يغوص الفلسطيني محمد أسعد من سكان غزة بانسيابية وخفة في الحركة حاملا كاميرته المائية من نوع "جوبرو" ليوثق الحياة البحرية في أعماق البحر قبالة ساحل القطاع.
ويتجمع أسعد وهو أب لثلاثة أبناء، مع عدد من الصيادين الغواصين الذين يعتمدون على آلية الصيد بالمسدسات المائية في ساعات الصباح الأولى، لبدء رحلتهم اليومية في الصيد، ليوثق تلك المغامرات الفردية.
ويقول أسعد لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما كان يرتدي بدلة الغوص الخاصة به إنه اعتاد خلال سنوات طويلة على تغطية الأحداث السياسية في قطاع غزة في ظل جولات متكررة من العنف بسبب التوترات ما بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
ويضيف أن "هذه النوعية من التغطيات أضفت سمة على مصوري وصحفيي القطاع بأنهم من المتخصصين في الكوارث والنزاعات فقط"، موضحا أنه رغب بأن يعكس صورة أخرى عن صحفيي غزة.
وبدأت الفكرة بالنسبة لأسعد بالتوجه إلى البحر ونقل صورا أخرى غير تلك التي تتناول الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة ومنع الصيادين من الإبحار وغيرها العديد من القصص "المأساوية" والتركيز على قصص "إيجابية ".
ويقول أسعد "أردت التعرف على كيفية تغلب الصيادين على أزمة إغلاق البحر من السلطات الإسرائيلية بشكل مستمر، والبدائل التي يتبعونها للحفاظ على مصدر رزقهم من خلال الصيد بالمسدسات المائية".
وعادة ما تفرض السلطات الإسرائيلية الإغلاق على الصيد البحري في القطاع، أو تقليص مساحات الصيد إلى ثلاثة أميال فقط، في أوقات التوتر العسكري مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المسيطرة على القطاع.
وفي محاولة للتغلب على الأزمة المتكررة، لجأ عدد من الصيادين الفلسطينيين إلى الصيد بطرق بدائية، ضمن المساحات البحرية المتاحة لهم لعمليات للصيد، معتمدين على مسدسات خاصة بالصيد.
ويقوم هؤلاء الصيادين بالغوص الحر إلى قاع البحر للبحث عن الأسماك التي تتجمع حول الصخور أو تختبئ في جحورها، ليطلقوا عليها رؤوس مسدساتهم المدببة لاصطيادها.
وتعتبر عملية الغوص في البحر من أجل اصطياد الأسماك "مغامرة ومخاطرة"، خاصة في ظل عدم توفر أدوات الغوص اللازمة للغواصين، مثل أنابيب الأكسجين والبدل الخاصة بالغوص إضافة إلى الزعانف.
إلا أن توثيق هذه المغامرة دفعت أسعد إلى تعلم الغوص على مدار أشهر طويلة من خلال إلى تدريبات بدائية على أيدي صيادين هواة.
ويستذكر أسعد أول مرة غاص فيها في أعماق البحر بقوله "في البداية شعرت بالخوف خاصة واننا نغوص بإمكانيات بسيطة، ولكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور أمام الإعجاب الشديد لهذا العالم الذي أشاهده لأول مرة في حياتي".
ويضيف "شعرت برغبة كبيرة في نقل هذا الجمال لسكان القطاع أولا ومن ثم للعالم الخارجي وترسيخ صورة جميلة من داخل القطاع في أذهان الجميع"، منوها إلى ضرورة التركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة العامة.
ومنذ ذلك الحين، يغوص أسعد مع الصيادين أثناء عمليات الصيد، ويوثق تحرك الأسماك بأدوات تصوير بسيطة لا توازي تلك الكاميرات تحت المائية التي يتم استخدامها في العالم الخارجي.
ويقول "يرى الناس الأسماك على الأطباق لكنهم لا يعلمون كيف تعيش تحت الماء، لذلك وددت أن أنقلها إليها لأن الأسماك تعيش كقبائل واسراب وكان من الجميل تصوير هذه المشاهد بالإضافة إلى الكتل الصخرية المتكونة على شواطئنا".
وعادة ما يراقب "المصور المغامر" أحوال الطقس بشكل يومي، بالإضافة إلى مراقبة أمواج البحر، كي يتعرف على المواعيد التي يمكنه من خلالها الدخول إلى البحر وتوثيق عالم الأسماك فيه، تبعا لمدى صفاء مياه البحر.
ومع ذلك يواجه أسعد العديد من الصعوبات، من بينها محدودية معدات التصوير التي يستخدمها في توثيق الحياة البحرية على كاميرا مائية صغيرة، وعدم توفر معدات الغوص اللازمة لوصوله إلى عمق أكبر من ستة أمتار، وتلوث مياه البحر.