«الأفضل لم يأت بعد».. هكذا يعتقد بعض المحللين فيما يتعلق بآفاق أسعار الذهب والفضة خلال العام المقبل، على الرغم من أن هناك بعض المخاطر السلبية التي تلوح في الأفق.
وحقق الذهب مكاسب بنحو 21.8% ما يعادل 332.2 دولارا في العام الحالي حتى نهاية جلسة يوم الخامس عشر من ديسمبر، مع حقيقة أن المعدن الأصفر ارتفع سعره من 1523.10 دولارا إلى 1855.30 دولارا للأوقية.
وتجدر الإشارة إلى أن الذهب وصل إلى الذروة في أغسطس الماضي، عندما قفزت الأسعار إلى 2075 دولارا للأوقية، مع حقيقة ضعف الدولار الأميركي (خسائر 6% تقريبا هذا العام).
وخلال النصف الأول من 2020، كانت أسعار المعدن النفيس مدعومة بمعدلات الفائدة الاسمية والحقيقية (بعد استبعاد أثر التضخم) المنخفضة بالإضافة لتسارع الطلب الاستثماري على الملاذات الآمنة.
ومنذ ذلك الحين، بدأ المستثمرون في تحويل أموالهم بوتيرة بطيئة إلى الأصول الأكثر خطورة، وهو الاتجاه الذي شهد تسارعا منذ نوفمبر الماضي مع أنباء اللقاحات الإيجابية.
في حين أن سعر الفضة وصل إلى 24.35 دولارا للأوقية بنهاية تعاملات الثلاثاء، ما يعني أن المعدن الأبيض حقق زيادة بنحو 35.9% حتى الآن في العام الحالي مقارنة مع مستوى 17.92 دولارا للأوقية المسجل نهاية 2019.
آفاق إيجابية
ورغم أن أنباء اللقاحات المضادة للفيروس قللت من حماس المستثمرين حيال الذهب، لكن «كومرزبنك» يعتقد أن تأثيرات الوباء العالمي ستظل محسوسة خلال معظم عام 2021.
ومع توقعات أن تقوم الحكومات والبنوك المركزية بضخ المزيد من السيولة في الأسواق المالية، يرى «كومرزبنك» أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تتجاوز الأسعار القمة القياسية المسجلة في أغسطس الماضي.
ويتوقع البنك الألماني أن يبلغ متوسط سعر الذهب في العام الحالي 2000 دولار للأوقية، قبل أن يصل الى ذروة أعلى 2300 دولار للأوقية بحلول الربع الرابع من 2021.
ومن غير المتوقع حدوث تغيير في السياسة النقدية والمالية التيسيرية للغاية على الرغم من اللقاحات، حيث ستظل الحكومات والبنوك المركزية مطالبة بتخفيف التأثيرات السلبية التي خلفتها إجراءات مكافحة «كورونا» على الاقتصاد والمجتمع، طبقا لـ«كومرزبنك».
وحتى في حالة السيطرة على جائحة «كورونا» - كما يتوقع «كومرزبنك» - خلال النصف الثاني من 2021 عبر تحصين نسبة كافية من الأفراد، فإن مستويات الدين العام المتزايدة بشكل هائل بسبب الوباء والميزانيات العمومية المتضخمة للبنوك المركزية ستظل كما هي لفترة طويلة قادمة.
ومع توقع أن تكون السياسة النقدية هي المحفز الرئيسي لسوق الذهب، أشار «كومرزبنك» إلى أن الطلب الاستثماري سيكون الجزء المهم الذي تجب مراقبته في 2021.
وكان عام 2020 هو المرة الأولى التي يتجاوز فيها الطلب المدفوع بالاستثمار الطلب على المجوهرات باعتباره أهم قطاع في سوق الذهب، وهو ما لم يكن عليه الحال خلال أزمة عام 2009.
لكن مع بدء الاقتصاد العالمي في التعافي، قال «كومرزبنك» إنه يتوقع ارتفاع الطلب على المجوهرات في عام 2021، كما أن الطلب من جانب البنوك المركزية سيكون كذلك ركيزة مهمة لدعم أسعار المعدن الأصفر.
ومن المرجح أن تظل معدلات الفائدة الحقيقية سالبة لبعض الوقت، وهو الأمر الذي قد يمحو تكلفة الفرصة البديلة لوضع الأموال في الأصول الآمنة المنافسة مثل السندات، كما تقول مديرة محفظة سبروت «ماريا سميرنوفا».
وتضيف: «نحن في أسوأ فترات ركود اقتصادي في التاريخ الحديث، كما يتم التعامل معه بأكبر استجابة من جانب صناع السياسة، وهذا اتجاه عالمي من المرجح أن يستمر، وكل هذا إيجابي بالنسبة للذهب، نحن متحمسون للغاية بشأن آفاق الذهب».
مخاطر سلبية
وبعد المكاسب القوية المسجلة في العام الحالي والتي تتجاوز 20%، فإن صعود أسعار المعدن في 2021 قد يكون محدودا نسبيا، مع حقيقة أن هناك مخاطر سلبية.
وتسلط «كابيتال إيكونوميكس» الضوء على بعض المخاطر الهبوطية في أسعار الذهب بما في ذلك التعافي الاقتصادي الأسرع من المتوقع، رغم أنها تصف نظرتها المستقبلية بأنها إيجابية.
وتتوقع «كابيتال إيكونوميكس» أن يتداول سعر الذهب عند حوالي 1900 دولار للأوقية طوال عام 2021، حيث تظل معدلات الفائدة الأميركية الحقيقية عند مستويات منخفضة، مع العلم أن المعدن أنهى جلسة أمس الثلاثاء عند مستوى 1855 دولارا.
وترى المؤسسة البحثية أن هناك نوعين من المخاطر السلبية الرئيسية أمام توقعات الذهب، يكمن الأول في احتمالية ارتفاع معدلات الفائدة الأميركية الحقيقية بمجرد ارتفاع الفائدة الاسمية بسبب تعاف اقتصادي أسرع من المتوقع.
وتتوقع «كابيتال إيكونوميكس» حاليا أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 6.8% خلال عام 2021.
ويقول الاقتصادي المتخصص في السلع في كابيتال إيكونوميكس «صامويل بورمان»: «يتوقع السوق حاليا أن تظل معدلات الفائدة الأميركية بالقرب من نطاق الصفر على الأقل حتى عام 2023، لكن يمكن تقديم هذا الموعد إذا تجاوز التضخم بشكل مستمر هدفه البالغ 2% وإذا انخفض معدل البطالة بسرعة».
أما مخاطر الجانب السلبي الأخرى فتكمن في انخفاض طلب المستثمرين على الذهب في العام الجديد.
وفي هذا الشأن، يوضح «بورمان»: «يمكن للمستثمرين تكثيف عمليات بيع أصول الملاذ الآمن مثل صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب».
ومع تزايد شهية الإقبال على المخاطرة، يتراجع الطلب الاستثماري للمعدن، حيث شهد شهر نوفمبر وحده ثاني أكبر تدفقات خارجة على الإطلاق في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
ومع ذلك، حتى في ضوء هذه المخاطر، يجب أن يكون أي انخفاض في أسعار الذهب محدودا.
ماذا عن الفضة؟
بينما يستمر الذهب في جذب الكثير من الاهتمام في عام 2021، يعتقد المحللون في «كومرزبنك» أن المستثمرين يراقبون الفضة.
ويتوقع البنك الألماني أن تستمر الفضة في التفوق على الذهب، حيث يؤدي تحسن أداء الاقتصاد العالمي لتعزيز الطلب الصناعي على المعادن الثمينة.
ويرى «كومرزبنك» أن متوسط سعر الفضة في العام المقبل سيقارب 26.50 دولارا للأوقية، على أن تصل الأسعار للذروة عند 32 دولارا بحلول الربع الرابع من 2021.
وتعني هذه التوقعات أن مكاسب الفضة خلال الأشهر الـ12 المقبلة ستصل إلى 30% مقارنة مع الأسعار الحالية، لكن في غضون ذلك من المتوقع أن يشهد الذهب زيادة بنحو 24%، حسب ما نشره موقع «أرقام».
وترجع هذه المكاسب إلى أنه من المرجح أن يؤدي تدفق الأموال منخفضة التكلفة ليس فقط إلى الذهب ولكن أيضا للمعدن الأبيض، كما سيدعم الطلب الصناعي الأسعار، لذلك يتوقع أن تستأنف الفضة اتجاهها الصاعد.
ورغم أنه من المتوقع أن يزداد استخدام المعدن في التطبيقات الصناعية خلال العام المقبل، لكن «كومرزبنك» يقول إن الطلب الاستثماري سيظل المحرك المهم للأسعار في عام 2021.