يتساءل العديد من الأشخاص غير اليابانيين، ممن يعملون في فروع الشركات اليابانية في دول أخرى، عن السبب الذي يجعل زملاءهم اليابانيين يعملون لساعات طويلة بشكل مثير للدهشة والاستغراب.
وتعد ساعات العمل الطويلة في اليابان مشكلة معقدة لها العديد من الجوانب، بما في ذلك توقعات العائلات اليابانية بشأن ساعات العمل، بالإضافة إلى توقعات الشركات اليابانية، والتي لا تزال تعتبر ساعات العمل الطويلة مؤشرا على الإخلاص والعمل الجاد.
اليابانيون في الخارج
عندما يعمل اليابانيون خارج بلدهم، يلعب فارق التوقيت بين الدولة التي يعملون بها وبين اليابان دورا مهما في الساعات التي يقضونها في العمل، ففي أميركا الشمالية على سبيل المثال من المتوقع أن يبقى الموظفون اليابانيون في مكاتبهم حتى وقت متأخر، وذلك من أجل الاتصال بالمقرات الرئيسية لشركاتهم في اليابان عبر الهاتف خلال ساعات العمل، لأن مساء أميركا الشمالية يتزامن مع بداية يوم العمل في اليابان.
وينظر إلى الموظفين اليابانيين في الخارج الذين لا يكونون متاحين لإجراء المحادثات، بشكل سلبي من قبل نظرائهم في اليابان، مما يؤثر على حياتهم المهنية، ومن الشائع أيضا أن يعمل المغتربون من أي جنسية لساعات أطول، عندما يكونون في مهام دولية، لأن مثل هذه المهام تؤثر بشكل كبير على مستقبلهم المهني.
وعلاوة على ذلك عندما يكون الأشخاص بعيدين عن منازلهم وأصدقائهم وأسرهم، يكون من الأسهل بالنسبة إليهم قضاء الكثير من الوقت في العمل، بدلا من التعامل مع السكان المحليين، والثقافة المختلفة عن ثقافتهم، وينطبق ذلك بشكل كبير على المغتربين الذين لا تتواجد أسرهم معهم، فهم يفضلون عادة البقاء في العمل لساعات طويلة، بدلا من العودة لمنازلهم، والجلوس بمفردهم.
عوامل أخرى تؤثر على عمل اليابانيين لساعات طويلة
على عكس الأميركيين الذين يذهبون إلى عملهم في الصباح الباكر (الساعة السابعة صباحا أحيانا) يفضل اليابانيون الذهاب للعمل في وقت متأخر، والبقاء حتى وقت متأخر من المساء لإنجاز العمل، وهناك اختلاف هام أيضا بين الأميركيين واليابانيين فيما يتعلق بعادات العمل، ففي حين يكمل الأميركيون أعمالهم في المنزل عادة، حيث يذهبون إلى المنزل لتناول العشاء مع عائلاتهم، وقد يقومون بعد ذلك بإنجاز بعض المهام، فإن اليابانيين نادرا ما يفعلون ذلك.
ويفضل اليابانيون الفصل بين العمل وحياتهم الشخصية، لذلك عندما يكون لديهم عمل يجب أن ينجزوه، فإنهم يميلون للبقاء لوقت متأخر في المكتب لإنهائه، ومن الجدير بالذكر أن إعلانات أجهزة الكمبيوتر التي تعتمد على شعار «العمل من أي مكان»، والشائعة جدا في المجلات الأميركية، لا تتواجد في اليابان، فالعمل في اليابان هو ما يقوم به الشخص في المكتب فقط، لهذا السبب لم يلق العمل عن بعد الكثير من الاهتمام في اليابان، حسب «أرقام».
العائلات اليابانية وساعات العمل الطويلة
يتساءل كثيرون أيضا عن سبب عدم تذمر العائلات اليابانية، عندما يعمل الأزواج لساعات طويلة، وفي الحقيقة إن ذلك يرجع إلى أن العائلات اليابانية لديها توقعات مختلفة عن باقي العائلات في العالم، فيما يتعلق بالوقت الذي يقضيه الآباء والأزواج في المنزل، فمن الطبيعي في اليابان ألا يعود الآباء والأزواج إلى المنزل مبكرا.
ومن غير المتوقع أيضا أن يلعب الآباء مع أطفالهم خلال أيام الأسبوع، إلا أن عطلات نهاية الأسبوع على الجانب الآخر تعد وقتا عائليا مقدسا، ومن النادر أن يعمل اليابانيون يوم السبت أو الأحد، في الوقت نفسه يعد ضغط الأقران من العوامل المهمة أيضا التي تجعل الأزواج اليابانيين يقضون ساعات طويلة في العمل.