يختصر المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن سياسته الخارجية باستعادة زعامة الولايات المتحدة، ويهدف على ما يبدو إلى نسف ما تحقق في حقبة دونالد ترامب، لكن في حال انتخابه رئيسا، سيكون عليه التعامل مع عالم مختلف ولا يمكنه الاكتفاء بمجرد عودة إلى الوراء.
وكتب نائب الرئيس السابق في نشرة «فورين أفيرز» في بداية السنة الجارية أن «مصداقية وتأثير الولايات المتحدة في العالم تراجعا منذ أن غادر الرئيس باراك أوباما وأنا السلطة». ووعد بأن يعمل «لتقود أميركا مجددا العالم».
وفي العديد من القضايا يبدو التناقض مع ترامب واضحا.
فبايدن يريد الانضمام مجددا ومن اليوم الأول لولايته الرئاسية، إلى اتفاق باريس حول المناخ الذي انسحب منه الرئيس الجمهوري، ثم إعادة العلاقات مع منظمة الصحة العالمية التي تم التخلي عنها في أوج وباء كوفيد-19.
وهو يقترح تنظيم «قمة للديموقراطيات» في السنة الأولى من ولايته الرئاسية لتلميع صورة الولايات المتحدة، وتأكيد تمسكها بالتعددية من جديد بعدما هوجمت لأربع سنوات، ثم التقرب من جديد من حلفاء غربيين أساءت ديبلوماسية ترامب معاملتها.
المواجهة مع الصين
رأت سيليا بيلين من مركز «بروكينغز اينستيتيوشن» أن «هناك خطرا» أن يكون بايدن (77 عاما) يرى العالم كما كان عندما انتهت ولايته وليس كما هو اليوم.
وقالت لفرانس برس «لكن العالم تغير وترامب غيّر اللعبة في الكثير من المواضيع إلى درجة أن هذا لم يعد ممكنا».
في الواقع وفي اليسار، غير المستشارون الشباب المبادئ.
من جهتها، قالت كاترينا ماليغان من مركز «أميريكان بروغريس» (التقدم الأميركي) القريب من الديموقراطيين «بشكل عام لا أعتقد أن السياسة الخارجية لبايدن ستكون إعادة صياغة للسياسة الخارجية في عهد أوباما».
وأضافت أنه «سيكون على هذه الرئاسة التعامل مع صعود الاستبداد من جديد وواقع أن الديموقراطية لم تعد في طور الاتساع في جميع أنحاء العالم».
من جهته، حذر وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون من أن القارة العجوز يجب ألا تعتبر في حال حدث التغيير، ان «الوضع سيكون كما كان قبل انتخاب الرئيس ترامب».
وأضاف لصحافيين في واشنطن «باعتقادي، ستستمر توجهات معينة في رئاسة ترامب - الضغط على الاتحاد الأوروبي بشأن مشاركته في الجهود الدفاعية والحزم في مجال التجارة والمواجهة مع الصين - بطريقة أو بأخرى».
أسلوبان مختلفان
وبمعزل من أسلوبيهما المتناقضين وتكتيكاتهما المختلفة، يلتقي بايدن وترامب حول عدد من القضايا الكبرى.
فقد حاول ترامب الحديث العهد في السياسة «وضع حد للحروب التي لا تنتهي» وبدأ بدون مشاورة، سحب الجنود من سورية والعراق وأفغانستان.
أما بايدن السيناتور لـ36 عاما، فسيتولى المنصب محملا بأعباء كبيرة بعدما صوت خصوصا لمصلحة الحرب على العراق في 2003.
لكنه اعترف بأن ذلك كان (خطأ) وغير موقفه مع تعبير الرأي العام عن ملل متزايد من النزعة التدخلية الأميركية.
لذلك، من غير المرجح أن يرسل بايدن قوات كبيرة إلى أفغانستان بل سيعتمد على مهمات القوات الخاصة في مكافحة الإرهاب.
ويبدي بايدن الذي يمثل طبقة حاكمة تأمل منذ فترة طويلة في أن تتحول الصين إلى الديموقراطية مستفيدة من انفتاحها الاقتصادي، تبدى في موقفه في هذا الشأن أيضا بينما تتواجه واشنطن وبكين فيما يبدو حربا باردة جديدة.
ويصر المرشح الديموقراطي حاليا على أن الولايات المتحدة يجب أن تكون حازمة مع الصين، كما لو أنه يسعى إلى تجنب انتقادات ترامب الذي يتهمه بأنه «ضعيف» ويمكن التلاعب به بسهولة.
ويرى بيل بيرنز الديبلوماسي السابق الذي يرأس حاليا مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن إدارة هذه المنافسة الاستراتيجية ستحدد نجاح أو فشل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وقال بيرنز إن إدارة بايدن ستركز أكثر على إنشاء شبكة من التحالفات في آسيا ليس بهدف منع صعود الصين لأن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل ذلك، بل من أجل رسم بيئة نشأتها.
تبقى معرفة ما إذا كان بايدن سيعتمد في حال فوزه على هوامش مناورات أوجدها الرئيس الحالي، فيما يتعلق بالصين والتجارة والمواجهة النووية مع إيران أو كوريا الشمالية، أو أنه كما تساءلت سيليا بيلين «سيميل، كما فعل ترامب، إلى محو كل ما فعله سلفه ليبدأ من الصفر؟».
وأوضحت أنه يمكن أن يواجه بذلك شركاء منهكين.