كثير منا يهتم بالعادات الصحية الغذائية والسلوكية والرياضية، ولكن الحقيقة هي أن تلك العادات مصدر طاقة ونشاط وليست وقاية، فالإنسان يحتاج للطعام والرياضة كالوقود حتى يتعايش في الحياة، أما الصحة بمفهومها الحقيقي والتي تنقسم إلى قسمين: صحة نفسية وصحة بدنية، فيكون مصدرهما الصيام!، والصيام هو الامتناع عن الطعام لمدة محددة في النهار، فمنه صيام رمضان وصيام الست من شوال، والصيام المتقطع: كل يوم اثنين وخميس والثلاثة أيام البيض من كل شهر وغيرها من أيام مباركة بالسنّة كيوم عرفة وغيرها.
حيث إن السنّة النبوية أكدت على الفوائد الصحية للصيام لقوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذلك صيام الدهر»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» ويقول صلى الله عليه وسلم: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض: صبيحة الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من الشهر الهجري»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنّة»، ويقول الله عز وجل: «وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون»(البقرة: 184)، فلا عجب من هذا الدين العظيم، ولا عجب من قول رسولنا صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى «وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى»(النجم:3).
فقد أثبت العلم الحديث أن الصيام بمجمله وخاصة المتقطع الروتيني له فوائد ليست مقتصرة على الجانب الديني وإنما على الجانب الصحي والنفسي أيضا، ومنها:
ـ يعزز التحكم في نسبة السكر في الدم عن طريق الحد من مقاومة الأنسولين.
ـ يكافح الالتهابات بأنواعها وأهمها التهاب المفاصل.
ـ يعزز من صحة القلب عن طريق تحسين ضغط الدم ومستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول في الدم.
ـ ينشط خلايا الدماغ ويقوي الذاكرة ويمنع الاضطرابات العصبية.
ـ تخفيف الوزن.
ـ يزيد من إفراز هرمون النمو.
ـ وقاية من الأمراض السرطانية كما أنه يزيد من فاعلية العلاج الكيميائي، فقد أثبتت الدراسات أن الصيام المتقطع عامل فعال في منع تشكل الأورام ويؤخر نموها إن كانت في مقدمتها، كما أنه يخفض الأورام اللمفاوية إلى الصفر تقريبا.
ـ ينشط خلايا الجسم ويعمل على صيانة الكبد وتنظيف الأمعاء حيث إنه يخلص الجسم من السموم مما يزيد من حيوية الخلايا.
ـ يعيد برمجة الخلايا من الجانب الفسيولوجي والنفسي.
ـ علاج للحصيات التي تتشكل في الكلى والمرارة.
ـ يجدد خلايا الدم ويعيد تنشيط الخلايا الكسولة.
ـ تعزيز عملية يسميها الأطباء «الالتهام الذاتي» وهي عملية شبيهة بتدوير المخلفات، حيث تتم من خلالها زيادة معدل هرمون يحفز التخلص من الجزيئات الخلوية القديمة والمستنفدة.
إن أجسامنا تحتوي على تريليونات من الخلايا بأنواعها، وكل خلية تعتبر كالمصنع المنتج في جسمك يعمل بلا توقف وعند تعرضه للضرر الواقع من سوء سلوك الإنسان الحياتي فإنها تقل في انتاجيتها إلى أن تصل إلى مرحلة الإفلاس، وعندها يكمن الضرر الأكبر ألا وهو الوقوع بدوامة المرض، فتلك الخلايا لا يمكن الحفاظ على عملها للمدى الطويل إلا بالصيام لأنه يكفل لها الراحة والدعم الكبير لها سواء كانت منتجة أم من اللاتي أعلنت افلاسها، فالطعام الصحي المتوازن واجب ليمدنا بالمعادن والفيتامينات ويسهم في بناء الخلايا التالفة ولكنه ليس جنّة، والجنّة تكمن في راحة الخلية بعدم تكليفها فوق طاقتها.
family_sciences@