بات شبه مؤكد أن الوزير أصبح عملة نادرة، لأن قبول الوزارة أمر له تبعاته في العشرين سنة الأخيرة، خاصة ان الاستجوابات والتهديد للوزير الجديد من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة الموقرين أصبحا شبحا يطارد من يقبل الوزارة، فالاستجواب جاهز قبل أن يبدأ الوزير عمله، وهذا الأمر به حيف وظلم، حتى أصبحت العلاقة بين الحكومة والمجلس غير مريحة، ولا تبشر بخير، والضحية هو المواطن، وقد طفت على السطح رسائل بين الحكومة ومجلس الأمة مبهمة ويتوجس المرء منها خيفة.
ومن لا يعرف السياسة لا يمكن له أن يفك طلاسمها، فالحال التي وصلت إليه العلاقة بين الحكومة والمجلس والمواطن أصبحت كقول القائل «بين حانة ومانة نتفنا لحانا» وهو مثل يعرف قصته كثير من الناس، فقد نتف زوج حانة ومانة لحيته حتى لم يترك بها شعرة واحدة ليرضي زوجتيه، وكانت النتيجة أن طلق الزوج حانة ومانة واشترى راحته، ما نراه ونسمعه في الساحة السياسية اليوم يجعلنا نكره السياسة ونشتم جدها التاسع عشر، فلا مجلس الأمة راض على الحكومة ولا الحكومة راضية على مجلس الأمة، ولا الشعب راض على الحكومة والمجلس معا، والعجيب محاولة إقناع بعض أعضاء مجلس الأمة لنا بأن الوزير شيطان والنائب ملاك ومنقذ، وستكون الكويت بفضل جهوده على ما يرام، أما الوزير فهو من لا يريد الخير للكويت، وهذا ما يذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة والأمير شهريار وشهرزاد الخيالية.
نحن نعلم أن الوزير ليس بملاك وكذلك النائب، فكلاهما بشر يصيب ويخطئ، كما أننا نحترم أعضاء الحكومة مثلما نحترم أعضاء مجلس الأمة، ولكن الواقع الذي نراه أن الحال في الكويت واقفة بسبب العنتريات والشعارات الزائفة التي لم تعد تجدي نفعا، لأنها استهلكت وعفى عليها الزمن، فالمواطن يريد الإنجاز، ومجلس الأمة هو الجهة المناط بها هذا الأمر، فما شأننا نحن وهذا الخصام المعلن بين بعض الأعضاء، ولم تستعجلون حل مجلس الأمة؟ على الجميع طي صفحة الماضي والتمسك بأصول الديموقراطية إن أرادوا لها أن تستمر، ولا يتحقق ذلك إلا بالانسجام والتفاهم والوئام والتعاون.
ولنتذكر جميعا قول المهلب بن أبي صفرة:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت أفرادا
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا آحادا
هذا ودمتم سالمين.