من قديم الأزل والناس تحب وتقف بصف القوي وتتخلى عن الضعيف..
وفي أيوب عليه السلام خير برهان..
كان عنده المال والجاه والأولاد والصحة والجميع حوله ويتمنون رضاه..
ما أن ابتلاه الله بسلب كل ما لديه حتى تخلى الجميع عنه وأصبح وحيدا باستثناء زوجته لم تتخلّ عنه، ومع ذلك لم يشتك لأحد أبدا.
هذه هي الحياة.. بقسوتها ومرارتها، التشكي فيها لن يزيد شيئا إلا أنك ستصبح في خانة المساكين المتذمرين الذي يطلب من الناس عطفاً وشفقة.
لعل وعسى أحدهم يرقّ قلبه لك ويرحمك ويمد لك يد العون..
ولكن الحقيقة: لن تجد أمثال هؤلاء إلا قلة ولن يستمروا معك كثيرا..
ربما يقف معك البعض في مشكلة.. مشكلتين.. ثلاث.. وفي النهاية ستصبح وحدك..
أنت من يجب عليه أن يصارع الحياة وحده ويعيش وحده وسيموت ويتحاسب وحده..
فلن تجد معينا أفضل من الله سبحانه وتعالى يمد لك يد العون والنجاة والقوه وإن تكالبت عليك المشاكل من كل صوب..
إن اتقيته أخرجك منها ولو طبقت الأرض على السماء فستخرج منهما سالما بالتقوى وقربه سبحانه..
وأول سبل التقوى هي الصلاة..
فهي حل لمشاكل الكون، فعند خسوف القمر وكسوف الشمس وإمساك السماء للمطر نهرع للصلاة.. فهل تظن أنها لن تكون حلا لمشاكلك؟
والانسان لن يزيد شرفا وتعظيما عند الله وفي عيون الناس إلا عندما يصبر.. يصبر دون شكوى ولا تذمّر فيكون كما قال الله (فاصبر صبراً جميلا).
وإن أردت أن تشتكي فلا تشتك إلا إلى الله ولا تتوكل إلا عليه.. كما فعل إبراهيم فعندما رماه قومه في النار أتاه جبريل عرض عليه المساعدة..
فردّ عليه إبراهيم بكل ثقة: منك فـ«لا» من الله فـ«نعم».. فقال سبحانه (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم).
أخيرا:
تعلم أن تصبح قويا مهما رأيت من هذه الدنيا ومن جحود الناس ومكرهم..
فنحن لسنا في الجنة.. وسترى فيها ما يحزن قلبك ويهلك تفكيرك ويعكر صفو حياتك وربما يصلك إلى مرحلة المرض..
فإن كنت قويا في أعز لحظات ضعفك وكنت مع الله.. سيكون الجميع معك ورغما عن أنوفهم سيحترمونك ويكون لك شأن وعز..
وإن كنت ضعيفا وكثير الشكوى والتذمر ستكون ضعيفا ذليلا يتخلى الناس عنك.. وستسقط من نظرهم مهما كنت عزيزا لديهم..
اللهم أعزنا بعزك وارزقنا صبرا جميلا فلا حول ولا قوة لنا إلا بك.
يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
Y_Alotaibii@
[email protected]