي 13 طنا وتعود تسميتها إلى اختصار اسم وزير الأشغال البريطاني حينها بنجامين هول الذي أشرف على تنفيذها وتصميم برجها، وكان ضخم الجسم فأطلقوا عليه لقب «بيج بن»، وأطلق على الساعة تكريما له فيما بعد، ويبلغ ارتفاعها حوالي 320 قدما (106 أمتار)، أما طول عقرب الساعات فيصل إلى 9 أقدام، وطول عقرب الدقائق 14 قدما، ويبلغ عمر الساعة الآن حوالي قرن ونصف القرن.
وتعد جزءا من مبنى البرلمان، تدق أجراسها بشكل منتظم كل ربع ساعة، ومنذ عام 1924م بدأت دقات «بيج بن» تعلن الوقت عبر إذاعة الـBBC يوميا.
«عين لندن» بين السماء والأرض
وما بين فخامة محلات «هارودز» العريقة، مرورا بمتاجر «ماركس آند سبنسر»، وتجولك في شارعي «اكسفورد ستريت» و«ادجوار رود»، لا بد أن ينتهي بك الحال في حدائق «الهايد بارك» الخلابة مع الجو «اللندني» الخلاب للعاصمة البريطانية والمناظر الطبيعية حتى تقودك قدماك حيث «عين لندن».
بالطبع أحاسيسك عند رؤية صور «عين لندن» مختلفة تماما عندما تواجهها، فالانبهار والإثارة شعور يسيطر عليك ويدفع في عروقك الحماسة لخوض تجربة جديدة، تجربة الصعود إلى مسافة 135 مترا في كبسولة مغلقة، هي «عجلة الزمن»، ثاني المعالم السياحية أهمية بعد ساعة بيج بن حيث أيضا يحرص الكثير من السياح على الذهاب إليها وركوبها حتى يتمكنوا من رؤية المدينة من على ارتفاعات عالية جدا، وقد تم إنشاء هذه العجلة في القرن الحادي والعشرين وفكرة عملها أنها تدور حول محورها بهذا الحجم الضخم وبذلك يصل الراكب إلى ارتفاعات عالية جدا يمكنه من خلالها رؤية بعض المعالم الأثرية البارزة مثل كاتدرائية سنت بول وقلعة وندسور وقصر وستمنستر وتتكون العجلة من 32 كابينة تتحمل يوميا حوالي 15 الف زائرا، أما الخيار المجاني الآخر فهو تل بريمروز، وذلك إذا كنت من محبي التسلق والمغامرة، فالتل الواقع شمالي لندن يرتفع 78 مترا سيوفر لك مشهدا رائعا للمدينة.
قصر باكينغهام
وإلى رحلة ملكية في أعرق القصور البريطانية «قصر باكينغهام»، في الطريق لا بد وأن يستوقفك عدد من الأكشاك المخصصة لبيع الشيكولاته والهدايا التذكارية للقصر ولمدينة لندن الجميلة والمزدحمة بصنوف من السياح لشراء تحف مجسمة للقصر أو ميداليات وقمصان مزينة بصور للمعالم السياحية البريطانية، إلا أن البرد الشديد كان هو السمة الغالبة على هذه الرحلة وكنت أتعجب كيف يحتمل الزائرون الانتظار طويلا لدخول المتحف دون أن يعبأوا بهذا الصقيع.
ولكن بمجرد أن تطأ قدماك قاعات القصر الداخلية تشعر بأنك انتقلت إلى عمق التاريخ ودفئه في رحلة مدهشة عبر الزمن إلى الماضي، فالقصر واحد من أهم القصور الملكية في بريطانيا، ويقع وسط حدائق عامة في منطقة نهاية القطاع الغربي من مدينة لندن، ويعتبر المقر الرسمي لملكة انجلترا، وقد شيد في 1705 م، ويضم الدرج الرئيسي في القصر أربعة أجنحة رئيسية وتقيم العائلة المالكة وضيوفهم في الجناح الشمالي من القصر في 52 حجرة، ويستخدم للاستقبالات الرسمية للضيوف وكذلك لإقامة مآدب الطعام لهم.
كما يشمل القصر قاعة العرش الفخمة والتي تحتوي على قاعة الرقص، بالإضافة إلى قاعة «جاليري الملكة»التي تعرض ما يزيد عن 450 قطعة فنية من مقتنيات العائلة المالكة، أما إذا انتقلت لخارج القصر فيمكنك مشاهدة الاسطبلات الملكية والعربات الذهبية التي تستخدم
في حفلات الزواج الملكية، كما شوهدت في حفل زفاف الأمير وليام والجميلة كيت ميدلتون، ولا يفوت الزائرين الاستمتاع بمشهد تغيير الحرس الملكي يوميا الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا ويستغرق نصف ساعة، بملابسهم وقباعاتهم الفريدة.
قصر «كينسيجتون»
ومن القصور الشهيرة في المدينة، والذي كان مقرا لإقامة الأميرة الراحلة ديانا، قصر «كينسيجتون»، والذي شيد قبل 300 عام، وكان سكنا لعدد من أفراد الأسرة الملكة من قبل، وأصبح الآن معرضا لملابس العائلة الحاكمة، التي حكمت لندن في القرن الثامن عشر للميلاد.
متحف الشمع
من أشهر متاحف الشمع في العالم، مقره الرئيسي في لندن، وله فروع في دول أخرى، سمي بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسته «مدام توسو» التي ولدت في ستراسبورغ وأسسته عام 1761، رعاها طبيب اسمه كورتيس كانت والدتها تعمل لديه وعملها كان فن التعامل بالشمع، حتى احترفت هذا الفن.
وتم اعتقالها أثناء الثورة الفرنسية باتهامها بأنها قريبة من الملك لويس السادس عشر وتم الإفراج عنها، ثم غادرت وأنشأت معارض لها في المملكة المتحدة.
ومن أشهر أعمالها نحت تماثيل شمعية لفولتير وبنجامين فرانكلين، قبل أن تذهب إلى قصر فيرساي حيث صنعت نماذج لويس السادس عشر وعائلته وماري أنطوانيت، وفي النهاية أنشأت هذا المتحف الذي يحتوي على تماثيل للشخصيات العالمية المعروفة في جميع المجالات.
ويضم المتحف شخصيات عالمية مثل ملك الروك ألفيس برسلي والمغنية الأميركية الراحلة ويتني هيوستن والبريطانية بريتنى سبيرس ونجمة الإغراء الراحلة مارلين مونرو والنجمة الأميركية أنچلينا چولي وبراد پيت والممثلة الأميركية نيكول كيدمان، كما يضم المتحف تماثيل اخرى للعديد من مشاهير العالم منهم نيلسون مانديلا رئيس، والملاكم العالمي محمد على كلاي، والرئيس الأمريكي باراك أوباما، وغيرهم من مشاهير العالم في الرياضة والفن والسياسة، كما يوجد به غرفة الرعب التي تصور أشكال الإجرام أثناء الثورة الفرنسية امتدت متاحف مدام توسو وتوسعت فروعها في كل من: أمستردام، لاس فيغاس، نيويورك، هونغ كونغ، شانغهاي، واشنطن، برلين، هوليوود.
لتصبح أماكن جذب سياحي في لندن، وكان يشمل (حتى وقت قريب) القبة السماوية في لندن في جناحه الغربي.
احذروا هذه الأمور
من الجيد عند زيارة أي بلد جديد أن تقرأ النصائح والتوصيات الخاصة به قبل الزيارة ويتوجب عليك أيضا التعرف على ما لا يجب القيام به في المدينة وما قد يزعج سكانها، وتذكر أن الزائر يعكس ثقافة بيئته ويرى في ساعة ما يراه المضيف في 100 عام، وإن لم تكن قد زرت لندن من قبل فاقرأ هذه السطور جيدا..
أمور يجب مراعاتها
اذا كنت تريد عبور الطريق، تذكر أن القيادة على اليسار ولكن هناك العديد من الشوارع في اتجاه واحد في وسط لندن، وانتبه جيدا قبل العبور الذي من الأفضل أن يكون باستخدام معابر المشاة إذا كان ذلك ممكنا.
- ينبغي عليك الوقوف في السلم المتحرك على الجانب الأيمن لترك الناس يمرون على الجانب الآخر بحرية.
- توجد علامات أرضية مدببة وبارزة باللون الأحمر في الساحة الخارجية للمطار وهي مخصصة للسير لفاقدي البصر حتى يتمكنوا من التحرك بأمان.
- أكثر الأشياء إزعاجا هي وقوف البعض عند مداخل المتاجر والمتاحف لانتظار مرافقيهم في السفر، لذا لا تقطع الطريق على المارة.
- من المعروف أن الشعب البريطاني من أكثر الشعوب احتراما للنظام وانضباطا في الطوابير، فلا تحاول تجاوز الجزء الأمامي من الخط.
اللغز وحله
عندما شارفت رحلتنا على الانتهاء وعزمنا على الرحيل، قفزت إلى ذهني الصورة التي كونتها عن لندن المدينة الشقية المتمردة رغم تهالكها وعجزها تراها امرأة شائخة جذابة بتجاعيدها وخطوط الزمن التي طالت ملامحها إلا أنها ما زالت تبوح بعنفوانها وسطوتها ونفوذها، فجيوشها ومستعمراتها التي طالت معظم قارات العالم، ومن أوج قوتها، قيل إنها «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» ويؤكد اتساع الإمبراطورية على طول العالم أن الشمس كانت تشرق دائما على واحدة على الأقل من مستعمراتها العديدة، ولن أخوض في تفاصيل السياسة، فالسياسة تفسد الجمال كما تفعل بالفطرة الإنسانية، وبقي لي أن أذكر أن أجمل صورة لم تلتقط، فحينما كنت مستغرقة في استمتاعي بجمال اللحظة، سأرحل وتبقى لندن بعبقها ورائحة المطر المختلط ببنيانها العريق وغيومها الرمادية وأناسها الغارقين في دوامة الحياة، تلك المدينة التي تجتاح حواسك وتسكنك رغما عنك، المعادلة الصعبة، الماضي والمستقبل، اللغز الوحيد الذي لا ترغب في فك شفرته.. لتبقى لندن بداخلك عاصمة الضباب الساحرة جنة على ضفاف الحياة.