لماذا تدفنُ الكلاب العظام؟
رأينا أن الإنسان قد استأنس الكلاب قبل بقية الحيوانات بوقت طويل، فقبل مئات ألوف السنين، حين كان الماموت الصوفي العملاق لايزال يجوب الأرض، والناس يعيشون في الكهوف، أصبح الكلب صديق الإنسان.
وعلى الرغم من الزمن الطويل الذي مضى على تأنيس الحيوان، فإن عادات الكلاب الحاضرة لا تُفسر إلا بالرجوع الى أسلافها في المراحل السابقة للتأنيس. ومن الغريب ألا يستطيع العلماء اقتفاء أصول الكلاب بوضوح مماثل لما حققوه في معرفة تاريخ الحصان مثلا. يرى البعض أن الكلب هو نتيجة تزاوج بين الذئاب وبنات آوى قبل زمان سحيق. ويرى آخرون أن بعض الكلاب تنحدر من الذئاب وأخرى تنحدر من ابن آوى وبعضها من القيورا (ذئب صغير في أميركا الشمالية) وبعضها الآخر من الثعالب. وأحسن تفسير يرد في هذا الموضوع هو أن الكلاب والذئاب ترجع إلى جد مشترك بعيد.
للكثير من الحيوانات الحالية عادات غريزية تبدو عديمة الفائدة تماما. لكن الدراسة بينت أنها كانت ضرورية لحياة الأجداد. وقد بقيت هذه العادات أو الغرائز رغم مرور مئات ألوف السنين. ويمكننا شرح هذه العادات فيما يختص بالكلاب إذا تذكرنا أنها قد انحدرت من الحيوانات التي عاشت حالة توحش منذ زمان بعيد. وعندما يدفن الكلب، هذه الأيام، عظما، فربما لأن جده الأعلى لم يكن يحصل على غذاء منتظم كالذي يقدمه له الإنسان اليوم، فكان عليه أن يختزن الطعام للمستقبل. وعندما يقوم الكلب بثلاث جولات قبل نومه فربما لأن سلفه كان مضطرا أن يبحث عن عش بين أوراق الغابة أو حشائش الحرج. أما حين ينبح، فعله يتذكر زمانا كانت فيه الكلاب تعدو زرافات زرافات كالذئاب.
من كتاب: الموسوعة العلمية المبسطة