بيروت ـ عمر حبنجر
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خاضع اليوم للحجر الصحي بسبب التقاطه ڤيروس كورونا، ومع الحجر طالت مساعي تشكيل الحكومة اللبنانية، مع المفارقة بأن الحجر على الرئيس ماكرون مداه أسبوع بينما الحجر على الحكومة يتجاوز الشهر، قياسا على التوقيت الإقليمي المرتبط بالعشرين من يناير المقبل موعد التسلم والتسليم بين الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن والرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في البيت الأبيض.
الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي كان في طليعة المراهنين على زيارة «صديق لبنان» ماكرون، على حد وصفه له، حاول أن يغرد منفردا من فوق جدار المحجر الماكروني، بصعوده الى بكركي، واستنهاض البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي لم يتردد في قبول المهمة، وسارع الى بعبدا صباح أمس، حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون، ثم خرج ليبلغ وسائل الإعلام أنه كان «يتمنى أن نعيّد السنة بحكومة جديدة لأن البلد لم يعد يحتمل».
وقال الراعي: لم ألمس في حديث الرئيس عون أنه متمسك بثلث معطل، مشيرا الى أن «رئيس الجمهورية ميشال عون مصمم على حضور قداس عيد الميلاد حتى قبل حضوري لدعوته، وتمنيت أن نعيد بوجود حكومة، فلا يجوز الانتظار».
وأضاف الراعي «لم يعد باستطاعة شعبنا التحمل ولا يمكننا إلا النظر إليه، وهو متعب ويتفرج على جراحه، وهذا سبب أساسي لتشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها، وهي من المؤسسات الدستورية التي يجب أن تكون حاضرة».
ورأى أنه «مهما كانت الأسباب والظروف يجب إيجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة إعمار بيروت».
وقال: «من الطبيعي أن يفكر الناس بالرئيس، لكن هناك أيضا مؤسسات عليها أن تنتج وتعمل كالقضاء والإدارات على اختلافها. أنا اليوم أنقل للرئيس صوت الناس ووجعهم ووجعنا معهم فنحن منهم».
في السياق نفسه، زار رئيس التيار جبران باسيل بكركي قائلا: «تشرفت بتلبية دعوة الراعي لأنه يحمل هم اللبنانيين والحكومة، وعرضنا للموضوع الحكومي من خلفية الرغبة في أن تكون هناك حكومة وتوافقنا على كل المواضيع وضرورة تشكيلها بسرعة».
وأضاف: «توافقنا على أن تكون الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح وعلى المعايير الواحدة في التأليف، ولليوم لم نضع أي شرط أو مطلب سوى التعامل بالتساوي والتأليف على أساس الدستور والتوافق الوطني».
وكان هناك رأي لافت للنائب جميل السيد الذي خطّأ ـ في تغريدة له ـ إلغاء الرئيس الفرنسي ماكرون زيارته إلى لبنان بسبب إصابته بكورونا، ورأى السيد أنه كان على الرئيس الفرنسي أن يزور لبنان دون الإعلان عن مرضه، ويجتمع بالمسؤولين اللبنانيين، عندها كان يمكن أن تحل المشكلة!
وكان الرئيس المكلف سعد الحريري قد غرد متمنيا الشفاء لـ «صديق لبنان» ماكرون من كورونا، مؤكدا أن مبادرته «لن نتخلى عنها مهما كبرت التحديات».
رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع قال لنواب أوروبيين: إن المشكلة الأساسية في لبنان هي في النخب الحاكمة، حزب الله وجماعة الرئيس ميشال عون.
وأضاف: علينا في الأزمات توصيف الأشياء على ما هي عليه، والمبادرات الأوروبية مهمة، لكنهم لن يضيعوا وقتهم عليها، بدليل زيارات الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي نتمنى له سرعة الشفاء.
وبهذه المناسبة، كشف د.جعجع النقاب عن اتصال بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الحر جبران باسيل اتفق خلاله على تشكيل لجنتين من التيار والحزب لدراسة تطوير التفاهم المعقود بينهما والمعروف بتفاهم «مار مخايل»، لجنة الحزب تشكلت من النائب حسن فضل الله وعبدالحليم فضل الله ومسؤول الإعلام في الحزب محمد عفيف، في حين ضمت لجنة التيار النائبين سيزار ابي خليل وآلان عون.
إضافة إلى ذلك، فإن منطق المحاصصة هو السائد، يقول رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، الذي استقال من المجلس النيابي مع ثلاثة من أعضاء حزبه، ثم صار ينادي بانتخابات مبكرة.
الجميل يعتبر أن أي كلام عن استقلالية الحكومة ضحك على الناس، وأنه لا يمكن للحريري أن يترأس حكومة مستقلة، بل يجب الإتيان برئيس مستقل.
وفي حديثه لموقع «إم تي ڤي»، اعتبر مجلس النواب جزءا من هذه التركيبة التي سلمت البلد إلى جهنم، إلى حزب الله، من خلال قانون الانتخابات الأخير، وخلص الى طلب مساءلة رئيس الجمهورية الذي كان يعرف بوجود المواد المتفجرة في المرفأ.
رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، المتطلع الى رئاسة الجمهورية العتيدة، برّأ الحكومة الحالية من المسؤولية عن انفجار المرفأ، معتبرا أن المسؤول الأول والأخير عن وجود نيترات الأمنيوم هو الأجهزة الأمنية، معترفا بأنه لا دور لحزب الله كما يظهر في وسائل الإعلام.
وقال فرنجية، في حديث لقناة «إم تي ڤي»، إن التحريض الداخلي هدفه خلق جو من الحقد شبيه بمرحلة ما قبل الحرب الأهلية، معتبرا أننا على أبواب تسوية دولية، يجب ألا تكون على حساب لبنان والمسيحيين فيه.
وعن تشكيل الحكومة، قال فرنجية: إن فريق بعبدا يطالب بسبعة وزراء لتشكيل الثلث المعطل، حكومة يتبع 7 من أعضائها إلى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وفي هذه الحالة فليسم فريق العهد الوزراء المسيحيين التسعة في الحكومة الجديدة، ما يعني عزوفه عن مشاركة المردة في الحكومة المقبلة.
«الحجر» الذي شمل الوضع الحكومي تناول أيضا التحقيق بكارثة المرفأ، ولمدة عشرة أيام، إنها المهلة القصوى المحددة لمحكمة التمييز الجزائية في إصدار القرار بشأن نقل الدعوى على النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، من المحقق العدلي فادي صوان إلى قاض آخر تعينه وزيرة العدل ماري كلود نجم، بالتوافق مع مجلس القضاء الأعلى، أو رد الطلب.
أما النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان، فواضح لديها أن المنظومة السياسية الحاكمة تريد تسييس هذا الملف تمهيدا لإضاعته كما ضاعت القضايا الكبرى الأخرى.
وبالفعل، آخر ما يمكن الاستشهاد به ملف «التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان والوزارات والمؤسسات الحكومية، والذي قطعوا له بطاقة «وان تيكيت»، أي ذهاب بلا رجعة، لكن تكتل أهالي ضحايا الانفجار وجرحاه والمتضررين منه بات يشكل عامل ضغط شعبيا وشارعيا لمصلحة المحقق العدلي، وقد باشروا سلسلة زيارات للمسؤولين وصولا إلى الاعتصام أمام منزل القاضي صوان، مناشدين إياه متابعة تحقيقاته، وعدم التوقف أمام المحاولات النيابية لتمييع الملف حماية لأنفسهم.
في هذه الأثناء ركز خطباء صلاة الجمعة في مساجد لبنان على الدعوة للحفاظ على موقع الرئاسة الثالثة في لبنان، وبالتالي عدم المس بصلاحيات رئاسة مجلس الوزراء.
وعلى الصعيد القضائي، استمعت النائب العام في جبل لبنان غادة عون إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كشاهد في ملف وصول الدولار المدعوم إلى الصرافين.