كشفت دراسة لعلماء "المعاهد الوطنية للصحة" بالولايات المتحدة، ارتباط مجموعة من موجات الدماغ عالية التردد بتحديد الاختلافات الصغيرة في الأشياء بين الماضي والحاضر، في دراسة شملت مرضى الصرع.
وقال الدكتور كريم زغلول أستاذ الأمراض العصبية في "المعهد الوطني للإضطرابات العصبية والسكتة الدماغية (NINDS) إن نتائج الدراسة تشير إلى أنه يمكن استخدام كل تجربة نقوم بتخزينها في الذاكرة، لتحديد توقعاتنا للمستقبل، كما أظهرت الدراسة كيف يستخدم الدماغ أنماط نشاط عصبي معينة لمقارنة توقعاتنا بالحاضر، مضيفا: "في النهاية، نأمل أن تساعدنا هذه النتائج على فهم أفضل لكيفية تصوير الدماغ للواقع في ظل ظروف صحية ومرضية".
وقال رافي حق أستاذ الأمراض العصبية في جامعة "إيمورى- أتلانتا" الأمريكية، الذي أشرف على الدراسة، إن هدف الدراسة الأساسي كان اختبار ما إذا كان يمكن تطبيق نظرية تسمى "الترميز التنبؤي" على كيفية تذكر أدمغتنا للتجارب السابقة، والمعروفة باسم الذكريات العرضية.
وأوضح: "يعبر الترميز التنبؤي أساسًا عن أن الدماغ يحسن النشاط العصبي لمعالجة المعلومات، وبعبارة أخرى، تتوقع النظرية أن الدماغ يستخدم نشاطًا عصبيًا أكثر لمعالجة المعلومات الجديدة أكثر مما يفعل مع الأشياء المألوفة .. لقد أظهرت سنوات من البحث أنه بمرور الوقت ، هذه هي الطريقة التي نتعلم بها توقع ما هي المشاهد الشائعة.. أردنا معرفة ما إذا كان الدماغ يستخدم عملية مماثلة لإدارة تجاربنا".
ولاختبار هذه الفكرة، عمل الفريق مع 14 مريضًا يعانون من أنواع الصرع المقاومة للأدوية والذين تم زرع أدمغتهم جراحيًا بشبكات من الأقطاب الكهربائية كجزء من تجربة مركز NIH الإكلينيكي، والتي تهدف إلى تشخيص نوباتهم وعلاجها.
وبدأت التجربة عندما عُرض على المرضى وطُلب منهم حفظ سلسلة من أربعة مشاهد طبيعية معروضة على شاشة الكمبيوتر، وبعد بضع ثوانٍ عُرض عليهم مجموعة جديدة من الصور وسُئلوا عما إذا كانوا قد تعرفوا على المشهد أو لاحظوا شيئًا مختلفًا، حيث كانت بعض الصور هي نفسها كما كانت من قبل بينما تم تعديل البعض الآخر بشكل طفيف عن طريق إضافة أو إزالة شيء ما من المشهد.
وأظهرت النتائج أنه في المتوسط، نجح المرضى في التعرف على 88٪ من المشاهد المتكررة ، و 68٪ من المشاهد التي فقدت شيئًا ما ، و 65٪ من المشاهد التي تمت إضافة شيء فيها، وفي كل حالة ، استغرق الأمر منهم حوالي ثانيتين ونصف لملاحظة ذلك.
وقال الدكتور زغلول: "بشكل عام ، تشير هذه النتائج إلى أن الأمر لا يستغرق سوى لحظة واحدة ليس فقط لتذكر تجربة جديدة، ولكن أيضًا لاستخدام ذكريات تلك التجربة لتحديد التوقعات المستقبلية".
كما كشفت التسجيلات الكهربائية عن اختلافات في نشاط الموجات الدماغية بين الأوقات التي تذكر فيها المرضى بنجاح المشاهد المتكررة والأوقات التي رصدوا فيها التغييرات في المشهد، وفي كلتا الحالتين أدى ظهور مشهد على شاشة الكمبيوتر إلى زيادة قوة الموجات عالية التردد للنشاط العصبي في القشرة القذالية الجانبية، وهي مركز معالجة بصرية في الجزء الخلفي من الدماغ.
وقال الدكتور حق: "تدعم هذه النتائج فكرة أن ذكريات التجارب البصرية تتبع مسارًا معينًا في الدماغ.. كان الاختلاف هو أن زيادة النشاط كانت أقوى عندما أدرك المرضى حدوث تغيير في المشهد".