لا يخفى على الكثيرين النظام الإلكتروني الجبار (أبشر) في المملكة العربية السعودية، ولا يسعني الحديث عنه إلا أن أبدي إعجابي بهذا العمل المميز والمهم لتسهيل وتنظيم العمل الإداري بين المؤسسات الحكومية والمواطن ولا أجد له من كلمة تختصر هذا العمل المهم وما يقدمه من خدمات للمواطنين هناك إلا بـ «الإحسان» وما الإحسان إلا نقيض الإساءة، وليس المقصود هنا بالإحسان بالتفضل أو التمنن، بالعكس الإحسان هنا الإتقان وتقديم الأفضل دائما، ولا أقل من ذلك إلا أنك كمسؤول أن تأخذك الغبطة أو الغيرة أو أي كان، المهم أن تقدم عملا كهذا العمل أو أرقى منه وخصوصا مع وجود فارق العدد بين الدول، فعدد المخدومين أو المشمولين في نظام أبشر من المواطنين السعوديين ما يقارب 35 مليون مواطن أي أكثر منا في الكويت بـ 34 مرة! - تخيل -، يقدم له الكثير والكثير من الخدمات الحكومية وهو في منزله دون عناء الزحام والدور والتعب والتنقل.. لله دره.
في لقاء جميل وموجز للزميل الصحافي عبدالعزيز فرحان الرشيدي مع الباحث في الفكر الإداري د.جاسم الجزاع حول الدولة العميقة كمفهوم سياسي وإداري منذ النشوء إلى الزمن الحاضر مع تبيان حرص هذا الفكر على النظام البيروقراطي والبطء في أي عمل حكومي بمعنى آخر يكون التأخير والتعطيل والتعامل الغبي مع حاجات السكان والمواطنين بصورة ممنهجة وليس بسبب سوء الإدارة كما نعتقد بل هي خطة مدروسة، ويحرص على تنفيذها بهذه الصورة مع عمل الدولة العميقة على ترسيخ هذا التعامل المزعج للحفاظ والتأكيد من ترسية أي مشروع مثلا أو فكرة أو عمل أو.. أو.. أو.. حسب ما يراه المسؤول عن الدولة العميقة دون الرجوع للكثير من القوانين الملزمة للآخر، وهنا ينتفي إحساس المواطن بأن الوضع سائب أو أن يكون النظام (بطيخي) بل على العكس يراد للأمر أن يكون هكذا لا غباء ولا جهلا بالإدارة.
كم أتمنى أن تمارس الدولة العميقة عمقها وعملها بكل وقاحة بعيدا عنا، فنحن غير قادرين على تعديل هذا الاتجاه الآن، إلا أن المطلوب وبإلحاح نظام يحفظ للمواطن كرامته دون المرمطة في زمن التكنولوجيا والحكومة الإلكترونية غير الجادة في أي أمر إلكتروني، فلا أسهل من أن يسهل على المواطن أمره بالكثير من الأشياء غير المزعجة لسيادة الدولة العميقة أو العميق وكم أتمنى على العميق ألا يفهم حديثي عن الإحسان في أول المقال وفق الحديث الشريف (وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح) فهذا الحديث موجه للتعامل مع بهائم الأنعام لا المواطنين، تقبلوا تحياتي وإحساني بصدر عميق.
[email protected]