- أي سياسة ضريبية لن تكون فعالة حالياً.. فضريبة أرباح الأعمال تتطلب رواجاً لا انكماشاً
- رغم تمتع القطاع المصرفي بملاءة مالية ممتازة إلا أنه قد يتعرض للضغوط الشديدة
- ضعف في القيمة المضافة الحقيقية التصديرية للقطـاع الخـاص واعتماده الكبير على الدعم
- بدائل البحث عن إيرادات أخرى لسد العجز المالي لا بد أن تتزامن مع ترشيد الإنفاق
أحمد مغربي
هل تعاني الكويت من أزمة مالية بعد تعرضها لصدمتي النفط وكورونا؟ في الواقع هذا السؤال لم يكن محل نقاش بين المختصين في الشأن المالي، بل كان وغيره من الاستفسارات الكثيرة حديثا ونقاشاً لا ينقطع على مستوى المسؤولين في الدولة بعد تعرض الاقتصاد الكويتي شأنه شأن الاقتصادات الخليجية والعالمية إلى نوعين من الصدمات الخارجية في آن واحد وهما تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وانهيار أسعار النفط، المورد شبه الوحيد لتمويل الإنفاق العام، وكلتا الصدمتين خارجيتان، أي لا يمكن للكويت التحكم في مسارهما.
7 أشهر مضت على تفشي الجائحة وكان لا بد من أخذ قرارات اقتصادية سريعة سواء على السياسة المالية أو النقدية في ظل المعطيات الجديدة للصدمتين (الصحية والنفطية)، فالسياسة المالية قامت بتغيير مشروع ميزانية 2020 /2021 والذي تم إعداده قبل تفشي الجائحة وتم بناء سعر برميل النفط على سعر تقديري يبلغ 55 دولارا لتحقق الميزانية عجزا بواقع 9.2 مليارات دينار، ولم يكن ثمة مناص أمام إدارة الميزانية في ظل الصدمتين سوى إعادة تقدير النفقات والإيرادات في ظل المعطيات الجديدة فتم تخفيض الميزانية بواقع 20% ليحدد سعر برميل النفط عند 30 دولارا لتحقق الميزانية عجزا تقديريا بواقع 14 مليار دينار يعد الأعلى في العالم قياسا بالناتج المحلي الإجمالي.
وفي ظل سعر برميل نفط لا يتجاوز عتبة 43 دولارا للبرميل حاليا أصبح جمود العديد من بنود الانفاق في الميزانية العامة للدولة «كابوساً» يؤرق متخذي القرار، وعليه تركزت الجهود أساسا على البحث عن إيرادات إضافية تغذي الانفاق العام غير المرن وتمت دراسة وتداول عدة مقترحات من بينها وقف استقطاع مخصص صندوق الأجيال القادمة أو قصر الاستقطاع على سنوات الفوائض أو الاقتراض الداخلي من البنك المركزي او القطاع المصرفي او الاقتراض من السوق الدولية أو الاقتراض من صندوق الاجيال القادمة أو بيع أصول الاحتياطي العام الى احتياطي الاجيال القادمة أو تعبئة الأرباح المحتجزة لدى مؤسسات عامة وتحويلها الى الاحتياطي العام أو الاقتراض من الصندوق الكويتي للتنمية وذلك كله بالتزامن من ترشيد بنود الإنفاق أو توليفة من هذه البدائل أو غيرها.
كما أن أي سياسة ضريبية لن تكون فعالة في الزمن القصير خاصة ان ضريبة على أرباح الاعمال مثلا تتطلب وضع رواج اقتصادي لا انكماش، هذا ويوجد ضعف عام في القيمة المضافة الحقيقية التصديرية للقطاع الخاص واعتماده الكبير على الدعم الحكومي، ورغم تمتع القطاع المصرفي المحلي بملاءة مالية ممتازة، إلا ان هذه الملاءة قد تتعرض للضغوط في حال استمرار الصدمات الخارجية لفترة طويلة.
ومن الطبيعي أن تتعرض العديد من المتغيرات الاقتصادية للضغوط بسبب الصدمتين المذكورتين آنفا، وعلى رأس هذه المتغيرات قيمة الصادرات النفطية وما يتبعها من إيرادات نفطية والتأثير على الإنفاق بالإضافة الى التأثير على أداء الأنشطة الخاصة بسبب الحظر أو الإغلاق وبالتالي انخفاض الطلب المحلي بشكل حاد.
وللتكيف مع هذه الصدمات، قامت السياسة النقدية متمثلة في بنك الكويت المركزي بتخفيض سعر الخصم في 4 مارس 2020 بواقع ربع نقطة مئوية وتبع ذلك تخفيض آخر في 16 مارس بواقع نقطة مئوية كاملة إلى 1.5% وهو أدنى مستوى في تاريخ البنك المركزي، وتم تخفيض متطلبات كفاية رأس المال بنسبة 2.5% وتخفيف وزن مخاطر الائتمان الممنوح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من 75 إلى 25، وتم تقديم قروض ميسرة للمؤسسات المتضررة من تعطيل أنشطتها تتحمل الدولة أعباء فوائدها كاملة في العامين الاول والثاني و90% في السنة الثالثة و80% بدءا من السنة الرابعة، وتأجيل سداد القروض بكل أنواعها لمدة 6 أشهر تنتهي في شهر أكتوبر الحالي وتأجيل استحقاقات الشركات المالية لمدة 6 اشهر وتكفل الدولة برواتب المواطنين في القطاع الخاص من خلال ضمان وزيادة الدعم المخصص لهم.
وعموما تشير تقديرات الصدمة النفطية تأثيراتها المباشرة على القطاع النفطي مع تواضع الأثر على القطاع غير النفطي وتبرز التقديرات الأهمية النسبية للإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي بعد القطاع النفطي من حيث الاهمية النسبية القطاعية وذلك يعكس تضخم الأجور في هذا القطاع الخدمي، حيث يحتسب الناتج من مثل هذه الانشطة من خلال التكاليف وعلى رأسها الأجور العامة أساسا، وهو الأمر الذي يحفز الجهود الإصلاحية لامتصاص العمالة المتضخمة تدريجيا وتوجيهها لصالح القطاع الخاص سواء من خلال جهود خطة التنمية أو جهود المشروع الوطني لدعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو القنوات الأخرى.