الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام قائد متميز مستنير وإنسان متألق من حيث العطاء الفكري والاستنارة الروحية والمسؤولية الإنسانية وبناء الذات من حيث البعد الفردي والبعد الجمعي، لقد كانت حياة الإمام علي الهادي (عليه السلام) كغيره من أئمة آل البيت (عليهم السلام) مليئة بالتضحيات والإنجازات، إذ انتهج الوضوح في المنهجية والغاية التي ارتكزت على تعليم الإنسان كيفية العيش بكرامة وصدق وصولا للسعادة، وقد كان شغله الشاغل أن يخرج المسلمين من سجون الأنانيات والعصبيات وتغييب الحقائق والحقوق عن ذاكرة الأمة لذا عمل رغم قصر عمره المبارك بكل جد واجتهاد على رد الغالين وتنوير المنهجية الإيمانية وتنقيتها من زخرف القول والفهم الخاطئ لقيم الدين فكان في كل مواقفه مدافعا عن قضايا وقيم الإنسان مؤمنا بضرورة العمق الموضوعي والفكري لتحقيق التألق والسمو ولم يكن ممارسا للشكليات أو مروجا للأباطيل التي تهدر قيمة الشخصية الإنسانية ودورها الحقيقي في البناء والتنمية.
إن الإمامة تسعى لصناعة الإنسان الكامل صاحب الروحانية النبيلة ولقد كان جهاد أهل البيت (عليهم السلام) حركة متجددة رغم ما يفصلنا عنهم من أزمنة طويلة إذ أنهم أحياء بمبادئهم، وكانت أرواحهم السامية ومكارم أخلاقهم هي الجوهرة المعرفية التــي تمثل العطاء الإنساني الأكثر تألقا.
لقد كان للإمام الهادي (عليه السلام) نشاط واسع في تعليم الناس أحكام الإسلام المشرق وتركيز قواعد الوعي واليقين بكل ما أوتي من قوة العلم والمعرفة كما انه كان يعيش هموم البسطاء لذلك كرهه أصحاب السلطة وخافوه على ملكهم لذلك حاربوه لكن هيهات فلقد تربع على عرش القلوب السليمة التي حملت مشاعل النور عبر العصور وإلى يومنا هذا.
ينبغي أن نتطلع إلى تطوير الذات من خلال تلك الشخصية الإسلامية الفريدة التي جاهدت بالكلمة الطيبة والقول الحسن وأحيت الفعل الإنساني المتسم بالمسؤولية والسلم لكي تبقى حاضرة على الدوام في وجدان الأمة ويجب أن نرتبط بهم من خلال الوعي بتراثهم الثري الذي يجب أن نتدارسه ونتعاهده بالدرس والتحليل وتنوير العالم به، لقد بذل الأئمة الغالي والنفيس من أجل عزة الإنسان وكرامته وإنسانيته، وقد جسدت أفعالهم الأصالة العلمية والعملية لقيم الإسلام بل لقد علمونا جوهر الدين واليقين ليتم بناء الإنسان روحا ومادة فالدنيا مزرعة الآخرة لذلك نستذكر سيرتهم العطرة فسلام على أمامنا الهادي يوم ولد ويوم انتقل إلى رحاب الله ويوم يبعث حيا.