هناك فرق بين الصلاح والإصلاح في التنشئة، فالصلاح يكون بإحسان الوالدين لأبنائهم، وهذا من خلال الهدوء الانفعالي، ومشاعر الحب والاهتمام والعناية والصداقة، وبذلك يربح الوالدان جانبا مهما ألا وهو كسب حب وضمان بر أبنائهم، وذلك يرجع لنظام التنشئة المعتمد على كسب الخبرات وبلورة المشاعر والاتجاهات والأفكار والسلوكيات عن طريق الملاحظة بنسبة 85% لتبقى 15% للتلقين.
ولكن تبقى حقيقة الصراعات والتي تكون بالإصلاح السلوكي والفكري نتيجة المتغيرات الثقافية للمجتمع وتصادمها مع الدين أو القيم أو العادات والتقاليد، فالإصلاح يعدّ جهادا في سبيل الله، أي جهاد الأبوين في إصلاح سلوكيات واتجاهات أبنائهم (تم اكتسابها من الخارج) بما يتناسب مع مبادئ الدين والأخلاق وحب العلم، تلك الثلاثة مقومات المهمة والمعينة على الإصلاح، فتلك الصراعات لكي يتم تفاديها فلابد من معرفة الأسباب وهي كالتالي:
- فقد القدوة الحسنة، حيث إن الأب قدوة لابنه في الاستقامة والمحافظة على الصلوات وحب العلم والأخلاقيات، وكذلك الحال بالنسبة للفتاة وأمها، فالأب مدرسة الشاب في تشرب الصفات والسلوكيات الرجولية ومفاهيمها، أما الفتاة فتتعلم السلوكيات الأنثوية الكامنة في القيم والأفكار والمبادئ والسلوكيات من أمها، فإن كان الأبوان متعاونين جدا في ذلك فإنه يتم تفادي الكثير من الصراعات.
- الفتن بأشكالها وأنواعها، والتي فقدت الأسرة السيطرة عليها اليوم بسبب الانفتاح الكبير الذي حققته الأجهزة الذكية، والتي فتحت أبوابا لظواهر اجتماعية جديده وأفكار ملتوية، وإنما يبقى الأصل في المنزل بإدارة الوالدين، وهذا يتم بحل مشكله فراغ الأبناء وتوجيه طاقاتهم لأعمال مفيدة تعزز الصحة النفسية لديهم.
- غياب الحوار الأسري، لابد من الحوار والنصح والوعي بموبقات الأمور الدائم للأبناء بشكل يومي ومستمر، فالحوار يفتح مغاليق النفوس ويفتح باب الصداقة بين الوالدين وأبنائهم، حيث إن ربع ساعة من وقت الأبوين يوميا تفتح آفاقا تربوية قيمة وتحقق الأمن والاستقرار والأمن النفسي الخالي من مشاعر التوتر والقلق للأبناء.
- اندثار جزء من القيم الإسلامية والعادات والتقاليد في أغلب الأسر، والتي تظهر بفوضى قيمية فكرية مكتسبة من مجتمعات غربية متناقضة ثقافيا مع مجتمعنا، والتي تحث على قيم لها أبعاد نفسية وسلوكية تعود بالسلب بشتى الجوانب على الفرد.
ولعلاج معضلة الصراعات العصرية يجب الأخذ بأربع قواعد أساسية في بناء قوام تربوي ناجح ألا وهي: الأولى: الإحسان الكبير والكامن في البر والذي يلعب دورا في كسب قلوب الأبناء والذي يغرس فيهم المحبة والأمن النفسي والثقة بالنفس - والثانية: الاتزان الانفعالي، فكثرة الصراخ والانفعال لا تجدي نفعا، مقابل الحزم في التنشئة من دواعي التنشئة السليمة والتي تعزز قيما سلوكية للأبناء مقابل الدعاء لهم بالصلاح، الثالثة: تكرار السلوكيات الحميدة والكلمات الإيجابية التي ترفع من أخلاقيات وقيم الأبناء، رابعا: يجب رسم خط نظامي لأفراد الأسرة جميعا من خلال القوانين والنظم التي تكفل بناء أجمل البيئات الأسرية الحميدة، وأخيرا، الرجوع لمبادئ الدين الإسلامي في بناء قوام الفرد النفسي والاجتماعي كفيل بالأمن الاجتماعي للأسرة والمجتمع.
family_sciences@