لم تكن انطلاقة السياسة الخارجية للرئيس الأميركي جو بايدن في الأيام الأولى من إدارته بالقوة المتوقعة في رأي الخبير السياسي الأميركي كريستيان وينتون.
وقال وينتون، الذي عمل في السابق مستشارا لإدارتي الرئيسين السابقين دونالد ترامب وجورج دبليو بوش في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، ان مشكلة الانطباعات الأولى هي أنك تقوم بتكوين انطباع واحد فقط.
وأوضح أنه بسرعة مذهلة، أظهر جو بايدن وإدارته للعالم أنهما سيكونان تكملة لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لكن بدون رجل الواجهة الكاريزمي.
ويضيف وينتون، وهو أحد كبار الباحثين بمركز «ناشيونال انتريست»، أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب رفضت تمديد معاهدة «نيو ستارت» النووية المعيبة مع روسيا دون إحداث تحسينات كبيرة. وبدلا من ذلك، كان الرئيس ڤلاديمير بوتين يأمل في تمديد لمدة عام واحد للمعاهدة القائمة، وقد منحه بايدن خمسة أعوام من دون مقابل.
وقال وينتون ان بايدن كرر القصة نفسها بقراره الانضمام مجددا إلى اتفاق باريس للمناخ، والذي إذا دخل حيز التنفيذ لن يتطلب سوى القليل من دول مثل الصين، ولكن سيتطلب الكثير من الولايات المتحدة. ومثل التحركات التقدمية الأخرى لتنفيذ عقيدتها العلمانية للقلق بشأن تغير المناخ، يمكن أن يرفع هذا من تكلفة الطاقة، والتي بدورها ترفع تكلفة كل شيء ما بين النقل والغذاء والإسكان والسيارات وغيرها من المنتجات والخدمات.
ويشير وينتون إلى أن بايدن يدير دفة الأمور وفقا لما يفعله الديموقراطيون غالبا في السياسة الخارجية، مثل الأشخاص الذين يفهمون الديبلوماسية والحاجة إلى التشاور مع «الحلفاء التقليديين»، وهو ما يعني أولئك الأشخاص الذين يميلون إلى اليسار والذين لا علاقة لهم في الغالب بالتهديدات والفرص الحقيقية اليوم.
ولا يوجد شيء أكثر تقليدية بهذا المقياس من كندا، التي يديرها التقدمي جاستن ترودو، لكن بايدن ألغى خط أنابيب النفط «كيستون إكس إل» الذي كان سيجلب النفط الخام الكندي الإضافي إلى مصافي التكرير الأميركية دون أي ديبلوماسية على الإطلاق.
وشهدت الحدود البرية الأخرى للولايات المتحدة إجراء أحادي الجانب أيضا جرى تصميمه بشكل مشابه لتحقيق رغبة معينة لليسار بدلا من محاولة ديبلوماسية حقيقية.
وسعى بايدن إلى وقف جميع عمليات الترحيل تقريبا قبل أن يوقف قاض فيدرالي هذا الاجتزاء في قانون الهجرة الأميركي. هذا بالإضافة إلى الوعد بنوع من العفو عن المهاجرين غير الشرعيين الذي لا يمكن إلا أن يكون نقطة جذب للمزيد.
ويوضح وينتون أنه في حين أن القادة المكسيكيين ملزمون سياسيا بدعم جانب الضعف الأميركي فيما يتعلق بالهجرة علنا، فإن الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في مجلسه الخاص لا يكن في نفسه تقديرا لاحتمال تسبب بايدن في حدوث موجة أخرى من المهاجرين غير الشرعيين من أميركا الوسطى إلى المكسيك في طريقها إلى الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن يبدأ ذلك من دون أي اتصال هاتفي على سبيل المجاملة.
ويرى وينتون أن أكبر الأخطاء في سياسة بايدن الخارجية حتى الآن تتعلق بالصين، فلم يستطع وزير الدفاع لويد أوستن ذكر الصين بالاسم في تصريحاته بعد توليه منصبه، مشيرا بشكل غير مباشر فقط إلى معارضة «المحاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في بحر الصين الشرقي»، والعودة إلى الحديث عن القضايا العالمية كما في عهد أوباما حول «أهمية الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد»، وهو أمر تخيلي.
وعاد المسؤولون في إدارة بايدن أيضا إلى لغة عهد أوباما بشأن تايوان.
وبدلا من الوقوف بشكل لا لبس فيه مع الديموقراطية الرأسمالية السلمية التي تهددها بكين بالحرب بشكل فج، عادت الإدارة إلى دعوات «لحل سلمي للقضايا عبر المضيق». ولم يكن بوسع بكين أن تتفق أكثر مع هذا التكافؤ الأخلاقي الضمني واقترحت الفتح السلمي.
وذكر موقع «واشنطن فري بيكون» أن كورت كامبل، مسؤول البيت الأبيض المعني بشؤون آسيا، كان حتى أغسطس 2020 «قائدا بارزا في مجموعة غير ربحية تم تمويلها من قبل رئيس مجموعة دعاية صينية تستخدم كواجهة وتشارك مع بعثة أجنبية صينية».
كما تبين أيضا أن ليندا توماس جرينفيلد، مرشحة بايدن لشغل منصب سفيرة الأمم المتحدة، تحدثت في عام 2019 في معهد كونفوشيوس الممول من الصين في جورجيا وأثنت مرارا على دور بكين في افريقيا، وقالت توماس جرينفيلد «لا أرى ثمة سبب يمنع الصين من المشاركة في تلك القيم»، مشيرة إلى القيم التي يجب على الولايات المتحدة تعزيزها في افريقيا. كما رأت أن «وضع لا غالب ولا مغلوب ممكن»، وأن «الصين والولايات المتحدة يمكن أن تتعلما الكثير من بعضهما البعض».
وكان بايدن الذي لايزال يكافح الدولة العميقة، قد أقال مايكل باك، الذي مضى أقل من عام على توليه منصبه المحدد بثلاث سنوات كمدير تنفيذي للوكالة الأميركية للإعلام العالمي. وكبديل لباك استعان بايدن بـ «كيلو تشاو»، البيروقراطية منذ فترة طويلة في إذاعة «صوت أميركا» عديمة الفائدة.
وسعت تشاو في الماضي إلى الشراكة مع وكالة أنباء الصين الجديدة«شينخوا» الناطقة باسم الصين، وألغت مقابلة رفيعة المستوى مع الرئيسة التايوانية تساي إنج ون، وهي مقربة أيضا من الرئيس التايواني السابق ما ينج جيو، الذي فضل إعادة توحيد تايوان مع الصين.
وكأول عمل لها، طردت تشاو رؤساء ثلاث شبكات إذاعية يفترض أنها مستقلة سعت إلى أن تكون صارمة مع الصين وإيران وروسيا.