- مبيعات العقار السكني لأعلى مستوياتها منذ الربع الأول 2015 عند 433 مليون دينار
- التعافي الكامل للعقار الاستثماري سيستغرق بعض الوقت نتيجة ضعف طلب الوافدين
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إنه بعد التراجع التاريخي الذي أصاب المبيعات العقارية في الربع الثاني من 2020 على خلفية تداعيات الجائحة وتأثير إغلاق أنشطة الأعمال على المستوى الوطني حتى شهر يوليو الماضي، عادت المبيعات مجددا للانتعاش في الربع الثالث من العام الحالي وتمكنت من الوصول تقريبا إلى مستويات ما قبل الجائحة لتصل إلى 662 مليون دينار، بزيادة قدرها حوالي 5 أضعاف على أساس ربع سنوي.
ويعزى هذا الانتعاش إلى رفع قيود الحظر على أنشطة الأعمال والسماح بحرية التنقل، ما ساهم في زيادة مبيعات القطاعات الفرعية الثلاث، وذلك بدعم من الطلب المكبوت بعد عدة أشهر من فرض القيود الاحترازية.
وعلى الرغم من تحسن النشاط العقاري تدريجيا من أدنى مستوياته المسجلة في أبريل ومايو، إذ وصل إلى 245 مليون دينار في سبتمبر، إلا أن المبيعات قد تتراجع مجددا في ظل استمرار ضعف القطاعين التجاري والاستثماري على خلفية تداعيات الجائحة على أنشطة الأعمال والوافدين.
ارتفاع مبيعات الاستثماري
ارتفعت مبيعات القطاع الاستثماري (أي الشقق والعمارات السكنية) بأكثر من خمسة أضعاف على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من 2020 لتبلغ 138 مليون دينار وذلك على الرغم من استمرار تراجع مستوياتها مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي (-49% على أساس سنوي).
ويعود الفضل في الارتفاع على أساس ربعي سنوي إلى النمو المفاجئ في عدد الصفقات والذي ارتفع أكثر من ستة أضعاف على أساس ربع سنوي (فيما يعزى في الغالب إلى انخفاض الأساس المرجعي للمقارنة في الربع الثاني من عام 2020) أكثر من كونه بفضل تحسن الأنشطة.
وبلغ عدد الصفقات 149 صفقة في الربع الثالث من عام 2020، بانخفاض بلغت نسبته 56% على أساس سنوي فيما يعد أقل بكثير من المتوسط ربع السنوي لعام 2019 البالغ 349 صفقة.
ومن المرجح أن يكون تراجع أحجام المبيعات بصفة استثنائية خلال الفترة الممتدة ما بين مارس إلى يوليو قد ساهم في حجب اتجاهات الأسعار، إلا أن تحسن وتيرة الأنشطة في الربع الثالث من العام الحالي (على الرغم من أنها لا تزال منخفضة وفقا لمعايير ما قبل الجائحة) قد يعني تحسن قراءات الأسعار.
وبصفة خاصة، قد يكون الارتفاع الحاد في أسعار المباني الذي شهدناه خلال الفترة الممتدة من مارس إلى يونيو نتيجة لقلة أحجام المعاملات العقارية وعدم اتضاح قراءات الأسعار، إلا أنها اتجهت بشكل حاد نحو الانخفاض في الأشهر الأخيرة مع تزايد حجم المعاملات ما أعطى مؤشرا أكثر موثوقية وكفاءة.
ويبدو أن أسعار القطاع الاستثماري تتجه نحو الانخفاض في الوقت الحالي تماشيا مع الأوضاع الضعيفة التي تعتري السوق، اذ انخفضت أسعار الشقق بنسبة 6% على أساس سنوي في سبتمبر.
ونظرا لتعدد المصاعب التي يوجهها قطاع العقار الاستثماري حاليا، تشير التوقعات إلى أن عملية التعافي بالكامل ستستغرق بعض الوقت. ويتعرض القطاع، الذي كان مثقلا بالعرض المفرط وانخفاض الإيجارات حتى قبل تفشي الجائحة، لمواجهة ضغوطا إضافية في الفترة الحالية والتي تتمثل في ضعف طلب الوافدين نتيجة للتأثيرات السلبية للجائحة على تلك الفئة من السكان، والذي يعد المحرك الرئيسي للطلب في القطاع الاستثماري.
القطاع السكني
ارتفعت مبيعات القطاع السكني ستة أضعاف على أساس ربع سنوي وبنسبة 21% على أساس سنوي في الربع الثالث من 2020 لتصل إلى 433 مليون دينار، فيما يعتبر أعلى معدلاتها منذ الربع الأول من عام 2015.
وتعزى تلك المبيعات القوية إلى تزايد عدد الصفقات التي بلغ مجموعها 1676 صفقة، في تناقض واضح مع مستويات الربع الثاني من العام الحالي التي بلغت 251 صفقة فقط، كما يعد هذا المستوى هو الأعلى منذ عام 2013.
كما أن انتعاش القطاع السكني يعود جزئيا للطلب المكبوت بعد عدة أشهر من فرض قيود الحظر، إلى جانب الركائز القوية التي يتميز بها القطاع بما في ذلك مرونته وقدرته على الصمود في وجه الضغوط الناجمة عن الجائحة.
وتنبع الركائز القوية التي يتميز بها القطاع من العرض المحدود وتزايد عدد السكان على المستوى الوطني، هذا إلى جانب السيولة الجيدة وفقد عددا ضئيلا جدا من المواطنين لوظائفهم أثناء الجائحة ما ساهم في الحفاظ على استقرار الطلب.
ومن جهة أخرى، فانه نظرا لتعرض ربحية القطاع الاستثماري للمزيد من الضغوط نتيجة للشواغر وانخفاض الإيجارات، هناك أدلة غير مؤكدة على تحول المستثمرين إلى القطاع السكني بحثا عن الفرص الاستثمارية، كالمضاربة العقارية وإمكانية إيجاد فرص إيجارية أفضل.
وإن كانت قراءة اتجاهات الأسعار قد واجهت بعض العراقيل خلال الأشهر الماضية نتيجة لضعف احجام المبيعات، إلا أننا نعتقد أن مؤشرات الأسعار أصبحت الآن أكثر موثوقية نظرا لتحسن وتيرة أنشطة القطاع خلال الربع الثالث من عام 2020، إذ ارتفعت أسعار المنازل والأراضي بنسبة 4% و6% على التوالي على أساس سنوي في سبتمبر.
وعلى الرغم من إمكانية تراجع الأداء القوي لنشاط القطاع السكني وتضاؤل مبيعاته خلال الأشهر المقبلة مع تلاشي تأثيرات رفع القيود، إلا أن التوقعات تشير إلى حفاظه على مستويات جيدة بصفة عامة في المدى القريب والمتوسط بفضل توقعات الطلب المتزايد والمتواصل من قبل المواطنين على القطاع السكني.
بوادر ضعف بالقطاع التجاري
ذكر تقرير الوطني أن مبيعات القطاع التجاري ارتفعت في الربع الثالث من عام 2020 لتصل إلى 91 مليون دينار (نمو بواقع خمسة أضعاف على أساس ربع سنوي) بفضل تخفيف القيود، وذلك على الرغم من بقائها عند مستويات منخفضة مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة (-54% على أساس سنوي).
ويعزى ارتفاع المبيعات إلى انتعاش عدد الصفقات (سبعة أضعاف على أساس ربع سنوي) في أعقاب الانخفاضات الاستثنائية الناتجة عن الجائحة في الربع الثاني من عام 2020، وإن كانت تعتبر منخفضة (-82% على أساس سنوي) مقارنة بمستوياتها الاعتيادية خلال فترة ما قبل الجائحة.
ووقع القطاع التجاري - الذي عادة ما يشهد مبيعات أقل من القطاعات الأخرى - تحت وطأة ضعف الأنشطة التجارية خلال فترة الإغلاق، وذلك في ظل توارد التقارير المختلفة عن المصاعب التي تواجهها بعض الشركات في تسديد قيمة إيجار المساحات التجارية، ما أدى إلى خفض قيمة الإيجار وتأجيل السداد لمختلف المستأجرين التجاريين وإن كانت فئة مستأجري قطاع التجزئة هم الأشد تأثرا نظرا لارتفاع إيجارات مراكز التسوق.
وفي ظل الرفع التدريجي لإجراءات الحظر، قد يشهد القطاع انتعاشا تدريجيا، إلا أن الأداء الضعيف قد يستغرق بعض الوقت قبل أن ينحسر، خاصة في ظل ارتفاع اعداد الشركات المتعثرة وخسارة عدد كبير من الوافدين لوظائفهم، وهو الأمر الذي قد يثقل كاهل الطلب على المساحات التجارية بما ينعكس في هيئة تراجع الأسعار في بعض المناطق.