- النشمي: إذا استُهلك المحرَّم وتغيَّر إلى مادة أخرى جاز أكله حلالاً طاهراً
- الطبطبائي: يُمنع تناول أي شيء يحتوي على نجس كخمر وخنزير ونحوهما
- العليمي: لا استحالة تامة لاستخلاص الجيلاتين كيميائياً من جلود الخنازير وعظامها
- العنزي: غالب أهل العلم يرجحون طهارته إذا استحال استحالةً كاملةً عن أصله
- المرداس: الجيلاتين المأخوذ من لحم الخنزير أو عظمه أو شحمه حرام مطلقاً
ليلى الشافعي
صدرت فتوى من د.عجيل النشمي حول دخول المحرم والنجس كالخمر وشيء من الخنزير إذا استهلكت وتغيرت عنها من خمر أو عظم خنزير الى مادة أخرى، فيجوز أكلها حلالا طاهرة، حيث يرى كثير من الفقهاء أن الاستحالة تحكم بطهارة المادة التي تحولت، وبالتالي يحل أكلها واستخدامها.
ويرى فريق آخر أن الاستحالة لا تطهر ويحرم تناول أي شيء داخل عليه محرم أو نجس، لنتعرف على رأي علماء الشرع بالكويت.
بداية، يوضح العميد السابق بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي فتواه بالأدلة فيقول: وردني استفسارات وتعقيبات على فتوى دخول المحرم والنجس كالخمر وشيء من الخنزير إذا استهلكت وتغيرت عينها من خمر أو عظم خنزير إلى مادة أخرى فيجوز أكلها حلالا طاهرة.
وأود القول بأن هذا ما رجحته مع وجود قول آخر يمنع له احترامه واعتباره، وأذكر هنا المراجع التي تقوي هذا الترجيح.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: طهارة العين النجسة بالاستحالة:
إذا استحالت العين النجسة إلى عين أخرى طهرت بالاستحالة، وهذا مذهب كل من الحنفية والمالكية، ورواية عن أحمد، وهو اختيار ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم.
وقد بسط الإمام ابن تيمية مذاهب الفقهاء وأقوالهم في ذلك، ورجح طهارة المائع الذي خالطته نجاسة ما لم يتغير عن أصله، وقد أفاض في الاستدلال على ذلك والانتصار له، والرد على من خالف فيه، قال رحمه الله في ذلك: «وفي الجملة فهذا القول هو الصواب، وذلك أن الله حرّم الخبائث التي هي الدم والميتة ولحم الخنزير ونحو ذلك، فإذا وقعت هذه في الماء أو غيره واستهلكت، لم يبق هناك دم ولا ميتة ولا لحم خنزير أصلا، كما أن الخمر إذا استهلكت في المائع لم يكن الشارب لها شاربا للخمر».
ثم قال بعد كلام: «وهذه الأدهان والألبان والأشربة الحلوة والحامضة وغيرها من المطعومات الخبيثة، قد استهلكت واستحالت، فكيف يحرم الطيب الذي أباحه الله تعالى، ومن الذي قال: إنه إذا خالطه الخبيث استهلك فيه واستحال قد حرم؟ وليس على ذلك دليل من كتاب ولا من سُنة ولا إجماع ولا قياس».
وقد ورد في الندوة الفقهية الطبية الثامنة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت في مايو 1995 القرار التالي: (الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها تحول المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة وتحول المواد المحرمة الى مواد مباحة شرعا.
وبناء على ذلك الجلاتين المكون من استحالة عظم الحيوان النجس وجلده وأوتاره طاهر، وأكله حلال)، أما إذا بقي من الخنزير أي جزء منه فيحرم استخدامه. والله أعلم.
لايجوز
من جانبه، أكد العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.سيد محمد الطبطبائي عدم جواز أكل أي شيء احتوى على نجس كخمر وخنزير وحرام أكله.
فيه إشكال
يضيف د.راشد العليمي أن من القضايا التي بحثها العلماء وجود المحرم في الطعام او الشراب، مع جواز تناوله أو أكله إذا استحال المحرم فيه الى عناصر أخرى.
وأفتى بعض العلماء بجواز تناول الطعام أو الشراب إذا تحققت الاستحالة، هذا النظر له اعتباره الكريم بالقول، لكن من وجهة نظري أن المانع بالأخذ به بالإطلاق هو تعذر معرفة تحقيق استحالة المحرم فيه بصورة مؤكدة، فالرياض السابق نظريا صحيح، لكنه من جهة الواقع متعذر.
ولهذا قررت طائفة من العلماء أن المعالجات والتفاعلات الكيميائية التي تمر بها جلود الخنازير وعظامها لاستخلاص الجيلاتين لا تنتج عنها استحالة كاملة، وإنما تستحيل استحالة جزئية، فالجيلاتين لا يزال محافظا على خصائص العين النجسة التي أخذ منها، ولهذا لا يقال للإنسان العامة تأكد هل استحال الخمر في الحلويات او لم تقع له الاستحالة! لأنه واقعيا متعذر عليه، فكان المنع هو الأحوط والمسلمين وفيه البراءة للنفس من الحرام.
وأنقل ما قرره د.وفيق الشرقاوي ـ رئيس مجلس الإدارة بالشركة العربية للمنتجات الجيلاتينية بمصر: «ان جلود الخنازير وعظامها لا تستحيل استحالة كاملة وإنما تستحيل استحالة جزئية، ويمكن بطريق التحليل الطيفي التعرف على أصل الجيلاتين المستخلص من جلود الخنازير وعظامها بعد العمليات الكيميائية التي يتم بها استخلاصه، وذلك لوجود بعض الخصائص في هذا الجيلاتين يمكن التعرف على أصله هذا، فلا يمكن القول بأن أجزاء الخنازير التي تحولت الى جيلاتين قد استحالت استحالة كاملة» كما قررت، تم نشره في مجلة «البحوث الفقهية المعاصرة» (28/31).
ولهذا فالقول بالجواز للعامة من الأمور التي ستوقع في إشكال لدى من يتلقى الفتوى اذ لا يمكن ضبط استحالة المحرم الى مادة أخرى او بقاء أشياء منه.
الطهارة
ويقول د.سعد العنزي: دخول النجس او المحرم او شيء منه اذا استحال استحالة كاملة عن حقيقتها وطبيعتها وأصلها، ومن ثم أصبحت مادة مختلفة عن أصلها وهي النجاسة السابقة أو المحرمة ولم يبق لها أي أثر، فغالب أهل العلم على الطهارة وحكمها حكم ما استحالت إليه وخالف في ذلك من العلماء الإمام الشافعي والمشهور عند الحنابلة.
اختلفت الآراء
ويقول د.خالد المرداس: فقد استمعت إلى ما قاله فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عجيل النشمي حفظه الله في فتوى دخول المحرم او النجس كالخمر أو أي شيء من لحم الخنزير إذا استهلك وتغيرت عين الخمر او عظم خنزير او لحمه الى مادة اخرى.
اختلف العلماء في هذه المسألة فمنهم من يرى الجواز ومنهم من يرى التحريم وكذلك اختلف أصحاب المذاهب الأربعة فمنهم من يرى جواز ذلك لتغيير العين ومنهم من يرى التحريم لأنه يعود ذلك الى الأصل والذي نقول به والعمل به لتطمئن النفوس ويصان الدين حديث النبي صلى الله عليه وسلم «إن الحلال بيّن وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه» سواء كان هذا في الأطعمة أو الأشربة أو الأدوية أو في المنظفات او في الحلوى وقس على ذلك.
عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
فترك الشبهات أنقى وأتقى وأورع للمسلم من ولوج باب الشبهات الذي قد يكون سبيلا للتهاون في أمور الدين فيقع في الحرام مع الوقت بسبب تساهله وأخذه بالشبهات، وأما مادة الجلاتين المأخوذة من لحم الخنزير او عظمه او من شحمه فهي حرام مطلقا، فلا يجوز استعمالها ابدا وبهذا قال الحنابلة وغيرهم.
وللاســتحالة عند العلماء ثلاثة أقوال، الأول: منها مستحيل الى صلاح يأخذ حكم الصلح، الثاني: أنها تبقى على حكمها الأصل، الثالث: التفريق وهو تحويل الشيء الى مادة اخرى بحيث تتغير بالكلية فهذه تأخذ حكم الجواز.
خلاصة القول: والذي نرى به ونعمل به ترك الشبهات او كل ما صنع من لحم الخنزير او عظمه او من شحمته وكذلك كل ما صنع من الخمر والمسكرات القليل منه والكثير.