بدأ مجلس الشيوخ الأميركي أمس محاكمة تاريخية هي الثانية من نوعها بحق الرئيس دونالد ترامب ندد بها فريق الدفاع عنه، معتبرا أنها «عمل سياسي وقح» بدافع الانتقام، في حين اعتبر المدعون الديموقراطيون أن الرئيس السابق حرض بإرادته على تمرد عنيف انتهى باقتحام الكونغرس ومقتل خمسة اشخاص. واستبق الفريق القانوني لترامب المحاكمة باعتبار أنها انتهاك للدستور وأنه من «العبث» تحميل الرئيس السابق مسؤولية أعمال العنف. لكن النواب الديموقراطيين الذين يتولون مهمة الادعاء في محاكمة ترامب اعتبروا أن الرئيس السابق ارتكب «انتهاكا للدستور هو الأخطر» في تاريخ الرئاسة الممتد 232 عاما. وانعقدت المحاكمة فيما لا تزال غالبية أجزاء مبنى الكابيتول مغلقة وتخضع لعمليات إصلاح ولتدابير أمنية مشددة بعد شهر على الاضطرابات.
ووسط استمرار المخاوف من هجمات يشنها متطرفون، انتشر نحو 6 آلاف عنصر من الحرس الوطني في واشنطن، ما يضيف المزيد من التوتر إلى صورة عاصمة لا تزال متوترة.
واتفق الحزبان على إجراء نقاش لمدة أربع ساعات ثم تصويت على دستورية المحاكمة نفسها.
وستبدأ المرافعات اعتبارا من اليوم يحصل فيها كل جانب على 16 ساعة توزع على مدار يومين. ثم يوجه أعضاء مجلس الشيوخ الأسئلة على الجانبين، وفي حال أراد أي طرف استدعاء شهود يطرح الأمر للتصويت مع ضرورة أن يحصل على أغلبية الأصوات. علما بأن ترامب رفض طلبا أرسله إليه المدعون العامون الديموقراطيون للاستماع إلى شهادته تحت القسم.
وقد تضرر ترامب سياسيا بشدة، لأسباب منها تمسكه بمزاعم عن تزوير الانتخابات. لكنه لا يزال يتمتع بثقل في الحزب الجمهوري.
وبعدما وجهت له تهمة «التحريض على التمرد» من المرجح أن يتفادى الإدانة نظرا للولاء الذي يحظى به في مجلس الشيوخ، لكن محاميه ذكروا في وثائقهم التي سلمت عشية المحاكمة أن الدستور لا يمنح مجلس النواب صلاحية محاكمة رئيس سابق.
وكتب المحامون ديفيد شون وبروس كاستور ومايكل تي فان دير فين أن «على مجلس الشيوخ أن يرفض بسرعة هذا العمل السياسي الوقح»، لأن «من الواضح أن هذا ليس ما أراده واضعو الدستور ولا ما يسمح به الدستور».
وأضافوا أن «الاستجابة لتعطش الديموقراطيين في مجلس النواب لهذه المسرحية السياسية، خطر على الديموقراطية والحقوق التي نعتز بها».
واستخدم المحامون نبرة حادة في المرافعة التي جاءت في 78 صفحة وقالوا إنه «من العبث» القول إن ترامب حرض حشدا لارتكاب جريمة عنيفة، واعتبروا أن الذين هاجموا الكابيتول قاموا بذلك من تلقاء نفسهم.
من جهته، رفض الرئيس جو بايدن، التطرق إلى مسألة ما إذا كان ينبغي إدانة ترامب أو حرمانه من تولي أي منصب عام في المستقبل.
ولاحقا، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحافيين إن بايدن ترشح ضد ترامب في 2020 «لأنه شعر بأنه غير أهل بالمنصب». لكنها أضافت أن الرئيس «سيترك الأمر لمجلس الشيوخ لينظر بمسار هذه المحاكمة».
وفي حال أدين ترامب بالتهمة الموجهة إليه، فإن مجلس الشيوخ سيجري على الإثر تصويتا بالأغلبية البسيطة لمنعه من تولي أي منصب عام في المستقبل.
ويقول النواب الديموقراطيون الذين يتولون مهمة الادعاء في محاكمة ترامب إن «جهوده للتهرب من مسؤوليته غير مجدية»، في إشارة إلى الطلب الذي قدمه محاموه، مشددين على أن «الأدلة» ضده «دامغة».
وقال رئيس فريق الادعاء جيمي راسكين إن «إدانته بالتحريض على التمرد ضد حكومة الولايات المتحدة - والذي عرقل الانتقال السلمي للسلطة - هو أخطر جريمة دستورية يرتكبها رئيس».
وتجرى المحاكمة في القاعة نفسها التي اقتحمها مثيرو الشغب مهددين حياة نواب كانوا يصادقون على فوز بايدن.
وقالوا إن تبرئة ترامب، الذي نجا من الإدانة في أول محاكمة بغرض عزله في 2020، يمكن أن تلحق ضررا بالغا بالديموقراطية الأميركية.
لكن إدانته تتطلب اصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي أن ينشق 17 جمهوريا وينضموا لـ50 ديموقراطيا، وهو ما يكاد يكون مستحيلا.
وفي السياق، قال مسؤول بمكتب سكرتير ولاية جورجيا الأميركية لـ«رويترز» إن المكتب فتح تحقيقا رسميا في جهود ترامب لتغيير نتائج الانتخابات في الولاية عام 2020، في خطوة قد تؤدي إلى تحقيق جنائي آخر تجريه الولاية والسلطات المحلية.
وواجه سكرتير الولاية براد رافينسبرغر دعوات لفتح تحقيق بعد تسجيل مكالمة هاتفية لترامب في الثاني من يناير ضغط خلالها عليه لتغيير نتائج انتخابات الولاية بناء على مزاعم كاذبة بشأن تزوير أصوات الناخبين.
وقال والتر جونز المتحدث باسم مكتب سكرتير الولاية «يحقق مكتب سكرتير الولاية في الشكاوى التي يتلقاها»، ووصف التحقيق بأنه «إداري لتقصي الحقائق».
وأضاف أن التحقيق جاء نتيجة شكوى قدمها جون بانزاف أستاذ القانون بجامعة جورج واشنطن.