بقلم: تركي حمود الحصم
فقدت الكويت الشيخ ناصر صباح الأحمد الذي لعب دورا مؤثرا في التاريخ الخليجي والكويتي الحديث في العديد من النواحي، عرف عنه سعيه الدؤوب لجعل الكويت مركزا اقتصاديا عالميا، فقد طرح فكرته عن مشروع منطقة الشمال الاقتصادية (مدينة الحرير) التي وصفها بمشروع العمر باعتباره خطوة كبيرة في تنويع مصادر الدخل والحد من الارتهان والاتكال على مصدر واحد وهو النفط، لم يفقد حماسته ولا شغفه رغم الانتقادات الحادة التي واجهها المشروع الضخم من جانب كثير من نواب مجلس الأمة 2016 والتي تضمنت منهم محاذير قانونية وأخلاقية، إلا أنه كان دائما ما ينظر إلى حجم الاستثمارات المتوقعة التي سيجذبها المشروع وإلى استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية وإلغاء البيروقراطية الحكومية تجاه أي تطوير وحداثة.
عرف عن الراحل محاربته للفساد الذي ينخر في عظام الكويت، وأكد مرارا وتكرارا أن مكافحة الفساد لا يتسنى لها أن تبدأ إلا بالتطهير الداخلي لمؤسسات الدولة من فاسديها دون تمييز، وأنه لا يمكن أن تحدث تنمية وتطوير أو عدالة في الدولة بوجود الفساد وترعرعه في مؤسساتها، كشف للشعب في الآونة الأخيرة العديد من قضايا الفساد الكبرى التي اهتزت لها أركان البلاد فلم يهتم للأسماء التي وجدت في تلك القضايا، لكنه أراد التطهير واقتلاع الفساد من جذوره.
ولم يقف الراحل عند ذلك، بل لعب دورا محوريا ومؤثرا في وساطة الكويت بين أطراف الدول من أجل حل الأزمة الخليجية مع قطر وإعادة ترميم البيت الخليجي من الداخل ورأب الصدع الموجود بين الإخوة.
وأخيرا لا يسعنا إلا أن نعزي أهل الكويت جميعا فيما أصابهم من فقدان والدانا المغفور له بإذن الله سمو الشيخ صباح الأحمد، منذ أقل من ثلاثة أشهر، لتفجع قلوبنا برحيل أكبر أبنائه الشيخ ناصر صباح الأحمد، لتفقد الكويت صباحها وناصرها، فكان الله في عوننا وصبرنا جميعا على مصابنا الجلل.