القانون هو النواة الأولى للاستقرار، والقانون كما يقال خاصة في الكويت به ثغرات كثيرة ومنذ أن وضع القانون في الكويت إلى الآن لم يتم سد هذه الثغرات، وهناك الكثير من الكويتيين يتمنون سد هذه الثغرات لأنها ليست لصالح الوطن والمواطن بقدر ما هي لصالح الوافد الذي بمكره ودهائه صنع منها بوابة خلفية لخطف الفرص من الكويتيين أصحاب المؤهلات عن طريق القانون، وهذه الثغرات القانونية في الكويت تحولت إلى فوضى خلاقة لصالح الوافد وخذ على سبيل المثال لا الحصر الآتي:
أولا: الخريج الكويتي الجديد لا يتوظف إلا عن طريق ديوان الخدمة المدنية وعليه أن ينتظر دوره في التعيين إلى ما شاء الله والوزارات المكتظة بالوافدين ولا تستطيع أن ترسل لديوان الخدمة عن حاجتها لموظفين لأن الشؤون الإدارية والقانونية بها وافدون ولا يريدون أن يحصل الكويتي على وظيفة بينهم، وبنفس الوقت الوافد يتعين مباشرة عن طريق نظام العقد «وهذه ثغرة واضحة بالقانون لا تزال فعالة لصالح الوافد».
ومن الطرائف انه وصلني كتاب من احدى الجهات الحكومية وموجه لوزارة الشؤون بطلب تغيير مهنة من صياد سمك إلى اختصاصي قانوني بنظام العقد «يا للهول» وبالمقابل نرى طوابير البطالة الكويتية تزداد طولا حتى وصلت العبدلي، وطبعا بالقانون يسكتونهم ببدل البطالة «المسمى بالبنج الموضعي» لأن الأولوية في مال الكويت أصبحت الآن للوافد وسارق المال العام.
ثانيا: التعليم وكما هو معروف يتجه من سيئ إلى أسوأ لدرجة أن طلبة البعثات الدراسية في الخارج يجدون صعوبة بالغة في الاستيعاب بسبب ضعف التأسيس التعليمي للطالب أثناء مسيرته العلمية في المدارس الحكومية، وضعف المناهج أيضا، ولعل ذلك يعود إلى سيطرة جالية وافدة واحدة على الجهاز التعليمي من خلال ثغرات قانونية وضعها المشرع الوافد طوال هذه السنين، واستفاد من عائدات التدريس الخصوصي الذي يعتمد بصورة أساسية على ضعف المستوى التدريسي للمعلم في المدرسة وجودته العليا في الدرس الخصوصي. أليس بهذا العالم مدرسون أكفاء لتدريس أبنائنا بذمة وضمير؟
ثالثا: ومقابل الكم الهائل من الوافدين القادمين للكويت من وراء البحار وفعلوا فعلتهم التي فعلوها بفتح ثغرات حصرية لصالحهم بالقوانين الكويتية، نجد أن سبل العيش قد ضاقت بأبناء الجزيرة العربية الذين استقر بهم المقام في الكويت ولم يحصلوا على الجنسية الكويتية، وتم إقصاؤهم بالقانون حتى في أوراقهم الإدارية لكي لا ينافسوا الوافدين في غنائمهم بالوظائف الحكومية والأهلية، ويرجع السبب في ذلك إلى انهم لا يعرفون القانون ولا يعرفون اللعب بمواده، وانتهى بهم المطاف إلى انتشار ظاهرة الانتحار بينهم.
رابعا: إن ظاهرة عدم التعاون بين السلطتين تمتد من الماضي إلى الحاضر وهي عبارة عن حرب قانونية بين الطرفين دفوفها وطبولها بيد المستشارين القانونيين غير الكويتيين الذين يعملون في مكاتب السلطتين، وطبعا كلما زاد عدم التعاون زاد الدعم اللوجستي باستيراد مستشارين جدد، الذين يتبعون مبدأ «فرق تسد» ولا ننسى أصحاب المصالح الشخصية الذين يرقصون على أنغام هذه الطبول وبعضهم من كثرة الرقص أصيبوا بمسٍّ من الجان، فأصبحوا يحولون مئات الملايين من الدنانير إلى أرصدتهم في دول أجنبية بالخارج وعلى عينك يا تاجر وهذه الفئة حتى الرقية الشرعية لا تنفع معهم.
ويذكرني هذا المشهد بالحروب الطويلة بين الأوس والخزرج بسبب فتن ومكائد اليهود بالمدينة المنورة إلى أن جاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وكشفهم للجميع ثم طردهم ووحّد صفوف المسلمين وبدأ ببناء الدولة ونشر الإسلام بعد أن تخلص من العدو الخفي الذي يعتبر اشد ضررا من العدو البيّن.
ونحن الآن لا نحتاج إلى رسول جديد لحل هذه المشكلة لأنه لا يوجد رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم بل نحتاج لرجل وطني رشيد وصاحب قرار ليعالج هذه الثغرات القانونية الفعالة حاليا والمؤلمة للوطن والمواطن، ويعالج صانعيها ويعالج الذين أصابهم مسٌّ من الجان وسرقوا المال العام، ونصيحتي له أن يستفتح بالكي قبل فوات الأوان، لأن الكي هو أول وآخر علاج لمثل هذه الحالة من الاستعمار القانوني.