بقلم:د.عبير الهولي
تتميز المرأة الكويتية وعبر تاريخها بمقدرتها على التأقلم وتحدي الظروف وصعوبات الحياة، وتعتبر شريكة للرجل منذ القدم، فكانت تقوم بواجباتها المنزلية وتتحمل معه أعباء الحياة وقساوتها خصوصا في مرحلة ما قبل ظهور النفط في منطقتنا، تربي الأبناء وتسهر على تنشئتهم وتدبر أمور المنزل والعائلة، فهي عاملة ولها دور مشهود بما قدمته عبر تاريخها.
وبعد الاستقلال وارتفاع نسبة التعليم في البلاد أصبح للمرأة في الكويت دور أكثر فاعلية فخاضت غمار العمل إلى جانب أخيها الرجل في جميع المجالات وأثبتت جدارتها وقدرتها على التحدي وأداء الواجب، وحققت الكثير من الإنجازات وأبدعت في بعضها كالتعليم والصحة والقانون والهندسة وغيرها من المجالات، مع استمرار أدائها لواجباتها المنزلية وتربية أبنائها.
لكن وللأسف لم تستطع المرأة أن تنجح في بلورة وصقل تجربتها السياسية عموما والبرلمانية خصوصا بالشكل الذي يجعلها رقما صعبا كمرشحة للبرلمان كحالها وهي ناخبة، والجميع يسعى للظفر بصوتها.
نعم فالمرأة الكويتية ومنذ إقرار حقوقها السياسية بالانتخاب والترشح عام 2005، أي قبل 15 عاما، بدأت مسيرتها البرلمانية، إذ ترشحت 27 امرأة في مجلس 2007 ولم تفز أي منهن، بينما في مجلس 2012 فازت 3 نساء بعضوية المجلس، وفي مجلس 2016 وصلت امرأة واحدة إلى قبة عبدالله السالم.
والأمر المؤسف أنه بعد هذه التجربة البرلمانية إلا أننا لم نفاجأ بعدم نجاح أي من المرشحات لمجلس 2020، واللاتي توزعن بين أربع دوائر، رغم أن أصوات النساء تشكل 52% من إجمالي أصوات الناخبين في البلاد.. نعم لم نفاجأ لأن الأداء العام لبعض من وصلن إلى البرلمان لم يكن مقنعا، ولم يقدمن شيئا مستحقا يلبي طموحات الناخبين والشارع الكويتي، لهذا لم تنل النسوة ثقة بنات جنسهن بالشكل الكافي أولا، ولم ينلن أصوات الناخبين، وحتى الأرقام التي حصلن عليها لا تدل على قناعة أو رغبة بوصول أي من تلك المرشحات اللاتي كنا نتمنى نجاح أي منهن وأن يتم تمثيل المرأة في مجلس الأمة، لتكتمل ديموقراطيتنا فهي من غير وجود النساء تعتبر عرجاء.
إن من يطلع على تجربة المرأة البرلمانية وما مرت به من تعثر بلا نجاح يدرك أن على النساء العمل أكثر وأن يسعين أكثر عبر طروحات موضوعية وأن يتم تمكين المرأة واستقلالها وتحسين مركزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي وتدريبها مع الرجل بصورة متكافئة في صنع القرار على جميع المستويات لتضمن أصوات قريناتها أولا.
***
ونتساءل: لماذا لا يتم وضع تشريعات تحقق التوازن بين الجنسين في جميع الوظائف العامة والقيادية، وأن تتاح الفرص للجميع وبالتساوي للتنافس عليها؟، وأن تكون الراغبة بالترشح ذات خبرات وقدرات قيادية وعلمية واجتماعية ومؤهلة لأداء هذا الدور بكل اقتدار لتعيد الثقة بقدرات المرأة على أن تكون نائبة وأن لا تكون تجربتنا فقط للقول: إن للمرأة حق الترشح والانتخاب!
***
وأخيرا.. نحن متفائلون بأن المرأة الكويتية قادرة بفكرها وعلمها ومهاراتها على تصدر العمل السياسي والإبداع فيه عن قريب.. لكن شريطة الاستعداد الجيد وترسيخ الوعي والثقة بمقدرتها على ذلك، ولدينا الكثير من الناجحات المبدعات في مجالاتهن.