- %7.9 انكماش متوقع للاقتصاد الكويتي في 2020.. والعودة للنمو 2.9% في 2022
- تطبيق ضريبة «القيمة المضافة» وانتعاش النفط المتواضع سيقلّصا الضغوط المالية بالموازنة
- الكويت تتمتع باحتياطيات مالية ضخمة تبلغ 500 مليار دولار للصمود بوجه الأزمة الحالية
- ضبط الإدارة الاقتصادية وخلق فرص عمل بقيادة «الخاص» أبرز الإصلاحات المطلوبة
مصطفى صالح
قال تقرير صادر عن البنك الدولي حول الاقتصاد الكويتي، انه في ظل الاختلالات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، من المتوقع أن يتحمل العمال الوافدون وطأة انخفاض النشاط التجاري، حيث تفيد التقارير بأن حوالي 5% من الوافدين غادروا الكويت خلال الفترة الماضية، فيما تضطر العديد من الشركات إلى تسريح عمالتها الوافدة في ظل الأزمة الحالية.
ووفقا لحسبة قامت بها «الأنباء»، فإن نحو 170 ألف وافد قد غادروا الكويت خلال الأشهر الماضية تحت وطأة التداعيات السلبية لأزمة كورونا، وذلك استنادا الى عدد الوافدين في البلاد والذي يبلغ نحو 3.4 ملايين وافد، فيما أشار تقرير البنك الدولي إلى أن التغييرات المقترحة على قانون الإقامة تهدف إلى خفض أعداد الوافدين أكثر من ذلك.
انكماش الاقتصاد
وأشار التقرير الى انه في ظل استمرار جائحة كورونا وبطء استجابة الحكومة إلى خفض التوقعات، فمن المتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للكويت بنسبة 7.9% من إجمالي الناتج المحلي في 2020 (مقابل توقعات بنسبة -5.4% في يونيو 2020)، إذ كبح استمرار تدابير الصحة العامة لفترة طويلة وإجراءات التخفيف المالي التقييدية نمو إجمالي الناتج غير النفطي، في حين انخفض إجمالي الناتج النفطي تماشيا مع اتفاق «أوپيك+».
وعلى الأمد المتوسط، سيتعافى النمو مع استمرار نمو الإنفاق العام المتكرر والائتمان، ليصل إلى 2.9% بحلول 2022، ومن المتوقع أن يزيد عجز المالية العامة في 2020 بسبب تراجع أسعار النفط وارتفاع الإنفاق الحكومي، ووفقا للتقديرات الأولية، تتوقع السلطات أن يبلغ إجمالي العجز 14 مليار دينار (ما يعادل 32% من الناتج المحلي الإجمالي) في السنة المالية 2021/2020، مقارنة بالمستهدف البالغ 7.7 مليارات دينار الذي تمت الموافقة عليه في يناير 2020.
وبعد عام 2020، من المرجح أن يؤدي تطبيق ضريبة القيمة المضافة والانتعاش المتواضع في أسعار النفط إلى الحد من الضغوط على الموازنة، وهذا يعتمد على مدى رغبة الحكومة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة مع ضعف الاقتصاد.
وسيتوقف مسار الدين الحكومي على سن قانون الدين الذي طال انتظاره، ورغم انتعاش تجارة السلع العالمية في يونيو، من المتوقع أن يعود حساب المعاملات الجارية الكويتي إلى العجز في 2020 على أن يتعافى ببطء في الأجل المتوسط، ومن المنتظر أن يرتفع التضخم تدريجيا مع تعافي النشاط الاقتصادي وإيجارات العقارات.
احتياطيات ضخمة
لفت تقرير البنك الدولي الى أن الأصول المالية الضخمة للكويت تشكل الأساس الذي تقوم عليه قدرة البلاد للصمود في وجه المصاعب الاقتصادية، لكن إصلاحات المالية العامة والإصلاحات الهيكلية ضرورية لتعويض المخاطر المترتبة على انخفاض أسعار النفط وتراجع الطلب عليه في المستقبل وارتفاع التكلفة الهامشية لإنتاجه.
وتشمل هذه الإجراءات زيادة الإيرادات غير النفطية، فضلا عن تعزيز رأس المال البشري وإصلاح الإدارة الاقتصادية لتنشيط التنميــة وخلق فرص العمل بقيـــادة القطــاع الخــاص.
وعلى الرغم من أن الكويت تتمتع باحتياطيات مالية كبيرة، تقدر بنحو 500 مليار دولار لمواجهة الأزمة الحالية، فإن استمرار السحب لتمويل العجز والاستمرار في تحويل 10% من إيرادات الموازنة بموجب القانون إلى صندوق الأجيال القادمة، أدى إلى خفض أرصدة صندوق الاحتياطي العام بنسبة 12% من إجمالي الناتج المحلي في السنـــة الماليــة 2020/2019.
ولم تصدر الكويت سندات منذ عام 2017، إذ تنتظر موافقة مجلس الأمة على رفع حد الاقتراض، وبالتالي فإن أزمة المالية العامة التي تواجه الكثير من مصدري النفط تتفاقم بفعل احتياجات التمويل اللازمة لتنفيذ التحويلات السنوية لصندوق الأجيال القادمة.
وقد أقر مجلس الأمة مؤخرا تشريعا يجعل التحويلات السنوية مرهونة بتحقيق فائض في المالية العامة، لكن التشريع لم يحدد أي آلية يمكن من خلالها تحقيق فائض، أو زيادة التنبؤ بحجم التحويلات لصندوق الأجيال القادمة.
احتواء الأزمة
وأشار التقرير الى أن إجمالي الناتج المحلي سجل انخفاضا طفيفا بلغ 1.1% في الربع الأول من 2020، وانكمش النمو غير النفطي 3.5%، بينما زاد إجمالي الناتج المحلي الحقيقي النفطي 1.2% مع انتهاء اتفاق «أوپيك+»، وشملت الإجراءات واسعة النطاق لاحتواء جائحة كورونا تعليق الرحلات الجوية وإغلاق المدارس والجامعات وحظر التجمعات العامة وتعليق العمل غير الضروري وفرض حظر التجول لمدة 24 ساعة، ويعد استمرار الكويت في تطبيق أشكال مختلفة من هذه الإجراءات واحدا من أطول فترات العزل العام بالعالم.
وأثرت هذه التدابير بشكل كبير على الإنفاق الخاص ونشاط الاستثمار، وإجمالي الناتج المحلي اعتبارا من الربع الثاني من 2020، وكانت استجابة المالية العامة لتخفيف آثار الجائحة واستجابة الصحة العامة ضئيلة، وشملت مخصصات إضافية في الموازنة تبلغ 1.6 مليار دولار، وتأجيــل مدفوعات الضمــان الاجتمـــاعي والمعاشات التقاعدية، والإعفــاء مـــن بعض الرســوم.
وقدم بنك الكويت المركزي حزمة مساندة بقيمة 16.5 مليار دولار، مما سمح بتأجيل مدفوعات القروض، وقلص متطلبات السيولة وكفاية رأس المال، وخفض ترجيح المخاطر بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما حاكى تخفيضات مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي.
ارتفاع عجز الميزانية
وقال تقرير البنك الدولي ان عجز الميزانية العامة زاد من 3.1% من إجمالي الناتج في السنة المالية 2019/2018، ليصل إلى 9.6% في السنة المالية 2020/2019، وتستبعــد هذه الأرقام الدخل من الاستثمار وهي محسوبة قبل التحويلات إلى صندوق الأجيال القادمة.
ومع ذلك، فإن هذه النواتج أفضل من المستهدف بالموازنة والبالغ 6.7 مليارات دينار (ما يعادل 15.7% من إجمالي الناتج المحلي)، بسبب الافتراضات المتحفظة لسعر النفط بصورة تقليدية، وتراجعت العائدات النفطية بنسبة 16.6% على خلفية هبوط أسعار النفط 10.3%، وانخفاض إنتاج الخام بنسبة 2.2%.
كما هبطت الإيرادات غير النفطيــة بسبب ضعف النشـــاط الاقتصـــادي، ومــــن جانـــــب آخر، هبـــط الإنفاق بشكـــل طفيــــــف مدفوعــــــا بانخفـــــاض الدعــــم والإنفـــاق الرأسمالي.
مشاركة المرأة الكويتية بسوق العمل.. ضعيفة
قال تقرير «البنك الدولي» انه على غرار دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، تشهد الكويت تباينا كبيرا في سوق العمل بين الجنسين وبين الفئات العمرية المختلفة، مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب (15 - 24 عاما)، وتقل مشاركة المرأة الكويتية في قوة العمل مقارنة بالرجال (20.8% و47.7% على الترتيب في عام 2017).
وتعاني من معدلات بطالة أعلى، حيث تبلغ البطالة بين الإناث في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عاما مثلي البطالة بين الرجال تقريبا في نفس الفئــة العمرية (37.1% بين الكويتيات و20.5% بين الكويتيين في عام 2017).
تراجع الاقتصاد الكويتي بدأ منذ 2014
قال التقرير ان المخاطر الأساسية للاقتصاد الكويتي ترتبط بطول فترة جائحة كورونا واستمرار التقلب في أسعار النفط، وإذا ما ظهرت حالات جديدة في الكويت أو لم يتم احتواء الجائحة على مستوى العالم، واستمر تراجع أسعار النفط نتيجة لانخفاض الطلب من جراء تباطؤ عالمي طويل الأمد أو ركود في الولايات المتحدة، فمن شأن هذه الظروف أن تسفر عن ديناميكيات غير مواتية في الاقتصاد الكلي، مما يعني تدهور اختلالات المالية العامة والحساب الخارجي والمزيد من التراجع في الاحتياطيات المالية الوقائية.
وعلى الرغم من أن الأداء الاقتصادي بالكويت في 2020 سيعاني من الصدمة المزدوجة الناجمة عن جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط، إلا أن النمو في الكويت بدأ يتراجع منذ عام 2014، وتؤدي الزيادة الحتمية في عجز المالية العامة نتيجة انخفاض عائدات النفط والإنفاق الذي يستهدف التخفيف من حدة الأزمة، واحتياجات التمويل الخاصة بصندوق الأجيال القادمة إلى تفاقم الضغوط على الاحتياطيات المالية، في غياب قانون الدين العام.