خديجة حمودة
قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن القمة الثلاثية (المصرية -القبرصية -اليونانية) شددت على ضرورة مضاعفة الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب بكل حسم وعدم التسامح مع الدول والكيانات الداعمة له تسليحا وتمويلا وتدريبا، مع انتهاج مقاربة شاملة لمعالجة كل جذوره والأسباب المؤدية له، وحث المجتمع الدولي على تحمل مسوولياته في مواجهة من يرعى الإرهاب ويوفر له الملاذ الآمن ومختلف أوجه الدعم.
وأضاف الرئيس السيسي - في كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك عقب القمة الثلاثية التي جمعته بالرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في نيقوسيا - أن القمة شهدت مناقشات بناءة عكست توافقا في الرؤى حول التطورات الإقليمية والدولية؛ وخصوصا في منطقة شرق المتوسط، في ضوء السياسات الاستفزازية المتمثلة في انتهاكات قواعد القانون الدولي والتهديد باستخدام القوة المسلحة والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار ودعم التطرف والإرهاب ونقل المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاعات.
ومما جاء في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحافي المشترك:
أؤكد مجددا على ما تمثّله آلية التعاون الثلاثي، منذ تدشينها عام 2014 بالقاهرة، من محفل استراتيجي لتبادل الرؤى حول سبل تطوير علاقات التعاون فيما بين دولنا الثلاث والارتقاء بها على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، وتنسيق المواقف حيال القضايا ذات الأولوية إقليميا ودوليا، سعيا لتعظيم المصالح المتبادلة بيننا وتعزيز الاستفادة من الفرص المتاحة، وبما يسهم في التصدي للتحديات الراهنة التي تواجه أمننا القومي.
واتساقا مع ما تقدم، وقعت دولنا الثلاث، إلى جانب شركائنا في شرق المتوسط، على الميثاق التأسيسي لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي لا يمثل فقط نموذجا لتشجيع التعاون الإقليمي والحفاظ على الاستقرار بالمنطقة، وإنما يعد إطارا للتوافق على محددات ومشروعات مشتركة في مجال الغاز، لتوظيف الثروات الهائلة في شرق المتوسط من أجل تحقيق المنافع المتبادلة، مع احتفاظ كل دولة بحقوقها السيادية اتصالا بتلك الثروات.
ومن هذا المنطلق، تنفرد آليتنا للتعاون الثلاثي بكونها قدمت نموذجين ناجحين لتعيين الحدود البحرية استنادا لقواعد القانون الدولي وبنود اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث وقعت مصر مع كل من قبرص واليونان اتفاقيتين في هذا المجال، وهو ما يعكس الإرادة السياسية المشتركة الهادفة إلى الاستفادة من الثروات المتاحة، خاصة احتياطات النفط والغاز الواعدة، وفتح آفاق جديدة لمزيد من التعاون الإقليمي بمجال الطاقة.
لقد شهد اجتماعنا مناقشات بناءة عكست توافقا في الرؤى حول التطورات الإقليمية والدولية وخصوصا في منطقة شرق المتوسط، في ضوء السياسات الاستفزازية المتمثلة في انتهاكات قواعد القانون الدولي والتهديد باستخدام القوة المسلحة والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار ودعم التطرف والإرهاب ونقل المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاعات، واتفقنا على ضرورة التصدي لتلك السياسات التصعيدية التي تزعزع استقرار المنطقة، بالإضافة إلى التنسيق مع الشركاء الدوليين لاتخاذ ما يكفل من إجراءات للحفاظ على متطلبات الأمن الإقليمي.
وفي هذا السياق، جددنا دعمنا لمساعي جمهورية قبرص الرامية لإيجاد تسوية شاملة ودائمة للقضية القبرصية استنادا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على نحو يؤدي إلى إعادة توحيد شطري الجزيرة مرة أخرى.
كما تطرقنا إلى التطورات في ليبيا، وأكدنا أن الحل السياسي الشامل الذي يعالج كل جوانب الخلل في الأزمة الليبية يظل هو السبيل الأوحد لتحقيق الاستقرار بهذا البلد الشقيق، وفقا لما تم الاتفاق عليه في مسار برلين وإعلان القاهرة الصادر في يونيو 2020، وشددنا على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وضرورة خروج كل القوات الأجنبية منها وتفكيك الميليشيات الإرهابية ونزع أسلحتها، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة.
وتناولت محادثاتنا مختلف جوانب وتطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث اتفقنا على ضرورة استمرار الجهود لتسوية القضية الفلسطينية على أساس مقررات الشرعية الدولية، وكذا أهمية إنهاء حالة الجمود الراهنة واستئناف المفاوضات سعيا لتحقيق هذا الهدف المنشود.
واستعرضنا الوضع في سورية، وأشرنا إلى أن استئناف الحوار بين كل الأطراف على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 يمثل المرجعية الرئيسية للتسوية السياسية بكل مكوناتها وعناصرها، وأعربنا عن إدانتنا لأي تواجد عسكري غير مشروع على الأراضي السورية أو مساع لتغيير التركيبة السكانية بمناطق الشمال السوري، وجددنا التأكيد على دعم وحدة سورية وسلامتها الإقليمية.
من جهة أخرى، أكدنا ضرورة مضاعفة الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب بكل حسم وعدم التسامح مع الدول والكيانات الداعمة له تسليحا وتمويلا وتدريبا، مع انتهاج مقاربة شاملة لمعالجة كل جذوره والأسباب المؤدية له، وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في مواجهة من يرعى الإرهاب ويوفر له الملاذ الآمن ومختلف أوجه الدعم.
هذا، وقد أشادت القمة بالجهود المصرية لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية واستضافة أكثر من 5 ملايين لاجئ يتمتعون بكل الحقوق والخدمات الأساسية المتاحة للمواطنين المصريين، ووقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من سواحلها منذ عام 2016 اعتمادا على قدراتها الذاتية وانطلاقا من مسؤوليتها الأخلاقية، خاصة أن مصر لم تلجأ في أي مرحلة لاستخدام هذه المسألة كأداة للتفاوض أو الابتزاز مع شركائها الأوروبيين لتحقيق استفادة مادية أو سياسية.