بيروت ـ عمر حبنجر وداود رمال
تم التكليف، وبقي التأليف، ولسان حال المستقبليين ان من اجتاز النهر لن يغرق في الساقية، ثقة منهم بأن جرعات الدعم الخارجية والداخلية التي وفرت للرئيس المكلف سعد الحريري تخطي حواجز الميثاقية والفئوية التي وضعها الرئيس ميشال عون و«التيار الحر» بطريقه الى التكليف، لن تسمح بإعاقة تأليفه للحكومة.
وقد سلم الرئيس عون بعملية التكليف، استجابة لهواتف اميركية وفرنسية، بعد تعطيلها اسبوعا، ومثلها ليتعذر ايجاد مرشح منافس للحريري، متوعدا الأخير بملاقاته في ساحة التأليف والتي يفترض فتحها اعتبارا من اليوم.
الرئيس عون اقر بعملية التكليف لكنه لن يفعل ذلك في التأليف، ومع ذلك من شبه المسلم به ان الحريري عائد الى السراي بعد سنة من مغادرتها تحت وطأة «ثورة 17 اكتوبر» مدعوما بالمبادرة الفرنسية وبالقبول الأميركي، الأولى تقدم الافكار وعروض المساعدة والآخر يلوح بسيف العقوبات والطرفان يستعجلان تشكيل الحكومة، ومعهما الجهات العربية المسموعة الكلمة في هذه الايام.
ولكن هل سيكون بوسع الحريري تشكيل حكومة على غرار ما وعد به إنفاذا لوصية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أي حكومة لمهمة محددة، تتألف من اختصاصيين مستقلين ام ان «ديون» التكليف ستتحول عبئا ثقيلا على عواتق التأليف؟ النائب نهاد المشنوق الذي فاجأ الجميع بتسميته الرئيس الحريري أمل ان لا تكون تعقيدات تأليف الحكومة اكبر من قدرات المبادرة الفرنسية.
وقال المشنوق: نحن تحت وصاية او احتلال ايران لإرادتنا، وعن موقفه المفاجئ من تسميته الحريري قال: الخلاف سياسي والاتفاق سياسي، وانا اتصلت به عند حصول التظاهرة امام منزله، نافيا ربط موقفه بأي جهة داخلية او خارجية.
وثمة مفاجأة ثانية تمثلت بتسمية كتلة نواب «الحزب القومي السوري الاجتماعي» برئاسة اسعد حردان للرئيس الحريري ما يعكس طبيعة توزع الأدوار الذي يمارسه «حزب الله» الذي لم يسم نوابه الحريري، لكن حلفاءه وعلى رأسهم حركة «أمل» والحزب القومي سموه، نفس اللعبة مارسها تكتل لبنان القوي برئاسة جبران باسيل، حيث امتنع نواب التيار عن التسمية ومعهم كتله «ضمانة الجبل» برئاسة طلال ارسلان الذي غاب عن وفد الكتلة الذي امتنع عن التسمية، في حين خرجت كتلة النواب الارمن (حزب الطاشناق من صف التكتل) لتسمي الحريري وانضم اليها النائب جان توروزيان، عضو كتلة «القوات اللبنانية»، الذي قرر التسمية بمعزل عن امتناع كتلة «القوات» عنها، وقال مبررا: انا عضو في الكتلة وليس في «القوات» ولكل منا وجهة نظره، رافضا اعتبار موقفه انشقاقا، وقال: البلد بحاجة الى حكومة.
وفي سياق المفاجآت كانت تسمية نائب «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) عدنان طرابلسي لأول مرة في تاريخ علاقة «الأحباش» بسعد الحريري وذلك عن طريق المراسلة بسبب غيابه عن وفد «اللقاء التشاوري» الى بعبدا لدواع صحية، علما ان الطرابلسي هو ثاني عضو في اللقاء يسمي الحريري بعد النائب جهاد الصمد.
عدم تسمية «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» غائب امام حضور كتلة «المردة» والنواب المسيحيين المستقلين، وقد اعترف رئيس «التيار الحر» باسيل بأن الميثاقية بخير، لقد اخذ الحريري «المردة» والمسيحيين المنفردين والأرمن ليكون سليمان فرنجية حليفه الماروني الأول وربما بما بعد الحكومة.
وتم التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد تسميته الرئيس سعد الحريري من 65 نائبا، وامتناع 53 نائبا عن التسمية وغياب نائبين، وقد أبلغ عون رئيس مجلس النواب نبيه بري بحصيلة الاستشارات، فيما تم استدعاء الرئيس الحريري الى القصر الجمهوري لتكليفه.
وشدّد بري على أن الجو تفاؤلي خاصة بين الرئيسين عون والحريري وبوجه أخص في المستقبل بين تياري «المستقبل» و«الوطني الحر»، آملا أن تشكّل الحكومة في أسرع ما يمكن.
وبعد تبلغه مرسوم التأليف توجه سعد الحريري من بعبدا الى اللبنانيين الذين يعانون الصعوبات الى حد اليأس: بأنني عازم على الالتزام بوعد مقطوع لهم بالعمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا، وعلى اعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ الرهيب وانني سأنكب بداية على تشكيل الحكومة بسرعة لأن الوقت داهم، والفرصة امام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والأخيرة.
وانسجاما مع السرعة المطلوبة حدد الحريري موعد استشاراته غير الملزمة للنواب في مبنى البرلمان (ساحة النجمة) من الساعة الواحدة والنصف الى الخامسة من بعد ظهر اليوم، تحت عنوان: خير البر عاجله.