تقسم المجتمعات البشرية وسلوك الأفراد فيها إلى ثلاثة أنواع، مجتمع العار أو الشرف، مجتمع تأنيب الضمير والذنب، ومجتمع الخوف، حيث تصنف المجتمعات العربية بمجتمعات العار، ويقصد بذلك أن الخوف من العيب أو العار أو الشرف هو من يمنع الفرد أو المجموعة من ارتكاب الأفعال المشينة، والمجتمعات الغربية تصنف بأنها مجتمعات الذنب، بمعنى أن تأنيب الضمير الذاتي هو من يمنع الفرد أو المجموعة من ارتكاب الأفعال المشينة، أما الخوف فيقصد به الخوف من العقاب أو القانون وهو ينتشر في مجتمعات الوثنية.
المهم في مجتمعات العار إرضاء الناس، أما مجتمعات تأنيب الضمير فالمهم هو إرضاء النفس، ويترتب على هذا أن الفرد بمجتمعات العار يحافظ بقدر ما يستطيع على خلق صورة جميلة أمام الناس، بينما من الممكن أن يفعل الأفعال المشينة دون أن يعلم أحد أو بعلم مجموعة قليلة من الخاصة، أو كما يقول المثل الشعبي «من برا هالله هالله ومن داخل يعلم الله»، ولهذا السبب كذلك تجد أنه في مجتمعات العار الكثير يأمر بالمعروف أمام الناس ويفعل المنكر من خلفهم، وتجد أن مظاهر الإنسان أهم بكثير من محتواه الفكري، فتجد من يظهر بظهر الشخص المتدين حتى يلقى الاحترام والتقدير من الناس، فيكون ظاهريا ملاكا وداخليا شيطانا رجيما، بينما مجتمعات التأنيب الذاتي يحدث العكس، فلا تجدهم يهتمون بالظاهر أو يعطون «كلام الناس عنهم» اهتماما كبيرا، والمهم هو مدى رضا الشخص عن نفسه، وبالتأكيد هذا الكلام لا ينطبق على كل الأفراد، إنما هو تصنيف عام للمجتمعات.
يكون واضحا هذا التمايز في المجتمعات السياسية، حيث نجد أن مجتمعات تأنيب الضمير، هناك من يستقيل من منصبه بسبب جريمة ارتكبها دون حتى أن يفتضح أمرها، بينما في مجتمعات العار نجد أن الاستقالة تتم غالبا بعد فضيحة الفساد أو بالتهديد في الفضيحة، فالخوف هنا يكون في الأول نابع من نفس الشخص، أما الثاني فنابع من الخوف من المجتمع ورأي الناس فيه.
هذا التصنيف مهم جدا عند التعامل مع أي مشكلة داخل المجتمع، فطريقة حل المشكلة داخل مجتمع الخوف هو بإصدار قانون يخيف مرتكب الخطأ، أما في مجتمع تأنيب الضمير فالحل غالبا يكون بالتوعية بأن الفعل الفلاني فعل خاطئ، وفي مجتمع العار الحل يكون ببناء فكرة لدى المجتمع بأن هذا الفعل خاطئ، حتى يستحي الفاعل من ارتكاب الفعل.
بناء على ما سبق، بما أن المجتمع الكويتي مجتمع عربي يصنف بالأنثربولوجيا مجتمع يخاف من العار، فالحل لأي ظاهرة مكروهة هو جعل المجتمع ينبذ مرتكب هذا الفعل، فإذا أردنا القضاء على ظاهرة التحرش على سبيل المثال، فالأولى هو توعية المجتمع لنبذ هذا الفعل وفاعله، حينها نستطيع اجتثاثها من المجتمع، أما القوانين فلم تردع المستهتر من «التقحيص والتفحيط» بمركبته، ولم تمنع الأشخاص من رمي قمامتهم، لذلك تشنيع الفعل اجتماعيا قد يكون هو الحل.