لسنا هنا في موقع كتابة مقال سياسي ولكن هي نظرة طبية استباقية من واقع اختصاص تقني إذا صح التعبير لما قد يستمر في الحدوث ويؤثر علينا سلبا، فأرجو أن تتم قراءة هذه الكلمات ضمن هذا الإطار إذا صح التعبير.
«الصحة تاج على الرؤوس» ومع فقدانها تختفي كل إنجازات حياة الفرد وتسقط كل الماديات وتختفي أهمية كل منصب ولا تعود للمال قيمة أو للموقع الاجتماعي أهمية، فكل ملذات الدنيا وكل أهمية للفرد تختفي ولا تصبح ذات أهمية مع فقدان الصحة.
هذه مقدمة لقراءة قرار تنفيذي أميركي! على المستوى الطبي ومحاولة قراءة تبعاته على العالم وتتعلق بإلغاء الرئيس الأميركي الحالي بايدن لقرار الرئيس السابق ترامب بتخفيض أسعار أدوية الأنسولين التنظيمية لمعدلات السكر ودواء الابينيفرين epinephrine المستخدم في حالات الطوارئ الطبية! ولهذا القرار أبعاد وتأثيراته على الواقع الفردي والاجتماعي الأميركي بسبب انتشار مرض السكر هناك حيث يعاني منه قرابة الـ 10% من السكان بالإضافة إلى عدم وجود «تأمين صحي» لدى أكثر من 30 مليون مواطن أميركي واعتماد هؤلاء على الدفع «الكاش» المباشر للدواء - إن وجد - إذا احتاجوه وللرعاية الطبية إذا تطلبوها، ومن ناحية أخرى هذا القرار يشير على قوة «لوبي شركات الأدوية» في الواقع السياسي الأميركي لدرجة تأثيره على قرارات رئيس الدولة، فهل كان الأمر يتطلب إصدار أمر تنفيذي عاجل لإلغاء قرار رئيس سابق! وهذا الأمر تم في أول أسبوع من تولي بايدن لمقاليد السلطة والجدير بالذكر أن نقول: إن إنشاء لوبي «الضغط» في داخل منظومة الحكم الأميركية هو أمر ليس مجرما وهو أمر اعتيادي ويحق للجميع إنشاء مثل هذه الجماعات الضاغطة على صانع القرار الأميركي والمراكز المؤسساتية الرسمية، ونحن هنا نناقش الجانب المتعلق بالصحة والتبعات الاجتماعية التي قد تمتد إلى خارج الولايات المتحدة الأميركية ومدى تأثير مثل هذه القرارات التي تم اتخاذها هناك، وهذا يطرح تساؤلات على ارتفاع قادم لأسعار أدوية أخرى! وأيضا مسألة التصنيع الدوائي! وحقوق الملكية والإنتاج! ومدى تأثر العالم بهكذا قرارات! لأنها ستكون ذات امتداد حتمي خارج الولايات المتحدة الأميركية.
لعل ذلك الامتداد يطلق ناحية إيجابية عندنا من حيث التفكير الجدي في إطلاق صناعات دوائية محلية والاستثمار في هذا المجال وتعديل الاتفاقيات الدولية المنظمة لتلك الأمور بما يضمن الحماية من أي تكلفة مالية غير مبررة وتحمل ثقل إضافي على الدولة وعلينا بهذه الإضاءة أن نقول إننا يجب أن نحمد الله على أننا ككويتيين نعيش في دولة رعاية طبية مجانية بحكم الدستور حيث لا يفكر أي مواطن في سعر دواء أو في قيمة تكلفة علاجه، وهذه نعمة وميزة نحياها علينا الحفاظ عليها لكي تستمر، وضمان الاستمرارية جزء منها تحويل سلبيات قرارات الآخرين إلى إيجابيات عندنا من خلال التفكير الحركي الذي يخطط وينفذ على أرض الواقع حماية الصحة العامة وضمانها وهي تاج الرؤوس والمطلب الأهم للجميع.