د.يعقوب يوسف الغنيم
بمناسبة مرور 40 يوماً على وفاة المرحوم سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
لله دهرٌ أشاع الهم والكُربا
فصرتُ فيه كسير القلب مكتئبا
مازال يشعل في أعماقنا ألماً
ويملأ العين دمعاً جارياً سرباً
إن الهموم إذا زادت وقائعها
ضاق الفضاء بنا منها وإنْ رَحُبَا
نَصيحُ من ألم قاس تجيء به
ويصرخ المرء يا ربَّاهُ واحَرَبَا
إلى متى هذه الأكوان تفجعنا
إلى متى لا نرى في الأمر منقلبا
إلى متى الدهرُ لا تنزاحُ غُمّتُهُ
فكم رجوناه أن يصفو لنا فأبىَ
أتت لنا في نهارٍ مَرَّ فاجعة
فلم تدع عندنا للصبر مُحْتسبا
وتابعت بعدها الأيام في عددٍقد صار للأربعين اليوم مقتربا
فقد فقدنا أميراً كان دَيْدَنُهُ
بكل ما ينفع الأهلين قد دأبا
صباحُ من جاء بالخيرات أجمعها
وكان ممتلئا من عزة وإبا
وَافَى فوافت أمانينا بصحبته
وعانقت دارُنا في عهده الشُّهُبَا
رعا الأهالي وأولاهم عنايته
وكان عتونا لهم في عهده واَبَا
وأدركت أُمَمٌ أُخْرى سماحَتَهُ
فكم تحدَّى بما يمضي به النُّوَبا
وجادَ بالمال للمحتاج تدفَعُهُ
طباعه، فهو لا يعيا بما وَهَبا
لقد حَزِنَّا جميعا يوم ودَّعنّا
وأشعل الهم في أعماقنا لَهَبَا
وكيف لا، وهْو مَن كنا نَظُنُّ به
ظنا يكذِّب في أمثالِهِ الرِّيبا
ولاتزال عيون الخَلق شاخصةً
إلى السماء وتُجْري الدمعَ مُنْسَكِبَا
ترجو له الراحة الكبرى، وأنَّ له
في جنة الخلد مأوى السادة النُجبَا
مرت بنا الأربعون اليوم مسرعةٌ
ولانزال نعاني إِثْرَها نصبا
كأنه لم يكن فينا يحيط بنا
ويجعل الخير من راحاته سَبَبَا
ويدرأ الشَّرَّ عنا إذ يَمُرُّ بنا
وكم غريم لنا من فعلِهِ هربا
فكيف لا نشتكي همّاً ولا نَصّباً
ونحن نشهد هذا الكون مُصْطخِبَّا
***
واليوم من بعد ذاك اليوم تتبعنا
سحائبٌ تتوالَى تتبع السُّحُبا
وتجعل المنظر الساجي بأكملهِ
بعد الظلام علينا منظراً عَجَبَا
قد قدَّر الله في الدنيا مشيئتَهُ
وقد وجدنا انفراج الهم قد وجبا
وسوف نلقى بأمر منه ما طلبت
نفوسنا ونلاقي بيننا الأربا
***
هذا أبو فَيصل قد جاء محتشداً
بما يقوم به لا يعرف التعبَا
نَوَّافُ حامل عبء الحكم عن ثقةٍ
شيخ الكويت له التكريم قد وُهِبا
إنا عرفناه بالإخلاصِ من زمنٍ
لِصَالح الدار أمضى دهره طلبَا
يدعو إلى الخير لا ينأى وذاك له
طبعٌ نراه عليه قَطّ ما غُلِبَا
هو بن أحمد لا تنفكُّ سيرته
تمحو بما قد جرى في عهده الحجبا
من أسرة غَمرت أهل الكويت لها
من سابق الفضل ما أمضت به حُقُبا
آل الصباح ومنهم نخبة صنعت
لنا الكثير فأضحى عصرنا الذهبا
يعيش نوافُ ربُّ العرش يحفظُهُ
حتى نرى عاجلاً أيامه القُشُبَا
اختار للدار من يأسو الجراح بها
وليَّ عهد فَأَنعِمْ بالذي اصطحبا
الشيخَ مشعل من كانت شَمائلُهُ
معروفة وله في الذكر ألف نبا
فيضٌ من اللين في أيام راحتِهِ
وإن رأى كَدَراً من بيننَا غَضِبا
له المودة منا وهْيَ صافية
فقد وجدنا له الإخلاص والأدّبا
***
يا موطن الخير يا أرضا نشأتُ بها
ويا كويت العلا حَقَّقْتِ ما طُلِباَ
ولم يَنَلْ منك حُسَّادٌ لهم غرَضٌ
خاضوا بذكرك إن صدقا وإن كذِبا
في كل نازلةٍ تبدين مأثرةً
وتملكين عليها الفوز والغلبا
قفي كما كنتِ في كل العصور لنا
حصنا، وكوني على الأيام عِطْرَ رُبَى
أخبار فعلك في الآفاق ذائعةٌ
لا تُسْتَرُ الشمس يوما من وراء حِبَا
رجالك الغُرُّ لا تُنسى أصالتُهم
فَهَلْ يكونون عن أسْلافهم غُرَبا
وليحفظ الله راعينا وساعدَهُ
وليُبعد الشَّر عنا أينما انْقلبا