تزدحم هواتفنا بمقاطع يتحدث فيها أشخاص - قد لا نعرفهم - عن مستقبل العالم بعد انحسار جائحة كورونا.
فمنهم من يتنبأ باندثار التسوق التقليدي لصالح الشراء الإلكتروني، مستشهدا بالنمو الهائل في مبيعات أمازون ووالمارت وشركات النقل، ومنهم من يشكك في استمرار ذلك التغير الطارئ، مستشهدين بنتائج أزمات صحية عالمية سرعان ما استعاد الناس حياتهم الطبيعية بعد انحسارها.
لكن في مجتمع الأعمال في الكويت، ما ابرز التغيرات التي يجب أن تتواكب معها المشروعات، وبخاصة الصغيرة والمتوسطة، إثر تداعيات جائحة كورونا؟
تعرضـــت معـــظم المشروعات في الكويت إلى هــزة اقتــصادية عنيفة أوقفت أنشطــة معــظم تلك المشروعات، في حين اســـتمرت تكاليف رأس المال العامل من إيجــارات ومرتبات العمالة وغيرها من النفقات الجارية في التراكم دون أن يقابلها أي دخل يذكر.
وفي المقابل، تغيرت العادات الشرائية للمستهلكين لكي تتماشى مع المتطلبات الصحية، حيث أحجم الكثير عن الخروج مكتفين بالطلب والدفع عن بعد والتوصـيل.
ووفقا لنظرية تبني وانتشار المنتجات والخدمات الجديدة في الأسواق، يمر أي منتج أو خدمة جديدة بمراحل متعددة تبدأ بالتقديم للسوق تليها مراحل النمو والنضج ثم الانحدار والتلاشي.
وليـــس الأمر بالســهل، إذ تبــين دراسات الســـوق تعثر غالبية المنتجات الجديدة وفشلها في مرحة التقديم للسوق.
وبتطبيقها على تبني وانتشار الطلبات الإلكترونية، نجد أن قبولها انتشر بين الشباب ولمنتجات محددة، إلا أنهم لا يمتلكون القوة الشرائية التي يمتلكها المشترون الأكبر سنا والأعلى دخلا والأقل قبولا لتغيير طرق شرائهم التقليدية.. ورب ضارة نافعة، فقد جاءت الجائحة لتجبر هذه الفئة الكبيرة من المشترين على تبني هذا الأسلوب في الشراء، فهل يا ترى يتغير المجتمع لكي يصبح إلكترونيا وينحسر التسوق بين المعارض والمحلات؟
لا أعتـــقد أن التسوق الإلكتروني سينـــجح في إلغاء التسوق التقليدي مــن حياتنا، فالتســـوق ليس فقط للشراء بل هو نشــاط اجتماعي يسعى فيه الفرد لتغيير الروتين ومشاهدة الناس واختيار المنتجات بعد المقارنة والمعاينة.
كما أن اللقاء في المقاهي والمطاعم وتمضية الوقت، وان تقيدت في الوقت الحالي، لكنها لم تنته وستعود ولو بعد حين.
لكن لاح في الأفق فئة جديدة من العملاء الراغبين في الاستمتاع بالخدمات وهم في منازلهم، ويبحثون عن المنتجات التي تقدم لهم تلك الخدمات وهم آمنون من الاختلاط غير الآمن أو تكاليف التوصيل الآخذة في التزايد. وهذه إحدى الفرص الواعدة لمن يملك المعرفة والجسارة في استغلالها.
[email protected]