أكد الباحثون أن اتخاذ القرار من أصعب الأمور التي تقابل الشخص في حياته، فالقرار يتخذ لتحقيق أمر نريده في حياتنا، أو للخروج من مشكلة تواجهنا، وهذه القرارات التي تتخذ قد تكون قرارات مصيرية تؤثر في حياة الشخص، فالقرارات تتفاوت في درجاتها وخطورتها، ولهذا لابد أن تكون هناك آلية صحيحة يستخدمها المرء في اتخاذ القرارات، ولاسيما القرارات المصيرية التي يترتب عليها تغيير مواقف وبناء حياة، وبقدر ما يكون المرء قادرا على اتخاذ القرار الصائب بقدر ما يكون نجاحه. (منقول)
ومن الأشياء المهمة في اتخاذ أي قرار وخاصة أثناء الأزمات التحلي بصفتي «الحسم والثقة بالنفس»، وهو عدم التراجع في أي قرار «ما لم تتغير معطيات اتخاذه»، وعندما تهتز الثقة بالنفس يهتز القرار الحاسم معها، والتراجع يفقد صاحبه شيئا من المصداقية ومن المؤسسة الثقة.
وهناك فرق بين القرار وصناعته، حيث ان صناعة القرار تعتبر عملية منسقة ومنظمة تمر بالعديد من المراحل والخطوات، وذلك للتوصل لاتخاذ القرار المناسب لحل مشكلة ما.
أما اتخاذ القرار، فقد يكون عشوائيا يؤخذ برد فعل مفاجئ، وشتان بين رد الفعل العشوائي ورد الفعل المخطط له، ومن المشاهد أن كثيرا من القرارات ما يتم التراجع عنها بعد اتخاذها وليس بعد صناعتها.
يقول أبوجعفر المنصور الخليفة العباسي:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
السؤال: متى يكون التردد في القرارات محمودا والتراجع فضيلة؟
يكون محمودا أثناء انعدام المعلومات وعدم توافرها، حيث الوضع مبهم لاتخاذ القرار فيزداد التفكير وحديث النفس عن صحة اتخاذه أو خطئه، وهناك سبب آخر وفرة المعلومات المتدفقة والخوف من المتغيرات (مجرى الأحداث) فيحدث التردد.
وأما التراجع فيحدث إذا تغيرت معطيات اتخاذه، وهو فضيلة وقوة وليس بضعف إن كان مدروسا، وعكس ذلك سيكون أكثر من الخطيئة، وإن كثرة التراجع في القرارات قد تفقد ثقة المجتمع لمتخذ القرار.
وخير مثال «للتراجع» عن القرار، إذا وجد دافعا له للوصول لمرحلة التراجع: ما حدث في غزوة بدر يأتيه الحباب بن المنذر ويقول له: يا رسول الله هذا المنزل أنزلك الله إياه فليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال له: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: يا رسول الله هذا ليس بمنزل حرب! فامض بالناس حتى تبلغ آبار بدر، فاجعلها خلفك، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون! فقال له: «نعم الرأي». فهذا موقف صغير في هذه الغزوة ولكنه يحتوي على مفاهيم وأمور عظيمة في غاية الأهمية.
إذن نحتاج إلى قادة ملهمين يحملون سمات تتصف بالعقلانية والرشد والإبداع في اتخاذ قراراتهم في وقتها المناسب ويكونون مستعدين لتحمل المسؤولية عن قراراتهم بناء على (المعطيات) التي يرونها ولا يراها الآخرون، كي يخلقوا مناخا آمنا في بناء الاستدامة للمؤسسات ويحملون رؤى واضحة للمستقبل.
فالتطوير المستمر وتحسين الأداء لأعمال المؤسسات للنهوض بها على كافة المستويات «مطلب وطني» وهو من أحد ركائز الإستراتيجية الوطنية، وذلك من خلال قراءة اتجاهات الرأي العام أو التوجهات العامة وخاصة ما نعانيه اليوم من متغيرات متتابعة في البيئة الإستراتيجية للأزمة الصحية (كوفيد - 19) وما خلفه في خلخلة الأبعاد للأمن الوطني، وإن «فريق العمل المؤهل الصانع للقرار» هو السد المنيع الذي يقدم النصح والإرشاد والتطوير المستمر لرفع مستوى الأداء وسرعة المبادرة باتخاذ القرار للقائد المؤسسي، الذي يبدأ بالتخطيط وينتهي بالإنتاج والتطوير المستمر، والمثل الروسي يقول: «ليس الخطأ في المرآة إن كانت للوجوه عيوب»، ونحن نقول إن كان «لفريق العمل» عيوب.
ونختم زاويتنا (حديث الساعة) بكلمة ونستون تشرشل رئيس الوزراء للمملكة المتحدة السابق: عندما يخطئ سهمك هدفه، لا تفكر ما الخطأ الذي فعلته، بل اسحب سهمك الثاني وفكر: ما الذي يجب علي فعله بطريقة صحيحة لأصيب الهدف.. ودمتم ودام الوطن.
قال أبوالعتاهية:
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطوف بليغ الأثر