في غضون السنوات الخمس المقبلة، من المتوقع أن يحتاج نصف العاملين إلى صقل مهاراتهم أو إعادة التأهيل - والتي تعني تدريب العامل من أجل اكتساب مهارات جديدة أو تحسينها - مع ترسيخ الاضطراب المزدوج للتأثيرات الاقتصادية التي خلفها الوباء والحاجة لمزيد من الأتمتة.
فبعد سنوات من تفاوت المداخيل الآخذة في الزيادة والمخاوف حيال عمليات محو الوظائف نتيجة مزاحمة التكنولوجيا، فإن الصدمة الصحية والاقتصادية معا في عام 2020 تركت بصمتها فيما يتعلق بأهمية ثقل المهارات.
وتأتي هذه الرؤية في سياق أحدث تقرير حول مستقبل الوظائف صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، حيث يحدد وظائف ومهارات المستقبل، كما يتبع التغييرات التي تطرأ على سوق العمل.
ويمكن أن يوفر الاضطراب التكنولوجي الشديد وسيلة لخلق الوظائف، فضلا عن المساعدة على تعلم مهارات جديدة.
ويقول مؤسس ورئيس منتدى الاقتصاد العالمي «كلاوس شواب» من خلال التقرير: «لدينا الوسائل اللازمة لإعادة تأهيل الأفراد وتدريبهم بأعداد غير مسبوقة، ولنشر شبكات أمان دقيقة تحمي العمال العاطلين، ولإنشاء خرائط مخصصة نعمل على توجيه هؤلاء العمال نحو وظائف الغد».
المستقبل في أرقام
ويقدر التقرير أنه بحلول عام 2025، ستتراجع الوظائف الزائدة عن حاجة العمل من كونها تمثل 15.4% من القوى العاملة إلى 9%، في حين ستنمو وظائف المتخصصين من 7.8% إلى 13.5% من إجمالي قاعدة الموظفين في الشركة المستطلع آراؤهم خلالها.
وتعني هذه التقديرات أنه سيتم محو نحو 85 مليون وظيفة عن طريق التحول في تقسيم العمل بين البشر والآلات بعد خمس سنوات من الآن، في مقابل إضافة نحو 97 مليون وظيفة قد تكون أكثر تكيفا مع هذا التقسيم الجديد.
أفضل 10 مهارات
من شأن تبني التكنولوجيا بدرجة أكبر أن يترجم إلى تغيير في المهارات المطلوبة عبر الوظائف خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يعني أن فجوة المهارات ستظل كبيرة.
أما بالنسبة لأولئك العمال الذين سيبقون في مناصبهم، فإن نسبة المهارات الأساسية التي ستتغير بحلول عام 2025 ستكون 40%، كما سيحتاج 50% من كل الموظفين لإعادة التأهيل بزيادة 4% عن التقرير السابق.
ويأتي التفكير وحل المشكلات في الصفوف الأولى لقائمة أفضل 10 مهارات التي يعتقد أصحاب العمل أنها ستنمو في غضون السنوات الخمس المقبلة، لتواصل الحفاظ على صدارة القائمة منذ النسخة الأولى لهذا التقرير والصادرة في عام 2016.
لكن خلال تقرير هذا العام، أدخل على قائمة العشرة الأفضل مهارات جديدة مثل التعلم التفاعلي والمرونة وتحمل الضغوط.
وجاءت أفضل 10 مهارات يتطلبها سوق العمل بحلول عام 2025 كالتالي: في المركز الأول التفكير التحليلي والابتكار، يليه ثانيا التعليم التفاعلي واستراتيجيات التعلم، ثم ثالثا حل المشكلات المعقدة، أما رابع أفضل المهارات فجاء التفكير النقدي والتحليل، وخامسا الإبداع والمبادرة، ومن بعدها القيادة والتأثير الاجتماعي سادسا، يليه سابعا استخدام التكنولوجيا والمراقبة والتحكم، وثامنا تصميم التكنولوجيا والبرمجة، وأخيرا المرونة وتحمل الضغوط، بالإضافة إلى الاستنتاج وحل المشكلات والتصور في المركزين التاسع والعاشر على التوالي ضمن قائمة أفضل المهارات.
كم من الوقت ستستغرق عملية إعادة التأهيل؟
تتوقع الغالبية العظمى من قادة الشركات (حوالي 94%) الآن أن يكتسب الموظفون مهارات جديدة في الوظيفة، وهو ما يمثل ارتفاعا حادا عن 65% المسجلة في عام 2018.
ويعتقد المشاركون في مسح مستقبل الوظائف أن حوالي 40% من العمال سوف يحتاجون الى إعادة تأهيل مهاراتهم لمدة ستة أشهر أو أقل، لكن هذا الرقم سيكون أعلى بالنسبة لأولئك العاملين في قطاعات الاستهلاك والصحة والرعاية الصحية.
في حين أن نسبة العمال الذين هم بحاجة الى إعادة التأهيل في غضون ستة أشهر ستكون أقل من 40%، لأنهم يحتاجون إلى المزيد من البرامج التي تستغرق وقتا أطول.
وبحسب 39% من أصحاب العمل، سيتم تقديم التدريب للموظفين داخل الشركات، لكن سيتم استكمال 16% من التدريب من خلال منصات التعلم عبر الإنترنت و11% من خلال المستشارين الخارجيين، كما يقول «شواب».
وساهم وباء «كوفيد-19» في تسريع اتجاه إعادة التأهيل عبر الإنترنت، حيث إن منصة التعليم الإلكتروني «كورسيرا» شهدت خلال الفترة بين أبريل وحتى يونيو من هذا العام زيادة بنحو أربعة أمثال في عدد الأشخاص الذين يبحثون عن الفرص بأنفسهم.
كما أن فرص التعلم عبر الإنترنت التي يوفرها أصحاب العمل زادت بنحو خمسة أمثال، فيما كانت هناك زيادة بنحو تسعة أمثال في تسجيل المتعلمين عبر برامج حكومية.
ويشير التقرير الذي نشرته «أرقام» إلى أن الأمر قد يستغرق من شهر إلى شهرين لاكتساب واحدة من بين أفضل 10 مهارات في الوظائف المتخصصة الناشئة عبر الأشخاص والثقافة وكتابة المحتوى والمبيعات والتسويق.
فيما تحتاج تنمية المهارات المرتبطة بتطوير البيانات والذكاء الاصطناعي من شهرين إلى ثلاثة أشهر، بينما يمكن لبرنامج تعلم مدته أربعة أشهر أن يساعد الأشخاص على الانتقال إلى وظائف في الحوسبة السحابية.
وتشير هذه الأرقام إلى أنه رغم تعلم مجموعة جديدة من المهارات يمكن الوصول لها بشكل متزايد من خلال التقنيات الرقمية، إلا أن الأفراد سيحتاجون كذلك الى الوقت والتمويل حتى يكونوا قادرين على السعي وراء فرص جديدة.