قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني ان أسواق الأسهم العالمية شهدت ارتفاعات كبيرة خلال نوفمبر الماضي بدعم من النتائج الواعدة لتجارب اللقاحات ضد فيروس كوفيد-19 الذي عصف بالاقتصاد العالمي هذا العام، على الرغم من إمكانية أن يستغرق توزيع تلك اللقاحات وقتا طويلا.
ولقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الولايات المتحدة بنسبة 11% وصعد مؤشر يوروستوكس 50 بنسبة 18%، على الرغم من الضغوط المستمرة التي تتعرض لها آفاق النمو على المدى القريب نتيجة لارتفاع حالات الإصابة وتدابير الإغلاق المكلفة اقتصاديا.
كما أن امكانية إقرار حزمة تحفيز مالي جديدة في الولايات المتحدة وإدخال المزيد من التدابير التيسيرية على السياسة النقدية الأوروبية، قد ساهمت أيضا في تعزيز معنويات التفاؤل.
وفي الوقت نفسه، قفزت أسعار خام برنت بنسبة 27% إلى ما يقرب من 48 دولارا للبرميل على أمل أن الانتعاش الاقتصادي سيدعم الطلب على النفط، بالرغم من اتفاق أوپيك+ على زيادة الإنتاج (أقل من المقرر في البداية) بدءا من شهر يناير المقبل.
وأضاف التقرير ان الإدارة الأميركية الجديدة ستواجه العديد من التحديات الاقتصادية، بما في ذلك قطاع الأعمال الصغيرة الذي أدت الجائحة - والتي ما تزال في أوجها - إلى تدميره، هذا إلى جانب عمليات الإغلاق على مستوى عدد من الولايات المختلفة، وتفاقم مستويات العجز المالي (15% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020)، وارتفاع الدين العام (98% من الناتج المحلي الإجمالي)، وتزايد معدلات البطالة على الرغم من تراجعها مؤخرا (6.7% في نوفمبر) والنزاعات المستمرة مع الشركاء التجاريين الدوليين الرئيسيين.
إلا ان إمكانية طرح العديد من اللقاحات المضادة لكوفيد-19 خلال الفترة المقبلة قد يؤدي إلى تزايد التفاؤل تجاه آفاق النمو الاقتصادي، وعلى الرغم من الضغوط الناجمة عن الجائحة، إلا ان بعض البيانات، والتي من ضمنها استطلاعات النشاط التجاري وسوق الإسكان تبدو قوية، مما يشير إلى إمكانية تسجيل الناتج المحلي الإجمالي لمعدل نمو معتدل في الربع الرابع من 2020 بعد النمو الجيد الذي شهده الربع الثالث من العام الحالي بنسبة 33%.
إلا أنه على الرغم من ذلك، مازالت هناك بعض المخاطر السلبية الناتجة عن هشاشة مستويات الثقة وضعف سوق العمل.
أما على صعيد السياسات المالية، يبدو أن الكونغرس يركز على حزمة تحفيز مالي جديدة بقيمة 0.9 تريليون دولار (4% من الناتج المحلي الإجمالي) - والتي تعتبر أصغر بكثير مما رفضه النواب الديموقراطيون سابقا، إلا أنها تتضمن مساعدة الشركات الصغيرة (288 مليار دولار)، والحكومات المحلية (160 مليار دولار)، وتمديد إعانات البطالة (180 مليار دولار) التي المقرر أن تنقضي بنهاية العام.
ولكن الصفقة لم يتم إقرارها في الكونغرس حتى الآن، في حين اقترح البيت الأبيض خطة بحجم مماثل ولكن بهيكل مختلف. وقد يتم اتباع أي منهما مع تطبيق حزمة تحفيز مالي بقيمة أكبر بعد تنصيب بايدن في 20 يناير المقبل.
وفي الوقت ذاته، لا يزال الاحتياطي الفيدرالي ملتزما بسياسة نقدية تيسيرية تتضمن الإبقاء على معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية عند مستوى 0.0-0.25% وبرنامج شراء الأصول بقيمة 120 مليار دولار شهريا لفترة غير محددة.
ويمكن أن يتم ادخال المزيد من التدابير التيسيرية (ربما عن طريق زيادة وتيرة شراء السندات أو شراء سندات ذات آجال استحقاق أطول) في اجتماعه المقرر انعقاده في 15 - 16 ديسمبر.
وعادت مستويات التضخم الأساسي للإنفاق الاستهلاكي الشخصي للتراجع إلى 1.4% على أساس سنوي في أكتوبر، والذي مازال أقل بكثير من المستوى المستهدف البالغ 2% من قبل الاحتياطي الفيدرالي (الرسم البياني 2).
منطقة اليورو قد تنزلق إلى الركود
رأى تقرير «الوطني» أن عمليات الإغلاق التي سادت كافة أنحاء أوروبا بهدف مكافحة تفشي حالات الإصابة الجديدة بالفيروس منذ أكتوبر الماضي قد حققت نجاحا جزئيا، على الرغم من توقع انزلاق منطقة اليورو مرة أخرى للركود الاقتصادي في الربع الرابع من 2020.
وكان الناتج المحلي الإجمالي قد انتعش في الربع الثالث من 2020 بنسبة 12.5% لكنه ظل أقل بنسبة 4% عن المستويات المسجلة بنهاية 2019.
كما تراجع مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو بشكل حاد إلى 45.3 في نوفمبر مقابل 50 في أكتوبر، مما يؤكد عودة حالة الانكماش الاقتصادي على خلفية ضعف أداء قطاع الخدمات إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ مايو الماضي، إذ بلغت قراءة مؤشره 41.7.
وكانت معدلات الانكماش ضمن مؤشر مديري المشتريات أقوى في فرنسا (40.6) وإسبانيا (41.7)، إلا تلك التراجعات تعتبر أقل حدة مما كانت عليه خلال الموجة الأولى من تفشي الجائحة في وقت سابق من العام الحالي، مما يعكس وفقا للتقرير أداء أقوى في القطاع الصناعي نتيجة تحسن معدلات الطلب الخارجي (والذي يدعم بدوره الخدمات المساعدة) ومرونة تدابير الاغلاق هذه المرة.
وما تزال المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن التوصل إلى صفقة تجارية بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي على المحك حتى وقت كتابة هذا التقرير، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بحقوق الصيد، وما يسمى بقواعد المنافسة العادلة والمعروفة باسم «تكافؤ الفرص» ومسألة تنفيذ نقاط الخلاف الرئيسية.
وسيؤدي عدم التوصل إلى اتفاق إلى لجوء الجانبين إلى اتباع قواعد منظمة التجارة العالمية اعتبارا من الأول من يناير المقبل، والتي تتضمن فرض رسوم جمركية جديدة وتحديد كمية السلع التي يمكن تبادلها تجاريا.
ومن جهة أخرى، تلقى اقتصاد المملكة المتحدة دفعة قوية على خلفية الإطلاق المبكر لحملة التطعيم الجماعي ضد فيروس كوفيد-19 والتي بدأت في 8 ديسمبر بتلقيح الفئات الأكثر ضعفا ومن المقرر لها أن تكتمل بحلول أبريل المقبل.
إلا أنه من المرجح أن تظل القيود الإقليمية سارية حتى منتصف العام المقبل على الأقل، وسوف يؤدي انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاقية تجارية إلى التأثير سلبا على الانتعاش الاقتصادي في النصف الأول من 2021.
ومن المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي +6% في 2021 مقابل -11% في العام الحالي.
%27 ارتفاعاً بأسعار النفط
قال تقرير «الوطني» ان أسعار مزيج خام برنت ارتفعت بنسبة 27% على أساس شهري في نوفمبر لتنهي تداولات الشهر عند مستوى 47.6 دولارا للبرميل بفضل الانباء الإيجابية الخاصة باللقاح.
وساعد ذلك في التخفيف من حالة الاحباط التي سادت الأسواق نتيجة لتدابير الاغلاق خلال فصل الخريف، كما ساهمت تلك الأنباء أيضا في تجاهل السوق لقرار الأوپيك وحلفائها زيادة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا اعتبارا من يناير على الرغم من ضعف المقومات الرئيسية لسوق النفط.
وكانت الأسواق تتوقع تمديد اتفاقية خفض حصص الإنتاج الحالية (تصل إلى حوالي 7.7 ملايين برميل يوميا) لمدة 3 أشهر على الأقل، على أن يقوم المنتجون بعد ذلك بتقييم حالة الطلب العالمي على النفط وامكانية زيادة الإنتاج بمقدار 1.9 مليون برميل يوميا.
وكان خلف هذا القرار هناك رأيان متضادان: فمن جهة، كان هناك قلق بشأن ضعف أوضاع الطلب العالمي على النفط، في حين كان البعض أكثر ثقة تجاه انتعاش الطلب بفضل اللقاحات، مع عدم الرضا عن استمرار فشل المنتجين الآخرين في الامتثال بحصص خفض الإنتاج الإضافية لتعويض زيادة إنتاجهم خلال الفترات السابقة.
وتم الاتفاق في النهاية على حل وسط يتضمن إجراء تقييم شهري للسوق، مع توافر خيار زيادة أو خفض الإنتاج وفقا لذلك.
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، والتي لا ترى إمكانية قيام اللقاحات ضد فيروس كورونا بتعزيز الطلب على النفط بشكل كبير حتى 2021، فإن أساسيات النفط «أضعف من أن تقدم دعما قويا للأسعار».
وقامت الوكالة، في تقريرها الشهري عن أداء سوق النفط لشهر نوفمبر، بخفض توقعات الطلب على النفط بمقدار 0.4 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من 2020 وخفض الطلب بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا في الربع الرابع من 2020. كما سيشهد الربع الأول من 2021 انخفاض الطلب بمقدار 0.7 مليون برميل يوميا عن التقديرات السابقة أيضا.
أما بالنسبة للعام 2020 ككل، فمن المتوقع أن ينكمش الطلب على النفط بمقدار 8.8 ملايين برميل يوميا، قبل أن ينمو بمقدار 5.8 ملايين برميل يوميا في 2021.
وفي حال كان نمو الطلب أقل من التوقعات و/ أو إمدادات النفط من إحدى الدول الثلاث التابعة لمنظمة الأوپيك (إيران وفنزويلا وليبيا) التي لا تخضع لخفض حصص الإنتاج - إذ تجاوز الإنتاج الليبي مليون برميل يوميا مؤخرا - أو استمر نمو انتاج الدول غير الأعضاء في منظمة الأوپيك (مثل الولايات المتحدة)، فمن المرجح أن تتعرض الأسعار للضغوط مجددا.