لا يمكن اعتبار أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد في كل أنحاء العالم مجرد أزمة صحية، فهناك بالفعل مخاطر حقيقية على حياة الناس، بالإضافة إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، ولذلك تعامل كثير من الدول مع قضية فيروس كورونا المستجد كقضية أمن وطني.
حياة الناس اهم من جميع الاعتبارات الأخرى التي بالإمكان تعويضها، وهنا نستذكر كلمة المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد إلى رئيس الحكومة سمو الشيخ صباح الخالد «أرواح الناس برقابكم».
نتفهم انزعاج أصحاب المشاريع التجارية وخصوصا الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى بعض القطاعات الاقتصادية التي قد تتضرر من الإغلاق وحظر التجول، وبالتأكيد نطالب الحكومة والبرلمان بتوفير الدعم الذي يخفف عليهم وطأة الاجراءات الاحترازية الصحية الضرورية، والتي يجب أن تتخذها الحكومة لحماية المجتمع من هذا الوباء وإلا ستكون مقصرة ومسؤولة عن ذلك أمام الشعب.
سبق أن تعاملت الحكومة بنجاح نسبيا مع أزمة كورونا المستجد رغم أنها لم تملك الخبرة في التعامل مع انتشار الأوبئة.
بالتأكيد هناك بعض الأخطاء في إدارة أزمة كورونا المستجد والتي من الضروري أن نتعلم منها.
هناك عدة إجراءات احترازية من الممكن أن تتخذها الحكومة منها: فرض القيود على المسافرين القادمين إلى الكويت وإلزامهم بالحجز المؤسسي وعمل مسحات PCR داخل الكويت وليس خارجها - وزيادة عدد الفحوصات العشوائية - منع التجمعات الكبيرة.
أما بخصوص إغلاق المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي أو فرض الحجر الجزئي، فمن واقع الإحصائيات الحكومية لم يكن الإغلاق الجزئي السابق عاملا حاسما في تقليل أعداد المصابين لذلك لابد من اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية الضرورية قبل إقرار الحظر والذي لابد أن يكون حظرا شاملا - كليا لمدة 3 أسابيع لكسر دورة انتشار الوباء كما هو الإجراء المتبع في الدول الأوروبية.
٭ ختاما: الكويت فرضت أطول مدة حجر كلي وجزئي في العالم وصلت إلى (5 أشهر) أثناء بداية انتشار فيروس كورونا المستجد، وبالتالي، لابد من الاستفادة من أخطائنا وعدم تكرارها، وأن تكون أرواح الناس هي العامل الحاسم في استجابة الحكومة لمواجهة الوباء، دون المبالغة أو التفريط في الإجراءات الاحترازية.
وعلى المواطنين والمقيمين التعاون وتقبل الإجراءات القاسية خلال هذه الأزمة والتي تبدو طويلة جدا، والتفكير في سلامة الناس قبل التفكير بالمصالح الخاصة، وهذا لا يعني أن الحكومة غير ملزمة في معالجة أي أضرار اقتصادية قد تسمع أفراد المجتمع ومؤسساته.
الخلاصة، أزمة كورونا المستجد أزمة أمن وطني تمس كل قطاعات الدولة وتحتاج إلى تماسك المجتمع والحكومة معا.