- المالية العامة للكويت شهدت ضغوطاً غير مسبوقة بالسنوات الخمس الأخيرة نتيجة تذبذب أسعار النفط
- إعادة تقييم سعر برميل النفط بالميزانية عند 30 دولاراً.. هبطت بالإيرادات التقديرية إلى 7.5 مليارات دينار
أحمد مغربي
لا يخفى للمتابع للشأن الاقتصادي في الكويت ان الادارة الاقتصادية تعمل على تحسين مركز الكويت في سلم التنافسية الدولية، عبر تطوير بيئة الاعمال وتعزيز مستويات الكفاءة والشفافية والحوكمة والحد من تفشى البيروقراطية والهدر المالي.
وتتبنى الإدارة المالية برنامج إصلاح مالي يهدف الى تعزيز وتنويع مصادر الإيرادات العامة غير النفطية، ورفع كفاءة القطاع الحكومي، والحد من الهدر في المصروفات والنفقات الحكومية، حيث يتطلب تنويع مصادر الايرادات برنامج اصلاح اقتصادي مواز يعيد هيكلة الاقتصاد، ويخلق بيئة فعالة وجاذبة لممارسة الأعمال، ويدعم دورا رائدا للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
غياب الضرائب
وفي هذا السياق، قال مصدر رفيع المستوى لـ«الأنباء» ان الإنفاق العام هو الاداة الرئيسية للسياسة المالية بالكويت، وذلك بسبب غياب الضرائب المباشرة على الشركات والأعمال والأفراد، باستثناء ضريبة الدخل على الاستثمارات الأجنبية، ومحدودية الضرائب غير المباشرة ويستهدف الانفاق العام المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، ودعم سبل الحياة الكريمة، وتوفير المنافع والخدمات العامة الاساسية.
وقال ان الإنفاق العام بشقه الجاري، المكون بنسبة كبيرة من المرتبات والأجور الدعومات، يلعب دورا مهما في المحافظة على استقرار مستوى المعيشة، وتحفيز الطلب المحلي، بينما يستأثر الشق الرأسمالي مع الإنفاق العام بدور تنموي هام من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية، كما تحرص الدولة على تعزيز دور القطاع الخاص في المشروعات الأساسية والتنموية عبر برنامج الشراكة بين القطاعين.
وذكر ان المالية العامة في الكويت تعرضت على مدى السنوات الخمس الاخيرة لضغوطات هائلة بسبب الانخفاض الكبير لأسعار النفط، وقد تصدت الادارة المالية لهذه الضغوط عبر الحد من جوانب الهدر في التقديرات الأولية لمصروفات الجهات الحكومية، وترشيد النفقات الجارية، وضبط آلية إنشاء مؤسسات وهيئات عامة جديدة، والعمل على دمج الجهات ذات المهام المتشابهة او المتداخلة.
تعديل الميزانية
وفي هذا السياق، وبسبب الضغوط الاستثنائية التي فرضتها تداعيات جائحة فيروس كورونا، بالتزامن مع الانخفاض الحاد لأسعار النفط، وانخفاض في حصة إنتاج النفط الكويتي في ضوء الاتفاق الأخير المبرم بين منظمة أوپيك وحلفائها، قامت الإدارة المالية بإعادة تقدير السعر التحوطي لبرميل النفط في الميزانية العامة من 55 دولارا الى 30 دولارا، مما أدى الى انخفاض اجمالي الايرادات العامة التقديرية من نحو 14.8 مليار دينار الى 7.5 مليارات دينار.
وفي جانب المصروفات، تم تخفيض مخصصات عدد من بنود انفاق الجهات الحكومية بنسب تراوحت بين 30% و 50% واكثر من ذلك في بعض الحالات، حيث شملت البنود التي طالها التخفيض المهمات الرسمية، والتدريب المحلي والخارجي والمؤتمرات والمعارض، وشراء الآلات والمعدات والأثاث، ونفقات الضيافة، وبنود أخرى.
وقد نتج عن ذلك تخفيض تقديرات مصروفات الميزانية من 22.5 مليار دينار الى نحو 21.5 مليار دينار، أي تقليص مليار دينار فقط، وفي هذا السياق أكدت الادارة المالية على مبدأ المحافظة على حقوق ومكتسبات موظفي الدولة، وعدم المساس بالمستوى الحقيقي لمعيشة المواطنين.
الاستقرار النقدي
وبالتوازي مع السياسية المالية المتزنة، تستهدف السياسة النقدية في الكويت بشكل أساسي الحفاظ على الاستقرار النقدي وتأمين ثبات العملة الوطنية في مقابل العملات الدولية، بهدف الحد من الضغوط التضخمية، ويتيح نظام سلة العملات، الذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف الدينار الكويتي، لبنك الكويت المركزي قدرا كبيرا من المرونة يمكنه من تعزيز مناخ الاستقرار النقدي، والمساهمة في امتصاص اثر التقلبات الحادة في أسعار صرف العملات العالمية المعومة.
كما تهدف هذه السياسة الى توجيه الانتماء المصرفي بما يساعد على تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وزيادة الدخل القومي، كما تهدف الى المحافظة على الاستقرار المالي للنظام المصرفي من خلال استخدام الأدوات التحوطية ومراقبة السيولة المصرفية والائتمان المصرفي.
وعلى الرغم من درجة الانفتاح العالمية للاقتصاد المحلي، والأهمية النسبية الكبيرة للدولار الأميركي في سلة عملات الدينار الكويتي، الا أن السياسة النقدية المحلية تولي اهتماما رئيسيا لمؤشرات اداء الاقتصاد الوطني، وقطاعاته غير النفطية على وجه الخصوص، وتطور مؤشرات نمو الائتمان والودائع عند تحديدها لسعر خصم الدينار الكويتي، حيث يتمتع البنك المركزي بقدر ملموس من الاستقلالية عن المنطقة الدولارية.
السياسة التجارية
ونظـــرا للظــــروف التي فرضتها الصدمتين الخارجيتين، الصحيــة والنفطية، فإن السياسة التجارية للدولة، والتي تعمل أساسا من خلال حسابات ميزان المدفوعات، والمشار إلى تطوراته أعلاه، تحرص على استمرار تعزيز المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية، لاسيما من خلال الجمعيات التعاونية، ونقاط تجارة الجملة والتجزئة الأخرى.
وذلك للتكيف مع فترة احتواء نتائج انتشار فيروس كورونا، والانتقال تدريجيا الى استعادة النشاط الاقتصادي.
وعلى المستوى المحلي، مثلا، تستمر توجهات «مركز الكويت للأعمال» في العمل على تعزيز سرعة اتخاذ القرارات الهادفة الى المزيد من توفير البيئة المناسبة لإدارة الأعمال، وحسب آخر الإحصاءات المتاحة، لغاية نهاية عام 2019، فقد منحت وزارة التجارة والصناعة، من خلال المركز، حوالي 1478 ترخيصا، توزعت بين 1394 لشركات الأشخاص، و23 للشركات الحرة المتناهية الصغر، و61 للمركبات المتنقلة.
أما على المستوى الدولي، فتستند توجهات تعزيز دور السياسة التجارية للدولة الى حرية التجارة الخارجية، والابتعاد عن الحمائية، والانفتاح على بقية أنحاء العالم حيث إن الكويت تميزت منذ نشأتها بانفتاح تجاري واسع وتواصل مع ثقافات وبيئات حضرية متنوعة وذلك بحكم موقعها الجغرافي المتميز.
960 مليون دينار.. الاستثمارات الأجنبية المباشرة
كما تحرص الدولة، ايضا، على المزيد من الانفتاح التجاري على أنشطة الاستثمار الأجنبي المباشر، وضمان ملكيته لكل حقوق التملك، وفق ضوابط تخدم الاقتصاد الكويتي، وتحمي بعض الأنشطة الاستراتيجية المحلية، حيث وصلت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل الكويت، منذ الأول من يناير 2015 ولغاية الآن حوالي 960 مليون دينار، تضمن 37 كيانا استثماريا أجنبيا.
وقد حققت الكويت تطورا ملموسا في ترتيب الدول، البالغ 190 بلدا، ضمن مؤشر ممارسة الأعمال الصادر عام 2020، حيث كانت ضمن 20 دولة ممن شهدوا تحسنا في ترتيب الدول. وتجسد ذلك في الانتقال من المرتبة 97 الى 83، مقارنة بالعام السابق.
2000 بيان إلكتروني.. يومياً
ضمن توجهات السياسة التجارية الحالية، والمستقبلية، على معالجة العديد من المشاكل المرتبة بمؤشر التجارة عبر الحدود فوفقا لموقع الجمارك الالكترونية للكويت، فإن الإدارة العامة للجمارك تعمل للتطوير ليشمل عددا من الإجراءات وهي: إتمام كافة إجراءات الاستيراد والتصدير بشكل إلكتروني ومعالجة أكثر من 2000 بيان إلكتروني بشكل يومي، واعتماد واجهة واحدة للتصريح بتدفق البيانات بين القطاعات المختلفة، وحصول القطاعات الجمركية بشكل مسبق على المعلومات، وتفعيل التكامل لأكثر من عشرة مواقع جمركية مختلفة برا وبحرا وجوا ومراكز البريد والمناطق الحرة والمستودعات الجمركية، وغيرها من الإجراءات التي من شأنها تيسير التجارة عبر الحدود.