إلى متى هذا السؤال الذي يخطر في بال العديد من المتتبعين للأوضاع التي اجتاحت العالم، كوارث اقتصادية وتعليمية لا نعرف إلى ماذا ستؤول إليه! منظومات باتت تنهار وأعراف باتت تتغير ونحن مازلنا عاجزين عن تلافي كل هذه السلبيات.
كل مسؤول في العالم بات يقرر ويصرح بشيء يخالف عقائدنا وما جبلنا وتعودنا عليه ونحن بالتأكيد خاضعون ولا نملك التغيير أو حتى القرار، فالشعوب يعتقد كثيرون أنها لا تقرر ولكن في ظل وجود منظمة الأمم المتحدة التي من المفترض أنها تمثل شعوب العالم، بات اليوم لا بد أن نوجه لها خطابنا آملين أن نصل إلى قرار يعالج هذه الأزمات التي طفت على الساحة.
فعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة لغرس العديد من المبادئ وإرساء الحقوق والدساتير والقوانين حول العالم يأتي جزء من منظمة الأمم المتحدة ألا وهي منظمة الصحة العالمية لتنسف مجهود تجاوز الثمانين عاما للأمم المتحدة وتلغي اختصاصات بقية المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
فاليوم التعليم يمر بكارثة مع دلالات واضحة على أن الاستمرار على هذا الوضع يعني ارتفاع معدلات الأمية التي بقيت الأمم المتحدة لأعوام تحاول القضاء عليها والارتقاء بشعوب العالم.
فالأطفال اليوم محرومون من التعلم بسبب توجيهات منظمة الصحة العالمية ودول كثيرة ومنها الكويت قامت باختزال فترة تعليم الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى بساعتين بتسجيل فيديو أي ان شريحة كبيرة من الأطفال لن تتعلم، فالكل يعرف أن التعليم له أسسه وقواعده وبرنامج تربوي متكامل كيف سيختزل في فيلم مصور، إذا كان البالغون الراشدون إذا ما شاهدوا فيلما لا يستوعبونه فكيف إذن بالطفل الذي لم يتجاوز 6 أعوام ولا يعرف القراءة والكتابة أن يفهم؟!
حقيقة أنا أوجه ندائي لرئيسة منظمة اليونيسكو السيدة أودري أوزلاي أن يكون لها موقف دولي عالمي حول التعليم، فلابد أن يكون هناك تنسيق بينها وبين مؤسسات التعليم في مختلف دول العالم حتى نحمي أطفالنا من القرارات التي تطول التعليم والتي معظمها قرارات جديدة قد تؤثر سلبا على تعليم الأطفال.
فالأطفال لا بد ان يتعلموا بمعدل خمس إلى ست ساعات يوميا، ولا بد أن يكون هناك تفاعل بينهم وبين معلميهم، ولا بد ان تكون هناك بيئة تربوية حاضنة تكسبهم مهارات بعيدا عن أجواء منزلهم، فالطفل يجب أن يحتك بمجتمع المدرسة.
وعليه، ليتنا نسمع توصيات من اليونيسكو في كيفية توفير بيئة تعليمية حاضنة للأطفال ضمن الاشتراطات الصحية حتى لا يتضرر أطفالنا، فالبالغون الكبار نقول لهم تعليم عن بُعد معقول وهو افضل لهم، ولكن الأطفال كيف لهم؟ فمن درس علم النفس التربوي يعرف جيدا ما نعنيه حين نقول ضرورة أن تكون هناك أجواء مدرسية ومجتمع يحيط بالطفل.
لن نسمح بتدمير الأطفال، كفانا نحن البالغون المعاناة التي نعانيها مما نشهده من مشاكل الحياة، ولكن الأطفال نريدهم في منأى عن هذه الصراعات، لأن اجمل مرحلة في حياة الإنسان هي مرحلة الطفولة لأنه حين يكبر قد يجد في شبابه من يدمر أحلامه ويسقطها على الهاوية، ولكن على الأقل في طفولته لم يحرم من اللعب والمدرسة.
أطفال اليوم لا بد من إنقاذهم لأن هذه مسؤولية دولية، ويجب إيجاد حلول جذرية لهذه المعضلة، نريد توصيات أممية وتنسيقا دوليا حتى لا تكون هناك مقارنات بين شعوب العالم، لماذا هذه الدولة أفضل من الأخرى وعالجت الأزمة بطريقة أفضل؟
اليوم اليونيسكو تمثل العالم وعليها التصرف وإنقاذ التعليم وإبعاده عن السياسة لطالما قلنا مرارا وتكرارا إننا نريد أن يكون التعليم بمنأى عن السياسة حماية للأطفال والشباب من أن يكونوا ضحايا للقرارات غير المدروسة.
اليوم، نريد مقاربة بين الشعوب، نريد أن يحل السلام في العالم، نريد أن ننبذ العرقية والطائفية ونصل إلى مجتمعات آمنة، وهذا كله لن نصل إليه إلا من خلال التعليم وإذا ما تضرر التعليم سيتضرر العالم بأجمعه.
حقيقة نستغرب أنه في ظل هذه الجائحة لم نسمع أي تصريح من اليونيسكو أو توصيات وكأنها ستتخلى عن الهدف الذي أنشئت من أجله، فمنذ زمن بعيد لا أخبار عن اليونيسكو ولا أنشطة في الإعلام ونطالبها بضرورة عودتها الى دورها الرائد.