بيروت ـ عمر حبنجر
أجرى الرئيس المكلف سعد الحريري امس سلسلة الاستشارات النيابية غير الملزمة عقب تكليفه تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أن «اللقاءات كانت ايجابية والتركيز كان على الإصلاحات والحكومة ستكون حكومة اختصاصيين»، مؤكدا أنه «علينا العمل على استعادة الثقة سواء في الداخل أو على مستوى المجتمع الدولي، إضافة إلى السعي لجذب الرساميل عبر تنفيذ الإصلاحات».
وكان الرئيس الحريري انتقل بعد تكليفه، الى تأليف الحكومة بدءا من الاستشارات النيابية التي أجراها، أمس، في مبنى مجلس النواب، الذي أعيد ترميم ما تضرر منه جراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس، مدعوما ببركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومراقبة الرئيس ميشال عون، ومتابعة النائب جبران باسيل، الذي وضع معادلة «الحريري وجبران داخل الحكومة، أو الحريري وجبران خارجها»، وراءه، متقبلا وجوده بعيدا عن حكومة الحريري الجديدة، وان على مضض.
ولفت الحريري إلى أن رهانه اليوم يقع على إدراك الجميع لخطورة ما وصل إليه البلد، مشددا على أننا «لم نصل إلى مكان مسدود بعد ونستطيع الخروج من الازمة إلا ان الامور قد تحتاج إلى وقت والطريق الوحيد هي الاسراع بتشكيل حكومة تعمل على تنفيذ الاصلاحات الواردة في المبادرة الفرنسية».
الترحيب بتكليف الحريري، شابه شكوك، بألا يفلح في إصلاح واقع الحال، قياسا على تجربته السابقة في 3 حكومات متتالية.
والسؤال المطروح في بيروت، كيف سيتسنى للرئيس الحريري اصلاح الحال البائس، بالتعاون مع الطبقة السياسية عينها، المسؤولة عن هذا الواقع الاقتصادي والمعيشي الكارثي؟ فيما المجتمع الدولي الذي وفر له الفرصة عبر المبادرة الفرنسية، يقول ويكرر بأن متابعة العمل على الطريق التقليدية الموسومة بالفساد غير مقبولة.
في الاستشارات التي بدأت بعد صلاة الجمعة، وانتهت قبل الغروب، استمع الحريري الى آراء الكتل ومطالبها، بعدما حدد مواصفات حكومته، حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، تتألف من 20 وزيرا وليس 14 كما لحظت المبادرة الفرنسية، مهمتها تنفيذ الخطة الاقتصادية من المبادرة الفرنسية.
النائب المستقيل بولا يعقوبيان شككت بصمود «حكومة النبيه»، معتبرة في تغريدة لها أن هذه الحكومة من ترتيب رئيس المجلس نبيه بري وقالت: المافيا تعيد ترتيب أوضاعها في جولة تحد جديدة للبنانيين، بدعم من الخارج وبالتكامل والتضامن مع بعضهم، حيث يعيدون إنتاج الطغمة ذاتها التي أوصلت لبنان إلى الحضيض.
واضافت: «الثورة مستمرة، وحكومة النبيه لن تصمد».
حزب الله لم يسم الحريري، لكنه لم يسم أحدا غيره، وهنا الوجه الايجابي في موقفه، وقد شارك الحزب في استشارات التأليف، تاركا للرئيس بري معالجة الامور حتى لا توصف حكومة الحريري، بحكومة حزب الله، كما كانت تعرف حكومة حسان دياب، فالحزب يدرك أن العيون الاميركية عليه، وقد قصفته وزارة الخزانة الاميركية بعقوبتين امس استهدفتا عضوي مجلسه السياسي، وهما الشيخ نبيل قاووق والشيخ حسن بغدادي.
على ان حصة الثنائي محفوظة لدى الرئيس الحريري الذي سبق أن تعهد بإعطائهما وزارة المال، لمرة أخيرة، كما وعد وليد جنبلاط، بوزارتين إحداهما وازنة، قد تكون وزارة الصحة مما سيفتح الباب لمطالبة الكتل الأخرى بحصتها من وزراء «الاختصاص المستقلين»، وخصوصا التيار الوطني الحر، الذي امتنع عن التسمية انما قرر المشاركة ووافقه الحريري على لعب دور الشريك المضارب، ليضمن توقيع الرئيس عون على مرسوم تأليف الحكومة لاحقا.
«القوات اللبنانية» التي لم تسم في استشارات التأليف، شاركت في استشارات التأليف وهي لم تسم قبلا الرئيس مصطفى اديب، «لأننا كنا واثقين بأنه سيعتذر»، كما قال مسؤول التواصل والإعلام في «القوات اللبنانية» شارل جبور، معتبرا ان الخطيئة التاريخية التي ارتكبت في لبنان منذ اتفاق الطائف تمثلت بعدم نزع سلاح حزب الله.
ويلاحظ ان الرئيس ميشال عون انتخب في 31 أكتوبر 2016 قبل 3 ايام من انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأول مرة، في حين جاء تكليف الحريري بتشكيل الحكومة قبل 10 أيام من الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة.
الراهن ان التأليف، كما التكليف، بحاجة الى التفاهم بين المواقع الرئاسية الثلاثة وهذا ما سيحصل، بري تحدث عن تقارب بين المستقبل والتيار الحر، والحريري قال: اذا تطلبت مصلحة البلد التفاهم مع الجميع فمن المفترض تغليب مصلحة البلد، وجبران باسيل، الذي حضر الى مجلس النواب على رأس كتلة «لبنان القوي» ليكون لقاءه الأول مع الرئيس الحريري منذ استقالة الحكومة التي كانت تجمعهما، قال: بلسان العهد «موقفنا سياسي بحت وليس شخصيا وعلى هذا الأساس».
بالعودة الى الاستشارات فقد استهلت بالرئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي الذي دعا لحكومة من اهل الاختصاص.
أما الرئيس الأسبق للحكومة تمام سلام فدعا الى حكومة انقاذية وفريق عمل متجانس لان المقاربة الاصلاحية بحاجة الى عمل مكثف.
النائب ايلي الفرزلي طالب بحكومة اختصاصيين تقوم على مبدأ التضامن الوزاري عبر فريق عمل حقيقي.
وتحدث النائب انور الخليل باسم كتل «التنمية والتحرير» داعيا الى: وجوب الاسراع بحكومة اختصاص تراعي الكفاءة، مشيرا الى تعهد الحريري بالعمل 24/24 للتمكن من تأليف الحكومة التي يريدها لتنطلق مباشرة الى العمل في أسرع وقت.
«كتلة ضمانة الجبل» تحدث باسمها ماريو عون فدعا الى حكومة اختصاصيين في التمثيل.
بدوره، رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل قال: قمنا بواجبنا الدستوري بتلبية دعوة الحريري للاستشارات.. حديثنا منفتح وصريح وهذا يؤكد عدم وجود مشكلة شخصية.
وأضاف: «نحنا ايجابيين لأقصى الحدود يهمنا تشكيل الحكومة بأسرع وقت»، وقال: لم نطرح اي مطلب او شرط سوى ان تكون هناك معايير واضحة ومحددة لكل الاطراف. ونطالب ان تكون حكومة تكنوسياسية اي دعم سياسي ولكن ان يكون لديهم القدرة والاختصاص والكفاءة.
كتلة «المستقبل» تحدث باسمها النائب سمير الجسر قائلا: الكتلة تركت أمر التأليف للرئيس الحريري، أما النائب محمد رعد فقال باسم كتلة «الوفاء للمقاومة»: أكدنا ضرورة التوجه للتفاهم مع كل الكتل والقوى السياسية لتحصين الحكومة وحماية دورها وتوفير جو من الثقة العامة، ونصحنا بأن يكون لكل وزير حقيبة وبالتالي الذهاب إلى حكومة غير مصغرة تكون من 22 إلى 24 وزيرا.
النائب فريد الخازن تحدث باسم «التكتل الوطني» من مجلس النواب قائلا: لابد من تشكيل حكومة سريعا ولا امكانية للتلهي بالمشاكل السياسية.
«اللقاء التشاوري» قال: امتنعنا عن تسمية الحريري في التكليف ولكننا نتمنى على حكومة الحريري أن تنتزع ثقتنا والأهم أن تنتزع ثقة اللبنانيين.
أما النائب تيمور جنبلاط فقال باسم كتلة «اللقاء الديموقراطي» بعد لقاء الحريري: يجب أن تتشكل حكومة اختصاصيين بأسرع وقت وندعو البعض الى عدم عرقلة تشكيلها.
️من جانبه، قال النائب جان عبيد باسم كتلة «الوسط المستقل» بعد لقاء الحريري: نحن بتصرف الحريري من دون قيد أو شرط ولا شروط لدينا وسنخدم من دون أن نحكم وهذه القاعدة الذهبية، ويجب تسهيل الأمور لأن الأزمة تطول الجميع.
النائب أسعد حردان باسم «الكتلة القومية الاجتماعية» قال بعد لقاء الحريري: الاصلاحات هي الشعار المرفوع لكن يهمنا الأمن الاجتماعي ونريد حكومة في أقصى سرعة.
وأكد ️النائب الوليد سكرية باسم «اللقاء التشاوري» بعد لقاء الحريري: عملية الانقاذ تتطلب نهجا جديدا ومن منطلق تغليبنا للمصلحة الوطنية نتمنى أن تتمكن حكومة الحريري من نزع ثقتنا وثقة اللبنانيين.
وتحدث النائب هاغوب بقرادونيان باسم كتلة نواب الأرمن بعد لقاء الحريري، قائلا: نأمل الاسراع في تشكيل الحكومة ولمست عند الحريري الانفتاح ومد اليد والحوار مع الجميع. وأضاف: أبدينا كل الاستعداد لتحمل المسؤولين في الحكومة العتيدة.