بيروت - عمر حبنجر ويوسف دياب
ولّد الإعلان عن إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، على خلفية إصابته بفيروس «كورونا»، حالة من الوجوم في بيروت، خصوصا على مستوى القوى السياسية التي راهنت على المبادرة الفرنسية، كخشبة إنقاذ.
وقد جاءت زيارة مساعد الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي إلى بيروت، أمس، بمنزلة رسالة تنشيط للحراك الحكومي تعكس التزام الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتوافق الذي عقده مع ماكرون على إنقاذ لبنان.
وعلى الرغم من الخيبة التي ترتبت على إلغاء زيارة ماكرون فقد خفضت زيارة الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري إلى بكركي و«ممالحته» البطريرك الماروني بشارة الراعي على العشاء، الاحتقان الطائفي الذي كان بدأ يظهر بعد احتضان رؤساء الحكومة السابقين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والمواقف المستفزة للتيار الوطني الحر، والرامية في الأساس، إلى تقويم وجوده الشعبي من خلال المناداة بحقوق المسيحيين.
مصادر متابعة نوهت بالزيارة واعتبرتها خطوة موفقة من رئيس الحكومة المكلف، لكنها أملت أن تكون مخطئة في معلوماتها التي تقول إن الهدوء الذي تشهده الساحة السياسية في لبنان ووقف التراشق بين «التيار الوطني الحر» وحليفه السابق «تيار المستقبل»، هدوء ما قبل العاصفة.
المصادر ردت جانبا من العقبات المتلاحقة إلى الاحتقان الذي ولدته العقوبات الأميركية لدى رئيس التيار جبران باسيل، وفي جانب آخر، وهو الأساس، إلى نظرية «الفوضى الخلاقة» الجاري تنفيذها في لبنان.
ومن دلالات ذلك، الإيعاز الذي صدر عن المديرية العامة للأوقاف الإسلامية بالتركيز في خطب الجمعة اليوم، على دعم موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في رفضه استقبال المحقق العدلي اليوم، لاستجوابه كمدع عليه بالإهمال الوظيفي في معالجة وجود النيترات المتفجرة في مرفأ بيروت، في وقت دعت فيه أوساط إسلامية أخرى كل من ادعى عليه القضاء إلى الحضور وإثبات التزامه بالقانون، فضلا عن إثبات براءته، لأن ما سيحصل، اليوم، سيعزز موقف المتورطين من الجانب السياسي والطائفي الآخر لدى مراجعهم الدينية.
بيد أن القاضي صوان، استبق كل ذلك بإعلان تأجيل استجواب رئيس الحكومة، إلى موعد يحدد لاحقاً، في ضوء ما سيتقرر على صعيد مجلس النواب حيث يتجه هذا الملف المعقد إلى الملاحقة المزدوجة، المحقق العدلي يحقق بالمسؤولية عن الإهمال والتسبب بالقتل والجرحى والهدم، للرؤساء والوزراء، ومجلس النواب يتولى من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المؤلف من 15 عضوا (8 قضاة و7 نواب) النظر بالجوانب المتعلقة بخرق الدستور والمخالفات الناشئة عن الوظيفة فضلا عن بت محكمة التمييز طلب الوزيرين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر استبدال القاضي صوان بداعي الارتياب.
وغالط النائب جميل السيد موقف مجلس النواب المتمسك بحصانة الوزراء والنواب الملاحقين وقال لقناة «ال بي سي»: لا حصانة أمام المحقق العدلي.. وليس للمحقق العدلي أن يوقف صغار الضباط دون رؤسائهم.
بدوره، النائب هادي أبوالحسن نوه بدور الرائد جوزيف النداف في كشف المواد المتفجرة ودعا لإطلاقه مع ضابطين آخرين يرى أن لا دور لهما فيما حصل.
إلى ذلك لم يحضر وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس ولا وكيله القانوني الى مكتب القاضي صوان أمس، ولم يبرر أسباب تغيبه، كما لم تعقد جلسة لاستجواب مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وكشف مصدر مقرب من القاضي صوان لـ «الأنباء» ان «وكيل صليبا المحامي نضال خليل حضر الى مكتب القاضي صوان، وأبلغ الأخير ان موكله موجود خارج المكتب ومستعد للمثول أمامه وإجراء المواجهة بينه وبين الرائد في امن الدولة جوزف النداف الموقوف في الملف».
ولفت المصدر الى أنه «عندما طلب صوان من المحامي خليل مناداة موكله للدخول، خرج قليلا وعاد ليبلغ المحقق العدلي أن اللواء صليبا غادر قصر العدل وتوجه الى القصر الجمهوري لأن دوائر قصر بعبدا اتصلت به، وأبلغته بأن الرئيس ميشال عون يريد مقابلته، وعندها أعيد الرائد نواف الى مكان توقيفه».
من جهتها، طلبت المديرية العامة لأمن الدولة من وسائل الإعلام عدم التداول بمعلومات مغلوطة عن عدم حضور اللواء طوني صليبا جلسته التي كانت مقررة أمس.
وقالت في بيان: «يهم المديرية العامة لأمن الدولة أن توضح أن المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا قد حضر إلى قصر عدل بيروت في الوقت المحدد، وتكرر المديرية تمنيها عدم نشر أو تداول أي أخبار دون التأكد من صحتها والذي من شأنه تضليل التحقيق».