- من بين الأساليب الجديدة الاتفاق على تخزين الخام في الدول المستهلكة لاستخدامها عند الحاجة
محمود عيسى
ذكرت صحيفة «غلف نيوز» أن استخدام النفط للمقايضة والحصول على السلف النقدية ليسا وسيلة لتأمين المستقبل لأنه يرهن مستقبل البلاد للمستهلكين، كما أن انخراط بعض الدول المنتجة للنفط في هذا النهج يعتبر توجها قصير النظر قد يضر بمصالحها على المدى البعيد.
وقالت الصحيفة في مقال بقلم المحلل المتخصص بشؤون الطاقة والاقتصادات الخليجية محمد البسومي: إننا نجد أن الاستراتيجيات النفطية الجديدة لدول مجلس التعاون الخليجي تنصب على زيادة التعاون مع الدول الرئيسية المستهلكة للنفط، لاسيما في آسيا، للحفاظ على أسواق صادراتها، حيث فرضت الأحداث الأخيرة في صناعة النفط، لاسيما خلال تفاقم تداعيات أزمة «كورونا»، تغييرات جذرية في سياسات الدول المنتجة سيكون لها تأثير على مستقبل الصناعة النفطية ككل، وبالتالي على الأوضاع الاقتصادية لهذه الدول.
اتجاهان مميزان
وأضاف البسومي أن نهج الدول الخليجية المنتجة للنفط، والهادف إلى تعزيز التعاون مع الدول الرئيسية المستهلكة للنفط خاصة في آسيا للحفاظ على أسواق صادراتها في مواجهة انخفاض الطلب وزيادة الإنتاج، هذا النهج يمثل أحد اتجاهين مميزين يشكلان صناعة النفط.
ومن بين الأساليب الجديدة لدول مجلس التعاون الاتفاق على تخزين كميات كبيرة من خاماتها في الدول المستهلكة لاستخدامها عند الحاجة، وينطبق هذا القول على اتفاقية تخزين النفط التي وقعتها الكويت مع اليابان تمنح بموجبها شركة التكرير اليابانية إنيوس مؤسسة البترول الكويتية حق استخدام خزاناتها، وفي المقابل سيكون لليابان الأولوية في الحصول على هذه المخزونات في حالة الطوارئ.
كما وقعت الإمارات اتفاقية مماثلة مع الهند، فيما تجري الأخيرة محادثات مع السعودية لتخزين احتياطياتها من النفط في منشآت جنوب البلاد وتخصيصها كاحتياطيات نفطية استراتيجية. ويعكس هذا النهج الاستراتيجي لدول التعاون التوجه للحفاظ على المصالح الخليجية.
النقد السائل
أما الاتجاه الآخر المميز لصناعة النفط، فيتمثل في قيام دول مثل إيران والعراق وأنغولا وڤنزويلا بعقد صفقات بيع النفط والحصول على أموال مقدما لمساعدتها في معالجة أزماتها المالية.
لكن الكاتب أشار الى ان الاتفاقيات الموقعة من هذا القبيل تشكل ما يشبه خطة إنقاذ مقدمة من المستهلكين للدول التي تعاني من ضائقة مالية، حيث إنها تتلقى مدفوعات مقدما مقابل إمدادات النفط طويلة الأجل بأسعار أقل من أسعار السوق، وبالتالي فإنها تنطوي على سلبيات كبيرة، لأن محاولات هؤلاء المنتجين لحل مشاكلهم الحالية تخلق ظروفا لمزيد من الأزمات المالية الأكثر صعوبة والمزيد من التدهور، وذلك لأن العائدات النقدية التي تم الحصول عليها الآن ستنفق لتمويل النفقات الجارية وفي القطاعات غير المنتجة، مع احتمال أن يضيع الكثير منها بسبب الفساد.
وقد تكون هذه الدول معذورة في هذا التوجه نظرا لتدني تصنيفاتها الائتمانية التي تمنعها من الاقتراض الخارجي، ناهيك عن العقوبات الاقتصادية الشديدة المفروضة على كل من إيران وڤنزويلا، والتي لا تسمح لهما بالاقتراض.
التصنيفات هي كل شيء
في المقابل، قال البسومي ان دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بتصنيفات ائتمانية عالية، بالإضافة الى تعطش المستثمرين العالميين الى إصداراتها من السندات والديون، ويعزى ذلك الى الاستقرار السياسي والاقتصادي والمالي الذي تنعم به دول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن مساعيها الهادفة إلى تدعيم هذا الاستقرار وإقامة تحالفات قوية مع مستهلكي النفط الرئيسيين.
ووصف المحلل قادة المجموعة الأخرى من المنتجين بأنهم «عابرون» يهرولون لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب على حساب المستقبل الاقتصادي لبلدانهم، لكن مثل هذا النهج سيؤدي إلى مواقف معقدة للحكومات المستقبلية لهذه الدول.
وختم بالقول: إن هذا الوضع يذكرنا بأزمة مالية أخرى مرت بها دولة أوروبية عندما اضطرت حكومتها إلى الاستقالة وتشكيل أخرى جديدة، وعندما جاء وزير المالية الجديد ليتسلم مهامه وجد رسالة قصيرة على المكتب من سلفه الوزير السابق تقول ببساطة: «لا نقود.. حظا سعيدا».
ولا شك أن السيناريو سيتكرر مع وزراء قادمين في دول أخرى وظروف أخرى.