لم تتوقف حنان (اسم مستعار) عن البكاء خلال حديثي معها عبر «سكايب» حول العنف الذي تتعرض إليه على يد زوجها.
فبعد فرض إجراءات الحجر الصحي بمصر، تجد حنان نفسها وجها لوجه مع جلادها، ولا مجال للهروب منه حتى إلى بيت أهلها.
من دفء غرفتي في الكويت، استمعت إلى الرعب الذي تعانيه حنان، وطفلاها اللذان لم يصلا إلى سن المدرسة بعد.
أجبرت حنان على الزواج مبكرا من رجل ميسور الحال، ولم تستطع بذلك إكمال دراستها الجامعية. تصف حنان بألم كبير ندمها على الزواج مبكرا، «كنت أظن أني سأعيش ملكة في بيت زوجي وأنه سيغمرني حبا.
غير أنني وجدت نفسي عرضة لعنف جسدي ولفظي فوق الخيال»، وأضافت حنان أن وجود طفليها في حياتها يجعلها تصبر على قسوة معنفها.
جعلتني قصة حنان أقف على ظاهرة العنف الأسري حول العالم. يبدو أن هذه الظاهرة في غابة من التعقيد وأنه من الصعب رسم صورة نمطية للمعنف، فكل حكاية تروي معاناة خاصة جدا تختلف عن مثيلاتها.
وكانت جائحة كورونا بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد خلق الحجر المنزلي المفروض في العديد من الدول مناخا ملائما لتصاعد وتيرة العنف ضد المرأة، فتحولت الأسرة من ملاذ آمن للمرأة إلى مسرح للعنف، أشبه ما يكون بالسجن، وتحول الزوج من قرين إلى جلاد، وتشير إحصائيات ما بعد الإغلاق حول العنف ضد المرأة أن هذه الظاهرة تفاقمت بشكل يدعو للهلع، مما يستوجب على الحكومات إدخال تدابير صارمة لحماية المرأة والطفل.
ولم يقتصر هذا التزايد في العنف الأسري على الدول العربية فحسب، فقد دعت منظمة الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحدّ من هذه الظاهرة.
وجاء ذلك على لسان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، حين نادى الحكومات في شهر أبريل الماضي «بوضع سلامة النساء أولا في استجابتها للوباء». غير أن أغلب الحكومات راهنت على الوضع الصحي أكثر من سلامة النساء.
واختلف الوضع في الكويت حيث دخل «قانون الحماية من العنف الأسري» حيز التنفيذ في العشرين من شهر سبتمبر لهذا العام.
ويهدف هذا القانون إلى التصدي لتصعيد العنف الأسري وتوفير الإحاطة اللازمة بالمرأة وتوفير الضمانات اللازمة لتماسك الأسرة وحفظ كيانها.
فهل ينجح هذا القانون في التصدي لظاهرة لطالما هددت كيان الأسرة والمجتمع؟
سعد هيف الحجرف
جامعة البحرين ـ قسم الإعلام والسياحة والفنون