- لحّنت «إني اخترتك فاختاري» قبل ما يعرف كاظم الغناء
- المختار «طلّع روحي».. وعبدالجبار تجاهل اسمي..وماكو مثل الجسمي بحفظ حقوق الفنانين
- أحد العازفين من «سعادين» عدي دس لي السم والله نقذني
- لكثرة الحروب اللي تعرّضت لها المفروض اسمي «مظلوم» البصري!
حوار- مفرح الشمري
Mefrehs@
الحديث مع مطرب كبير بحجم حسين البصري يحمل بين طياته الألم والشجن والحزن، وذلك لما تعرض له هذا المطرب الذي يحاول قدر المستطاع المحافظة على هويته الغنائية العراقية في ظل المتغيرات والإغراءات التي وقع فيها عدد من المطربين فانقلب حالهم رأسا على عقب.
المطرب الكبير حسين البصري الذي تحمل أغانية الشجن والحزن حتى إن كانت كلماتها فيها فرح تشعر بها انها حزينة لدرجة لا توصف للحياة التي عاشها والمليئة بالحرمان والفقر، فوجد الغناء منفذا له للتعبير عن حياته وما بها من آلام وأشجان.
حسين البصري (مع حفظ الألقاب) مطرب لم يغنِ للرئيس المقبور صدام على الرغم من الإغراءات التي عرضت له ولكنه رفضها لأنه إنسان يكره الظلم والطغيان، فتم إقصاؤه من الساحة الغنائية بعدم تسجيل أغانيه في راديو وتلفزيون العراق بأوامر من السلطة الديكتاتورية في وطنه.
المطرب الكبير حسين البصري المقيم حاليا في تركيا فتح قلبه لـ «الأنباء» وتحدث عن كل شيء تعرض له بكل صراحة سواء من السلطة أو من زملاء المهنة الذين باعوا ضمائرهم لها. في السطور التالية الكثير من التفاصيل:
بالبداية.. انت وينك ووين أراضيك؟
٭ الحمد لله أنا موجود حي أرزق، أحب التنقل هنا وهناك لأنني أحب الحرية وأحب أن أعيش كإنسان وأنا حاليا مقيم في تركيا مع عودي الذي لا يفارقني وألجأ إليه كثير من الأوقات للتعبير عن الحالة التي أعيشها.
كونت شهرة كبيرة من خلال أغانيك في بلدك والبلدان المجاورة ألا تخاف ان يتسبب طول الغياب في فقدانها؟
٭ بكـل جـرأة أقول لك أنا حتى هذه اللحظة مشهور على الرغم انه لا يوجد لدي جديد وجمهوري عمره ما ينساني وأنا واثق من نفسي ومرات أهدي لجمهوري بعض الأغاني التي يحبونها حتى أشاركهم أفراحهم وأحزانهم والأغاني التي تخرج من القلب تصل للقلب لأنها تحمل بين طياتها الصدق في الإحساس والأداء، فمنذ أول أغنية غنيتها وهي «حد الشوف» في عام 1972 وبعدها غنيت «شفتج بعيني»، تعرفت على جمهوري الذي يبحث عن أغانٍ ثقيلة وفيها طرب وسلطنة، والحمد لله اني أطربهم دائما بما أقدمه على الرغم من التصرفات التي تحصل لي من نظام صدام وأزلامه الذي زادت لرفضي الغناء له فتم استبعادي من الإذاعة والتلفزيون بعدم تسجيل إنتاجاتي الغنائية فيهما والحمد لله واصلت ووصلت لقلوب الناس الذي هم أغلى كنوز الدنيا عندي ويكفي انني لم أتغير عليهم منذ ظهوري وحتى يومنا هذا على جمهوري العزيز على قلبي والمطرب من غير جمهور «ما يسوى شي».
قمم الغناء الكويتي
بوعلي، كلمني عن علاقتك بالكويت ومطربيها؟
٭ أنا في بداياتي روحا وقلبا وقالبا في الكويت ومتابع الفن الكويتي وكل ما يجري في الكويت، لأن الكويت ومصر لهما فضل كبير على البلدان العربية والخليجية من حيث الاهتمام بالثقافة الفنية والأدبية واحتضان المبدعين في الأدب والفن وأنا في بداياتي أستمع وبإمعان للأغنيات الكويتية، أستمع الى قمم الغناء الكويتي مثل الراحل غريد الشاطئ وعبدالكريم عبدالقادر وشادي الخليج وكنت أحضر طقوس النوبان في البصرة منذ كنت صغيرا مع أخت جدتي أم أبي حيث كانت تأتي من الكويت لأنها متزوجة كويتي وتحضر طقوس النوبان في البصرة وكنت عندما أسمع نغم الطمبورة الذي يعزف بآلة القيثارة السومرية أشعر براحة عميقة عندما يرددون كلمات لا أعرفها أحيانا ولكن الترنيمات جميلة جدا.
(مقاطعاً).. أخاف فيك زيران؟
٭ (يضحك).. لا، أنا خالي من الزيران بس كنت معجب بالنغم والترنيمات فقط.
كنت تعشق الأغاني الكويتية وألحانها؟
٭ بشكل لا يوصف وحتى يومنا هذا لأنها مغروسة فيني منذ الصغر وتحديدا وانا عمري 16 سنة غنيت «سرى الليل يا قمرنا» و«وداعة» و«ردي الزيارة» وغيرها من الأغاني التي غناها المطرب الكبير عبدالكريم عبدالقادر وكنت ايضا أردد أغنية «يا هلي» التي غناها الراحل عبدالحليم حافظ في جلساتي بين الأصدقاء المحبين للطرب الأصيل.
ومن يطربك من المطربين العرب؟
٭ أنا أستمع لأم كلثوم وفريد الأطرش وعبدالحليم ونجاة الصغيرة ومحرم فؤاد ومحمد قنديل وأسمهان وفايزة أحمد وليلى مراد بتركيز واهتمام كبيرين وأتابع أسلوب الملحنين الذين تعاملوا معهم من حيث لون وأسلوب الغناء وهذا الأمر أفادني كثيرا في تطوير نفسي كملحن ومطرب وربما هذا الشيء أزعج ملحنين كثيرين من أبناء بلدي لأنني لا يصعب علي تلحين اي أغنية مهما كانت وهذا الأمر فضل من عند رب العالمين ولكن بعض المتواجدين في الساحة الغنائية العراقية لم يعجبهم هذا التميز وهذه الموهبة التي منحني إياها رب العالمين.
مظلوم البصري
كلامك يدل على انك محارب من صغرك الى يومك هذا؟
٭ (يضحك).. أنا المفروض ما يسموني حسين البصري، يسمونني «مظلوم البصري» من كثر العداوات والحروب التي شنت علي في مسيرتي الفنية وللأسف هذه العداوات والحروب من بعض زملائي الذين كانوا في حضن نظام صدام الفاسد، أنا اشتهرت في الشارع العراقي وبالكاسيت لأنني لا أرغب في أن أغني لنظام صدام، غنيت لفلسطين عندما كنت في الجيش في الخدمة الإلزامية واختصرت حفلاتي للناس فقط وحصلت على جمهور واسع لم أتوقعه علما بالكاسيت فقط بعيدا عن الإذاعة والتلفزيون الممنوع يتعاونان معي بأمر من عدي ابن المقبور صدام حسين الذي يدعم عددا من المطربين ليكونوا أبواقا لتمجيد أبيه، وأسس لذلك راديو الشباب ثم تلفزيون الشباب وبعض المطربين الذين احتضنهم عدي كانوا يعانون من نسيان أغانيهم عند الجمهور العراقي على الرغم من الدعم الذي يتلقونه من ابن المقبور صدام بعد أن اتجه الجمهور الى سماع فؤاد سالم وقحطان العطار وحسين البصري المحارَبين من قبل السلطة.
كارت الإعدام
المطربون الذين احتضنهم عدي ابن المقبور صدام تقدر تقول بعض أساميهم؟
٭ ايه، ليش لا؟ منهم كاظم الساهر وحاتم العراقي وغيرهما، كانوا يشتكون علي عند عدي ويقولون له: «حسين البصري لم يغن لأبيك، حسين البصري ضد النظام» حاولوا هؤلاء «السعادين» ان يجلبوا لي «كارت الإعدام» لكن الله تعالى أنقذني، وكانت الأخبار بالتفصيل تأتيني من الصديق العزيز ناظم فالح، وكان عدي يشتمني دائما كل ما يجتمع بمطربيه الذين يقبلون حذاءه ويوقعون عليه والبعض يغنون لعدي صدام عراة ويكونوا سخرية لعدي ولعشيقاته، ورغم زوال نظام هدام مازالوا (سعادين) عدي يكنون لي العداء بسبب بقاء أغنياتي المتواضعة البسيطة المليئة بالشجن العميق التي يرددها الجمهور العراقي، تلك الأغاني التي انسجمت مع معاناة البؤساء الذين عانوا من الظلم في زمن المقبور صدام، وللأسف أحد (سعادين) عدي صدام دس لي مادة سامة عن طريق أحد العازفين في بغداد الذين كان يعمل معه آنذاك، وأنقذني الله تعالى بأعجوبة والحمد لله ومازالوا يكيدون لي المكائد إلى هذا اليوم.
أنت بالفعل مو حسين البصري.. أنت مظلوم البصري على هذه المعاناة؟
٭ (يضحك).. الحمد لله على كل حال، وهذا اللي قلته نقطة في بحر من المعاناة التي عشتها في زمن الأغبر صدام وأتباعه.
إني خيرتك فاختاري
سمعت أنك لحنت قصيدة «إني خيرتك فاختاري» قبل كاظم الساهر.. هل هذا صحيح؟
٭ صحيح، لحنتها عام 1980 قبل أن يعرف كاظم الساهر الغناء، ولكنني كنت جنديا وممنوع السفر أثناء الحرب، وكنت ممنوعا من التسجيل في الإذاعة والتلفزيون لأنني لم أغن لصدام وعندما سمحوا بفتح ستديوهات في بغداد سجلتها في ستديو حكمت، وكاظم الساهر ذهب الى عدي وقال له أريد أغني «اني خيرتك فاختاري» وحصل على تنازل من الشاعر نزار قباني وعدي أعطى لكاظم الساهر مبلغ 10 آلاف دولار، وحصل كاظم الساهر على التنازل وتوقع عدي أنني أبيعها لشركة ما في الخليج حتى كاظم يشتمني ويتمنى من عدي ان يزجني في السجن، علما انا لحنت «اني خيرتك فاختاري» قبل كاظم الساهر وقبل ان يعرف الساهر نفسه انه يغني، وبثت هذه القصيدة بصوتي في إذاعة بغداد في برنامج لا يحضرني اسمه الآن وكان يقدمه عبدالمحسن العراقي، ولحني مختلف عن لحن كاظم الساهر، واللحن الذي غناه كاظم الساهر ليس له بل لمطرب مصري اعتزل الغناء لأنه متدين واختفت كل أغانيه من السوق و«اختاري» كاملة لحن مصري لمطرب شيخ مصري اعتزل الغناء وأنا الى الآن أبحث عن اسم هذا الشيخ المعتزل عن الغناء وظهر مرة في فيلم مع الراحل فريد شوقي وغنى هذا الشيخ ابتهالا في المسجد بعنوان «ربي» وأنا مازلت أبحث عن هذا الفيلم لكي أعرف من هو هذا الشيخ الذي اعتزل الغناء، وللعلم ترى القصيدة ايضا غناها في السبعينيات رضا علي مطرب عراقي وغناها مطرب مغربي أيضا، والمصيبة ان كاظم الساهر لا يزال يدفع أموالا طائلة لكي يلغي أي كليب أنا أصوره او أي إنتاج صوتي أسجله.
انت ليش متحامل على كاظم الساهر، مومعقول يكون بهذه الصورة؟
٭ أنا ليش أتحامل عليه؟ هذه حقيقة أقولها وكل كلمة قلتها عنه عندي شهود ودليل عليها، كاظم الساهر لولا دعم عدي له في مشواره لا يستطيع ان يصل الى الشهرة التي وصل إليها الآن لأن أغانيه كانت تبث على جميع الفضائيات العربية بدعم من أتباع المقبور صدام.
«سعادين» عدي
كيف وجدت التعامل مع مطربي الخليج ومطربي أبناء بلدك؟
٭ بكل صراحة هناك اختلاف كبير جدا في التعامل بين مطربي الخليج والمطربين العراقيين الذين غنوا لي من أغنياتي، مثلا المطرب حسين الجسمي الذي غنى «سنتين وأنا صابر» إنسان واثق من نفسه ورائع قبل ان يكون فنانا ويتميز بأخلاقه العالية جدا، وأنا كنت أعرفه قبل أن يغني كان رائعا بكل شيء، أما المطربون العراقيون الذين ظهروا من خلال دعم عدي فللأسف ليست لديهم صفة إنسان ولا صفة فنان، لأن الفن يضيف لإنسانيته إنسانية أخرى مليئة بالحب والسلام التام وليس العداء لمن يلاقي النجاح، أكثر «سعادين» عدي تنافسهم معي غير نزيه لأنهم كانوا «همج» وغير مثقفين فلذلك يتعاملون مع الخصم بالندية والحقد وليس بالتنافس الشريف المطلوب في جميع المجالات لتطوير الأعمال نحو الأفضل، ثقافة الفنان الخليجي في التعامل مع حقوق النصوص الأدبية والفكرية للأسف غير موجودة لدينا، فدول الخليج تضمن الحقوق الأدبية والفنية والفكرية لأي عنصر في المجال الفني ولكن هذا الأمر غير موجود عندنا في العراق، وعلى سبيل المثال المطرب العراقي محمد عبدالجبار توسل لي بشكل أحرجني انه يريد يغني أغنيتي «ناذر اذا رديتي» كلماتي وألحاني وبعد موافقتي له سجل اسم الأغنية والكلمات باسم شخص آخر خوفا من أن يظهر اسمي في «ألبوم روتانا» الأمر الذي استغربت منه كثيرا لدرجة أنني قمت أتساءل: أنا مع أي نوع من البشر أتعامل؟!
وكيف وجدت تعامل ماجد المهندس الذي غنى لك أغنية «قوة قوة»؟
٭ أغنية «قوة قوة» من الأغاني التي اشتهرت كثيرا في الوطن العربي وسبب شهرتها طلبها أن يغنيها ماجد المهندس وأنا قلت له خذ الأغنية و«روتانا» تدفع لا تهتم رفض ماجد المهندس وقال عطني إياها بـ 400 دولار وقام يشتكي بظروفه المادية وطلب مني ان أساعده وقلت له ولا يهمك أنا موافق وكان ماجد يدفع لي 400 دولار ويتسلم من روتانا 5 آلاف دولار، والمصيبة ان الـ 400 دولار يدفعها ماجد المهندس بالتقسيط كل شهر يدفع لي 100 دولار، فقلت له يا أخي ماجد انا أعطيتك أغنية كلام ولحن مو بايعلك ثلاجة بالاقساط (يضحك)، وهذا يؤكد الفرق الشاسع بين ماجد المهندس وبين حسين الجسمي، والله العظيم مدير أعمال حسين الجسمي اسمه ميا أصر على ان يدفع لي حقوق اغنية «انا صابر» وكان أجر الاغنية 10 أضعاف ما يدفعه لي أي مطرب عراقي عندما يأخذ مني أغنية مثل ما سوى ماجد المهندس وعادل المختار الذي أعطيته أغنية «علميني شلون أنسى» مقابل مبلغ رمزي طلع روحي فيه!
الكويت شي كبير
ما اشتقت للكويت وأهلها؟
٭ أكيد والله الكويت وأهلها عندي شي كبير وأنا بعد تحريرها زرتها مرتين أو أكثر بس انقطعت عنها بسبب بعض الأمور الخاصة فيني ولما قررت أجي وأزورها صارت أزمة الكورونا واللي أتمنى انها تزول بأسرع وقت لأزور الكويت اللي فيها الكثير من الأصدقاء سواء مطربين أو غيرهم، الله يحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه وماكو عراقي شريف ما يحب الكويت لأن أفضالها كثيرة على العراق بأكمله وأنا سعيد جدا في هذا الحوار من خلال جريدة «الأنباء» علشان أطمن فيه جمهوري العريض الموجود بالكويت إني بخير ومشتاق لهم خصوصا أنني من زمان ما ظهرت في الصحافة الكويتية اللي يشهد على تميزها القريب والبعيد.