يبدو لي أن بعضنا قد اعتاد على علاج الأوضاع المتردية والمشاكل المتراكمة التي باتت تثقل كاهل المواطن بالمسكنات والمهدئات فقط، مع العلم أن الجميع يعرف ويعي أن معالجة الأمور معالجة سطحية مؤقتة من دون عناية كافية، أو كما عرف اصطلاحا بالحلول الترقيعية التي يعتمدها الأغلب في حل مشاكلهم الصغيرة ليكتشفوا أنه وبمرور الوقت وفي غمرة اعتقادهم أن المشاكل قد انتهت وأنهم هم «خبراء ألمان»، وتتوالد وتتكاثر التعقيدات ومشاكل تكبر وتجعل من الصعب إيجاد حلول مناسبة لها فنحن وفي كثير من المناسبات التي مرت علينا رأينا حلولا ترقيعية لمشاكل طبيعية قد تكون بسيطة، ولكن الإدمان على الحلول الترقيعية يجعل حلها مستعصيا، مع العلم أن الحلول يمكن إيجادها في رحم المشاكل وليس خارجها.
من المؤسف أن يمر أكثرنا بمسيرة حياته الكثير من المعضلات وليس له خبرة في حل القادم منها لأنه بكل بساطة يعتقد أن أي حل قد يناسب أي مشكلة، وهذا ليس عيبا بل هو العيب كله.
لقد اتضح جليا أننا أصبحنا أو نكاد نصبح كالذي كان يتجول بجوار شاطئ النهر عندما سمع فجأة صراخ رجل يغرق ويطلب النجدة، فيجري مسرعا إلى النهر لإنقاذ الرجل، وبمجرد أن وصل إلى الرجل لجذبه من الماء إلى الشاطئ وما أن بدأ في تقديم الإسعافات الأولية إليه ليستعيد وعيه، وإذا هو يسمع صراخ رجل آخر يطلب النجدة وهو يغرق، فقفز من جديد إلى النهر وفعل نفس ما فعله مع الرجل الأول، وبعد أن بدأ الرجل يستعيد هو الآخر وعيه، تعالى صوت صراخ شخص آخر يغرق في النهر، وأخذت الصرخات تتعالى من جميع جهات النهر، وبعد أن تعب صاحبنا من عمليات الإنقاذ المتكررة، نظر إلى أعلى النهر فرأى رجلا يمسك بالأشخاص المارين ويلقي بهم في النهر!
نعم يا سادة أغلبنا يتجنب النظر إلى صلب الموضوع والاكتفاء بالحلول الترقيعية أو الوقتية عوضا عن البحث عن سبب المشكلة من الأساس حتى يتم توفير الجهد والوقت والمال.
إن صرف مرتب شهرين أو ثلاثة لأصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة من منتسبي الباب الثالث أو الخامس ممن عانوا الأمرّين جراء تداعيات إغلاق الأنشطة التجارية بسبب وباء كورونا والذي أقره مجلس الوزراء هو ليس بحل كما أن تأخير سداد الأقساط ستة أشهر أو سنة أو حتى سنتين ليس حلا أيضا.
أتمنى من مجلس الوزراء وهو الذي يملك من أدوات التخطيط والتحليل الشيء الكثير أن ينظر إلى الوضع بأكمله وليس بأجزائه المتقطعة حتى يتمكن من استنباط حلول «تشفي القلب» وقرارات تخدم قاعدة شبابية كويتية عريضة باتت مهددة ماليا واجتماعيا ونفسيا لأن «السكين وصل أو كاد يصل إلى العظم».
أدام الله من يحاول إنقاذ شبابنا ويجعلهم نواة الاقتصاد الكويتي بالقطاع الخاص، ولا أدام من يحاول رميهم من فوق الجسر حتى يستأثر بالخير كله.