طارق عرابي
مثل عام 1948 نقطة تحول لمجموعة «جالف كرايو» التي أسسها المغفور له سليم الهنيدي كاستثمار كويتي 100% يركز على إنتاج الغازات الصناعية والطبية وغاز ثاني أكسيد الكربون البيئي، لتبدأ قصة نجاح أخرى للمجموعة بعد تأسيس شركة أوكسجين الكويت عام 1959 بقيادة عامر سليم الهنيدي لتصبح أول وأكبر كيان في الكويت والشرق الأوسط وشمال افريقيا لإنتاج الغازات الصناعية والطبية وغاز ثاني أكسيد الكربون البيئي ويضاف إليها الخدمات الفنية واللوجستية اللازمة لها في الكويت والمنطقة.
«الأنباء» التقت رئيس مجلس إدارة شركة جالف كرايو القابضة والرئيس التنفيذي لمجموعة جالف كرايو عامر سليم الهنيدي، الذي قال إنه على الرغم من أهمية عمل شركة جالف كرايو، باعتبارها شركة صديقة للبيئة من خلال إنتاجها لغاز ثاني أكسيد الكربون البيئي، إلا أن مبيعاتها بالكويت لا تشكل سوى 5% من إجمالي إنتاجها، ويرجع ذلك إلى ما يوفره القطاع النفطي من منتجات هيدروكربونية بأسعار مدعومة، ناهيك عن عدم تشجيع الحكومة على استخدام المنتج البيئي النظيف الذي تنتجه الشركات المحلية ومنها «جالف كرايو» في مشاريعها العملاقة مثل محطات تحلية المياه، واعتماد بعض المصانع على حرق مادة الكيروسين المدعومة للحصول على هذا المنتج، على الرغم من أن تكلفة المنتج البيئي النظيف الذي توفره مجموعة جالف كرايو أقل من تكلفة إنتاج هذه المصانع فضلا عن سلامتها بيئيا، ودليل ذلك كمية المنتجات التي يتم تصديرها سنويا والتي تفوق 95% من إنتاج المجموعة.
وأضاف الهنيدي أن الكويت هي إحدى الدول الموقعة على عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية للحفاظ على البيئة، وبالتالي يفترض بها أن تثبت للعالم أنها تعمل جاهدة على تخفيض الانبعاثات الكربونية، وذلك من خلال تشجيع المصانع المستمرة بحرق المواد الهيدروكربونية على إغلاق وحدات الحرق والتحول إلى استخدام المنتج البيئي المتوافر بالكويت.
وأكد أن طريقة إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون كانت تتم في السابق من خلال حرق منتج «الكيروسين»، الأمر الذي يزيد بل ويضاعف نسب التلوث في الهواء بما يؤثر على صحة كل الكائنات الحية على حد سواء، بينما قامت مجموعة جالف كرايو في العام 2014 باستثمار أكثر من 20 مليون دولار من أجل انتاج غاز ثاني أكسيد الكربون البيئي عن طريق تحويل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المصانع البتروكيميائية المجاورة إلى سائل يمكن استخدامه من قبل محطات التحلية وشركات الأغذية والمشروبات العالمية مثل كوكا كولا وبيبسي وغيرها. لكن هذا الامر لم يجتذب الشركات المحلية العاملة في المجال، وإنما اقتصر عملاؤنا الحاليون على الشركات العالمية، لأن هذه الشركات تعمل على تشجيع المصانع المنتجة لغاز ثاني أكسيد الكربون البيئي، وليس الذي يتم انتاجه من خلال حرق المواد الهيدروكربونية، لذلك وقعنا اتفاقيات عالمية مع شركات مثل «كوكا كولا وبيبسي كولا، وشركات تحلية المياه في عدد من دول منطقة الشرق الأوسط».
ومضى الهنيدي قائلا: كما عرف عن «عين عذاري بأنها تسقي البعيد وتترك القريب»، فإن «جالف كرايو» أصبحت اليوم كعين عذاري، فهي وإن كانت أول شركة في الشرق الاوسط دخلت في هذا المجال برأسمال كويتي 100%، إلا أن 95% من إنتاجها يصدر اليوم لعشر دول تضم كافة دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب العراق والأردن ومصر وتركيا، بينما لا يستهلك السوق الكويتي من هذا الإنتاج سوى نسبة الـ5% المتبقية.
وأوضح أن لمصانع «جالف كرايو» أثرا مضاعفا على البيئة، فهي من جهة تقوم بتخفيض الانبعاثات البيئة الضارة الناتجة عن مصانع البتروكيماويات بواقع 120 ألف طن سنويا، ومن جهة أخرى تساعد على إيقاف نشاطات أخرى كانت تقوم على حرق المواد الهيدروكربونية، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يوجد بالكويت أي قصة تتعلق بخفض الانبعاثات الكربونية بحجم مسيرة نجاح مجموعة جالف كرايو، كما أضاف أن طريقة الإنتاج هذه قد ساهمت اقتصاديا بتوفير أكثر من 50 ألف طن من الكيروسين سنويا لمؤسسة البترول للاستفادة منها إما ببيعها عن طريق محطات الوقود المحلية أو بتصديرها بأضعاف سعرها المدعوم.
ولفت إلى أن قصة نجاح «جالف كرايو» بدأت من خلال إيمان والده المرحوم سليم الهنيدي (الرئيس المؤسس) بإمكانية تحويل الهواء إلى سائل يمكن من خلاله استخراج الأوكسجين والنيتروجين وغيرها من الغازات، واليوم أصبحت هذه الشركة قادرة على أن تغطي أكثر من 75% من احتياجات دول مجلس التعاون كافة من غاز ثاني اكسيد الكربون.
حلول ومقترحات
خلص الهنيدي إلى القول بأنه إذا كانت الحكومة جادة في الحفاظ على البيئة وخفض الانبعاثات البيئية، وتفعيل الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، فإنه ينبغي بها أن تتخذ الخطوات التالية:
٭ أن تتبنى وتشجع مشاريع مثل مشروع «جالف كرايو» القائم على خفض الانبعاثات الكربونية وتوفير غازات صناعية صديقة للبيئة.
٭ إيقاف عمل المصانع التي تقوم باستخدام المواد الهيدروكربونية لإنتاج ثاني أكسيد الكربون.
٭ إيقاف الدعم عن المنتجات الهيدروكربونية في حالة سوء الاستعمال وخاصة لتوفر البدائل الصديقة للبيئة.
٭ إفساح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في حل المشاكل البيئية مثل ضخ مياه الصرف الصحي الفائضة للخليج بما تملكه هذه الشركات من خبرات تكنولوجية واسعة في هذه المجالات.