الحديث حول العمل السياسي في السابق عندما يثار كان يدور حول المواقف السياسية التي اتخذها المرشح أثناء فترة عمله كنائب في البرلمان وما إذا كانت هذه المواقف حامية ومدافعة عن المواطنين من عدمها، إلا أن المفاجأة هي انتقال الحديث من الكيف إلى الكم!
فلم تعد كفاءة المرشح ومواقفه السياسية مهمة لدى الكثير من الناخبين بقدر ما يهمهم في الأمر «كم يدفع» فإذا باع مرشح وطنه بثمن بخس، باع الناخب ذات الوطن بثمن أبخس.
«كم يدفع؟»
تتدافع هاتان الكلمتان من فم يلهث وراء حلم إسقاط القروض بعد أن سقط ضحية في يد قروض البالون اللانهائية وحلم الحرية يقرصه كل شهر مع نزول الراتب الذي لا يعدو أن يكون رقما في حسابه البنكي، يتراجع هذا الرقم مرة تلو الأخرى أمام عينه حتى يبقى له ما لا يسد حاجته أو يحفظ كرامته.
«كم يدفع؟»
كحل واقعي لما يعايشه المواطن من أزمة العبودية الاقتصادية التي تترجم على شكل روتين مقيت من العمل الذي يتحصل منه في آخر الشهر على فتات راتب تنشطر هذه الفتات لالتزاماته الشهرية، وتبدو هذه العبودية الاقتصادية كدوامه لا مناص منها.
«كم يدفع؟»
كوميديا سوداء تنذر بتجرد البعض من الوازع الديني والأخلاقي وتحول القصة من موضوع محرم شرعا وقانونا إلى واقعا مغمسا بالنكات الساخرة، إذ تدور في صالات الدواوين والقهاوي وأماكن التجمعات وحيثما وجدت مخرجا يمكن أن يبوح به المواطن عن ألمه المخفي تحت عباءة السخرية.
«كم يدفع؟»
أو السؤال الأكثر دقة هو لماذا لجأ المواطن إلى مثل هذه الأفكار، وما الضغوط المالية التي يتعرض لها والتي أكرهته على الالتفات عن مبادئه الدينية والإنسانية إلى الغوص في حلول لا أخلاقية والبحث قي قمامة عن حل بخس؟
تبدو كل الحلول القانونية باهظة الثمن، وقد تكالبت تكاليف الحياة وطلبات الأبناء والالتزامات الشهرية على هذا المواطن الفرد الواحد الضعيف إلى المال.
عزيزي المواطن، لا تبع وطنك بثمن بخس فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
نناشد الدولة ممثلة بمؤسساتها رفع الضغوط المالية عن المواطنين والسعي نحو إسقاط القروض وكفالة الحياة الكريمة لهم، إذ ترى الدولة مكافحة بيع الأصوات فيجب أن تعي أن هناك ضغوطا سيئة تصل بالرد لهذا الحل.