- النظرة المادية البحتة غلبت على العمل الخيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي
- العمل الخيري العالمي حقق إنجازات أهمها نشر الكتاب والسنة وانتشار الإسلام
- كلما زاد الهجوم على الإسلام زاد انتشاره وقويت الدعوة في العالم
- من الأمانة تقييم المشاريع الخارجية ووضع معايير لأدائها من باب التواصي بالحق
- نعيش الآن بوادر صحوة.. والإسلام ينمو رغم المعوقات والتحديات التي يواجهها
ليلى الشافعي
أكد د. عبدالرحمن الجيران أن العالم اليوم يتقلب ويتغير كثيرا بسبب تداعيات كورونا، وأن هذا يؤثر سلبا على العمل الخيري ويعتبر جرس إنذار للقائمين على هذا العمل.
وتحدث د. الجيران في حواره مع «الأنباء» عن أن العمل الخيري العالمي له من الإيجابيات والسلبيات، وأن من أهم إنجازاته وإيجابياته نشر الكتاب والسنة، فيما جاءت السلبيات بعد أحداث سبتمبر وأثرت سلبا على العمل الخيري العالمي، ومنها القيود على التحويلات الخارجية التي تم تلافيها من قبل النظام الجديد المعمول به، وقد شرح د. الجيران السلبيات كل واحدة على حدة، مبينا طرق حلها، وإلى نص الحوار:
حدثنا عن العمل الخيري بصفة عامة والعمل الخيري الكويتي؟
٭ العمل الخيري العالمي بفضل الله حقق انجازات اهمها نشر الكتاب والسنة وانتشار الإسلام من خلال المراكز الإسلامية التي تقوم ببنائها الكويت واهتمامهم بتعليم المسلمين تعاليم دينهم السمح البعيد عن التطرف والإرهاب الذي يربطه البعض بالإسلام.
أما العمل الخيري الكويتي فبفضل الله تعالى ثم توجيهات الحكومة ممثلة في وزارة الشؤون ادى الى تلافي الكثير من الاخطاء الادارية والمحاسبية والارتقاء بالعمل الخيري مع مراعاة جانب التخصص في عمل الجمعيات الخيرية وحسنا ما فعلت وزارة الشؤون وكذلك وزارة الخارجية الكويتية وأشكرها على نظامها الحديث بأن الجهة التي يتم اعتمادها في الكويت لابد ان يتم اعتمادها لجهة خيرية في موطنها الاصلي ومن ثم تطبيق الشروط عليها والموافقة من قبل وزارة الخارجية.
ونرى ان العمل الخيري نشر العلم والوعي ونشر كتاب التوحيد بعدة لغات واهتم ببناء المدارس والجامعات والمعاهد.
هل الوضع العالمي سيؤثر سلباً أو إيجاباً على العمل الخيري؟
٭ نعم، يؤثر لأن العالم الى اليوم لم يستقر والمنصات العالمية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية وغيرها لم تعد تباشر عملها بالصورة التي كانت عليها قبل «كورونا»، معنى هذا ان العالم مازال الى الآن تحت تأثير تداعيات كورونا.
وأرى ان العالم اليوم المتقلب سيؤثر سلبا على العمل الخيري وهذا يعتبر جرس إنذار للقائمين على العمل الخيري لأننا نحن اليوم في زاوية جديدة وتصور جديد ووضع عالمي جديد يتطلب ان نقدم استراتيجيات جديدة ونطوي صفحة الماضي، فلا عودة للماضي، فالفترة السابقة هي جزء من التاريخ ولا يمكن العودة للعمل الخيري لما كان عليه في السابق وأعني الجانب السلبي منه.
ورغم السلبيات التي تواجه العمل الخيري العالمي الا اننا نعيش بوادر صحوة اسلامية في جميع بلدان العالم.
ما أهم معوقات العمل الخيري من الداخل؟
٭ المعوقات كثيرة وهذا يتطلب مصارحة ومصالحة ايضا حتى نتلافى الاخطاء ونسد الثغرات، للأسف غلبت النظرة المادية البحتة على العمل الخيري اليوم وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فأصبح تأتينا مسجات ورسائل وإعلانات لطلب تبرعات على مدار الساعة وفي المقابل نجد الفتور في نشر العلم ونشر السنة الشريفة وحفظ القرآن الكريم وهذا لا يتناسب مع طبيعة ورسالة الإسلام، فالإسلام يسمو على الغايات المادية.
ومن السلبيات ايضا الترهل الإداري ومعروف في علم الإدارة ان من مساوئ التنظيم مع مرور الزمن التحول الى البيروقراطية فأصبحت عندنا ادارات كثيرة ولكن في ترهل وهذا يقابله العمل الرسمي في البطالة المقنعة ان يجلس موظفون ولا يجدون عملا غير الحضور والذهاب كل يوم.
وكذلك من الآفات الفتور في طلب العلم وعدم اخراج مؤلفات علمية تنفع الناس وخدمتهم لأن إخراج المؤلف او المصنف العلمي يجب ان يخدم وليس ان يوضع على الرف فلابد من تعريفه للناس وللجمهور والمشاركة في المسابقات وعمل اسئلة وأجوبة عليه او عمل دورات حتى يخدم هذا الكتاب.
ومع قلة الإنتاج العلمي في الجمعيات الخيرية لدينا رسائل ماجستير ودكتوراه غير مفعلة بل تركن على الرف، وهذه الرسائل تناولت مشاكل ادارية وفنية ونصائح وتوصيات. لماذا لم يؤخذ بها الى الآن. وهذا نداء نوجهه عبر «الأنباء» الغراء الى الاستفادة من هذه الطاقات البشرية والكوادر المؤهلة من هذه الخبرات وهذه الرسائل العلمية.
وأرى ان من المعوقات ايضا حسب رأيي المتواضع وقد اكون مخطئا هو اختزال العمل الخيري في اشخاص معينين والانغلاق نحو الداخل ونحن الآن نعيش في عالم القرية الواحدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت الآن المفاهيم والقيم عابرة للقارات وللأسف مع ذلك نجد العمل الخيري منزويا الى الداخل ولا ينظر ما يجري في العالم ولا يريد ان يطور من آلياته ومن خلال فهمه للواقع خاصة وأن العالم يتجه نحو تحولات كبيرة مما يتطلب منا نظرة جديدة وآلية جديدة.
ما أهم التحديات السياسية والتحديات الاقتصادية والتحديات الثقافية التي تواجه العمل الخيري؟
٭ بالنسبة للتحديات السياسية، أذكر ثلاث نقاط اهمها: اقحام العمل الخيري في ملفات سياسية وفي خلافات دولية، وهذا ما شهدناه من ثورات الربيع العربي، وللأسف تصدر للمشهد السياسي فيها الاسلاميون، ولا شك ان كل عاقل يدرك مدى الشر والسلبيات والتراجع الذي جنته الدعوة الاسلامية من جراء تصدر الاسلاميين للمشهد السياسي واصدار الفتاوى لصالح هذا الحزب أو ذاك، الأمر الذي انعكس سلبا على الجميع بأن اخفقت الدعوة الاسلامية وفقد الشباب الثقة في القيادة، وعلينا الآن ان نعيد اوراقنا من جديد وهذا خطأ يجب ان يصحح.
ومن اكبر التحديات التي تعاني منها الجمعيات الخيرية القيود المفروضة على التحويلات الخارجية، فهي قيود شديدة، وكان من نتيجتها تعطيل مشاريع كثيرة وتعطيل وصول مساعدات الأيتام الذين يعيشون عليها، في مقابل ما يعرف اليوم في العملة الجديدة البتكوين، وهي تتجاوز دور الوسطاء في المعاملات المادية، فيذهب صاحب المال مباشرة الى مكان التجارة ويتعاقد معهم ويسلم ويستلم، فأزالوا دور البنوك وازالوا البيروقراطية، ولكن للاسف في العمل الخيري الاسلامي نجد ان التحويلات لابد ان تمر بالمسارات المعقدة والمغلفة، وهذا من التناقضات العالمية من اختلال القيم وميزان العدالة التي تعامل بها العالم في العمل الخيري.
ما أهم المعوقات والتحديات الثقافية في العمل الخيري الاسلامي؟
٭ ازدواجية الرؤية، وكذلك تراجع قدرة الجمعيات على استيعاب اعضاء جدد، وهذا واضح بشكل جلي، فتفرق العمل الخيري، والبعض يظن ان هذا عمل جيد وصالح انه كلما كثرت الجمعيات كثر العمل الخيري، نقول صحيح بشرط ان تكون العلاقة بين الجمعيات اساس العمل فيما بينها مبني على حق المسلم على المسلم، كما دعانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، اليوم اصبح حق التنظيم على التنظيم، او حق الحزب على الحزب، او حق الفرد على الحزب، او الحزب على الفرد، واصبح هذا اساس العلاقة، وهذا لم يأت في الاسلام، والدليل على هذا التناحر والتنافس في الألقاب المشحون في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الاخبار وغيرهما.
من الذي يحدد العلاقة بين الاسلام والغرب؟
٭ علاقة الاسلام بالغرب وعلاقة الغرب بالاسلام علاقة متجذرة في التاريخ وقديمة تحكمها موازين القوى وايضا تحكمها المصالح، وهذه العلاقة احيانا في تقارب واحيانا في تباعد، واعني التباعد هو الخطاب العام، فالاسلام في خانة التفجير والارهاب، وهذا الجانب فيه تباعد بين الاسلام والغرب، اما التقارب فنجد في كل دولة في داخلها عوام الناس وليس السياسيين او الاقتصاديين، نجد عندهم تعاطفا مع المسلمين بشكل كبير على الرغم من الخطاب العام الذي يحارب الاسلام، نجدهم يقولون لم نجد شيئا في الاسلام يعيبه، اما واقع المسلمين فلا يعكس الاسلام.
هل اثرت الهجمات الشرسة على الاسلام من قبل التيارات المتعددة في الغرب على انتشار الاسلام ام العكس؟
٭ اقول كلما زاد الهجوم على الاسلام كلما زاد انتشار الاسلام، وهذا مصداقا لقول الله عز وجل (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)، وهذا تعبير قرآني بليغ لمن أراد ان يطفئ نور الله لا يستطيع مثل من يريد ان يحجب ضوء الشمس في ضحى النهار، فكلما زادت الهجمة على الاسلام والمسلمين زادت وقويت الدعوة وانتشرت وهو مرتبط بقول النبي صلى الله عليه وسلم «ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم»، اي ان الضعف والفقر لا يخاف الرسول منهما على الاسلام والمسلمين.
وما السبيل للخروج من هذا الواقع؟
٭ سهل وميسر، ولكنه يحتاج الى عزائم الرجال ويحتاج الى صدق مع الله ويحتاج ايضا الى تغليب المصلحة العامة على الخاصة، وألخص ذلك في 3 نقاط: العودة الى الاسلام الصحيح والعودة الى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته في بداية الاسلام وكيف نهض وقام، وللأسف نرى اليوم بعض الدعاة اذا كلمته على عمل خيري يقول حطوا الميزانية ويضع العراقيل، كيف والميزانية من عند الله تعالى، لابد ان يبدع، فسيأتيك المدد من الله تعالى، ولكن النظرة المادية هي الغالبة وتسبب الكثير من المشاكل، فلابد من العودة الى هدي الرسول الكريم ثم اعادة بناء الثقة وهي اصلا من اصول الاسلام، والامر الثالث هو اعداد جيل ثان قادر على فهم المتغيرات وقادر على فهم الواقع وقادر على التعامل مع الواقع، لأننا الآن نعيش في عالم معقد يحتاج الى هذا الصنف من الدعاة الى الله يجمعون بين العلم والعمل وبين فهم السياسة الشرعية.
كلمة اخيرة؟
٭ اقدم مناشدة للعمل الخيري والجمعيات الخيرية ان يكون قسم متابعة المشاريع خطوة بخطوة وهي تقيم مشاريعنا الخارجية لابد ان نضع معايير لأداء هذه المنشآت التي يتم انشاؤها سواء مسجد او معهد او ديار ايتام او مدرسة وغيرها، لابد عند تقييمها ان تذكر نسبة تشغيل هذا المشروع هل النسبة 100% ام 50% ام اقل، وكذلك هل الجمعية قائمة بالرسالة التي انشئت من اجلها ام لا، وما مخرجات هذه المنشآت، وهذا من باب الأمانة، لابد من تقييمها من باب التواصي بالحق، فالمتبرع سيسألك يوم القيامة عن ذلك.
وكلمة اخيرة أشكر جريدة «الأنباء» الغراء ونتمنى لها المزيد من التقدم والرقي، لاسيما انها تبوأت مكانة في نفوس الكويتيين لما عرفت عنه من المصداقية في نشر الاخبار ومتابعة كل جديد بنشاط وصورة حثيثة، ونشكر صفحة الإيمان والقائمين عليها لما تقدمه من مواضيع شرعية مهمة.