في كتابه «كيف تتحدث إلى أي شخص في أي وقت وفي أي مكان؟» يقدم عملاق المذيعين لاري كينغ عصارة تجاربه التي امتدت لأكثر من خمسة عقود وشكلت هذه القامة الإعلامية، مستعرضا تقنيات فريدة لفن الحوار والكلام لإذابة جبل الجليد والتخلص من رهاب مواجهة الجمهور وطرق التحاور مع الضيوف في مختلف المناسبات، وفي ظل ازدهار علم صناعة المحتويات الإعلامية وتزاحم الأفكار ووفرة المعلومات وتهافت الناس لكسب مساحات أكبر للتأثير أصبحت للكلمة سطوتها ولفنون الإلقاء والتقديم جاذبيتها فصار مهما امتلاك تلك المهارات.
تجاوز تشيرشل حالة التلعثم في صباه حتى أصبح أشهر رئيس وزراء لبريطانيا، وجوزيف غوبلز وزير الدعاية والإعلام يرسم الخارطة الكاريزمية لخطابات هتلر ليؤدي أدوارا تمثيلية في خطاباته جندت الحشود، وحسان بن ثابت رضي الله عنه بأشعاره وبلاغته يذود ببراعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعراب علم نفسية الجماهير «غوستاف لوبون» يفك شفرات نفسيات الجماهير لتهيئة الأجواء وصولاً لتأثير أكثر عمقا.
طلب أحد الرؤساء الأميركيين من هيوستن المعروف بقوة كلامه وإقناعه طلبا غريبا بأن يضم ولاية تكساس - والتي كانت تتبع المكسيك سابقا - إلى الولايات المتحدة الأميركية بدون استخدام أي وسيلة عسكرية، قبل هيوستن بالمهمة وفتح مكتبا للمحاماة في تكساس ولقوة إقناعه وبلاغته وأدائه الساحر فتن أهل تكساس وبدأ يزرع فيهم ضرورة الانفصال عن المكسيك والانضمام للولايات المتحدة كونها هي القوة القادمة في العالم، وفعلا بعد سنوات استطاع هيوستن أن يضم تكساس للولايات المتحدة بلسانه ودون أن تُطلق رصاصة واحدة! سحر الكلمة وقوة الأداء بالإلقاء هي صنعة العظماء وحصان طروادي لاختراق أسوار القلوب والعقول معا.
البدايات قد تكون قاسية أحيانا لكنها سرعان ما ستزهر بالرغبة والجد فمعقود اللسان ومن يفتقر لمهارات الخطابة والإلقاء بإمكانهم إذابة جبل الجليد مع ذواتهم والآخرين ويتمترسون بتقنيات مجربة وفعالة كالانخراط في دورات فنون الإلقاء والخطابة والتدرب على الخطابة والقراءة في سير العظماء في الإلقاء والخطابة، وكيف وصلوا لمرحلة الاتقان، بالإضافة إلى الاستماع إلى خطابات السياسيين والإعلاميين الملهمين لتغذية هذه المهارات.
al_kandri@