يقول الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس). «الروم».
عندما أرى في بلدي الكثير من قضايا الفساد المالي والإداري، بل وأحيانا الفساد الاجتماعي أخاف كثيرا على مستقبل البلد الذي يغطي عمله الخيري أرجاء الأرض، وتجربته الديموقراطية جعلته أمام احترام الجميع، فقضايا الفساد التي تُكشف يوما بعد يوم لا شك بسبب خلل كبير في وضع الرجل غير المناسب في المناصب والمؤسسات الحيوية.
إننا أمام مجلس أمة جديد، وأمام حكومة جديدة، فيجب أن تكون هناك مواجهة حقيقية بالوقوف ضد كل فاسد في البلد مهما كبر منصبه أو علا اسمه، إن وجود أي شخص في منصب مهم ليس معناه أنه يحق له أن يفسد في الأرض.
فقضايا الفساد في الصندوق الماليزي، و«اليوروفايتر»، و«ضيافة الداخلية»، و«صندوق بنما» تريد وقفة حقيقية، إن لم تكن هناك إرادة حقيقية لمكافحتها ووضع كل من تثبت عليه هذه القضايا وراء القضبان، فإن ذلك سيفتح علينا أمورا كثيرة، وسنتأثر كدولة بهذا الفساد.
إن أمام سمو رئيس مجلس الوزراء فرصة عظيمة جدا، وهي وضع بصماته والوقوف أمام مسؤولياته لمكافحة هؤلاء الفاسدين، وهناك الكثير من التجارب لمكافحة الفساد، مثل الزيارات المفاجئة من غير إعلان مسبق، وعدم التجديد للقياديين أكثر من ثماني سنوات، وتفعيل الأجهزة الرقابية.. وغيرها الكثير.
لنأخذ مثالا بفنزويلا التي كانت من أغنى دول العالم، ولكن عندما نخرها الفساد أصبحت إحدى أفقر دول العالم، ففي كل مؤسسة عندما يكون المسؤول فاسدا، فهنا سيمكّن لكل فاسد، ويكون في الصفوف الأولى، فإذا تسيد الفاسد ساد الفساد، وأصبح شعار المرحلة.
ومن هنا، وجب على أعضاء مجلس الأمة سن التشريعات والقوانين لمكافحة الفساد، ليس فقط بالتشريع، وإنما بمتابعة هذه التشريعات والمراقبة والقيام بكل واجباتهم الدستورية.
إن مكافحة الفساد كذلك لا تقتصر على المسؤول، وإنما تشمل كذلك كل الفاسدين صغارا كانوا أم كبارا، وللمواطن أيضا دور عظيم في مكافحة الفساد من أي موقع كان فيه، فالواسطة والمحسوبية والرشوة صور مختلفة من الفساد، مع أن كثيرا من الناس لا يأخذون حقوقهم إلا بالواسطة، فالمسؤول الفاسد لا ينجز معاملتك إلا عن طريق النائب أو صديق للمسؤول أو الرشوة، وأنا لا أعمم، فهناك الكثير من المسؤولين الشرفاء نشهد لهم بنزاهة عالية، والحمد لله.
أتمنى أن يحتذي كل مسؤول بما كان يقوم به الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان يسير في طرق المدينة ليرى ويتابع أحوال الناس، وليكن شعار كل مسؤول «لو أن بغلة في العراق عثرت لخاف عمر من سؤال الله يوم القيامة: لمَ لم تسو لها الطريق يا عمر»، وكما قال عامل عمر بن عبدالعزيز في اليمن عروة بن محمد السعدي: «يا أهل اليمن، هذه راحلتي، فإن خرجت بأكثر منها فأنا سارق».
وأخيرا، أتمنى من الله تعالى أن يضع كل مسؤول الكويت بين عينيه، وأن يكون شعاره كلمات المغفور له بإذن الله سمو أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه: «الكويت هي الوجود الثابت ونحن الوجود العابر، الكويت باقية ونحن زائلون».
نكشة: قيادي فاسد = إفساد لكل الناس!
[email protected]