عندما أمر بفرض إجراءات العزل العام للمرة الثالثة في عموم فرنسا، بعد أن أصر لأسابيع على استمرار فتح البلاد مخالفا نصائح العلماء، تحول الرئيس إيمانويل ماكرون إلى هدف لسهام النقد من خصومه الذين يضعون انتخابات العام المقبل نصب أعينهم.
وقال ماكرون في خطاب للأمة نقله التلفزيون مساء الأربعاء، إن فرض العزل العام ضروري في مواجهة موجة ثالثة فتاكة من جائحة كوڤيد-19 من الممكن أن تخرج عن السيطرة في وقت تكثف فيه فرنسا حملة التطعيم.
وبفرض الإغلاق على البلاد، يكون المصرفي السابق قد توقف عن مقامرة دخلها منذ شهرين عبر محاولة قيادة البلاد وسط الزيادة الكبيرة دون أن يصدر الأوامر الصعبة بالبقاء في المنازل وإغلاق المدارس، وهي إجراءات فرضتها دول أوروبية أخرى هذا العام.
وانتقدت مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الرئيس وقالت إنها «ووترلو» بالنسبة لماكرون، وهو تعبير يستخدمه الفرنسيون للإشارة إلى الهزيمة القاضية ومستوحى من المعركة التي هُزم فيها نابليون وقضت على أسطورته.
وكتبت لوبان، التي من المتوقع أن تكون المنافس الرئيسي لماكرون في 2022، في تغريدة على تويتر «من المؤسف أن الفرنسيين هم الذين يتحملون تبعات هذا التأخير، وعواقب تكبره، وعدم السلاسة في اتخاذ القرار، بثمن باهظ يدفعونه من حياتهم اليومية».
أما رئيس الوزراء جان كاستكس فقد قال للمشرعين قبل إجراء تصويت رمزي على إجراءات العزل العام أمس، إن الحكومة سعت جاهدة لتحقيق توازن بحيث لا يكون تحركها مبكرا أكثر مما يلزم ولا بعد فوات الأوان.
وأضاف «هذه الإجراءات تبدو ضرورية لنا. إنها ضرورية للسماح لبلادنا بتجاوز ما نأمل أن تكون المرحلة الأخيرة (من الأزمة)».
وأكد الرئيس أنه كان على صواب عندما أبقى فرنسا مفتوحة وحمى الاقتصاد من إغلاق آخر، حتى في الوقت الذي بدأت فيه المستشفيات في الانهيار تحت الضغط. وقال ماكرون قبل أسبوع فقط «لم أرتكب أي جرم، ولا أشعر بالندم».
واتهمه معارضون وقطاع من الجمهور بأنه يتصرف كأنه ملك يحيط نفسه بحاشية من المخلصين ولا يستمع لأحد، سوى قليلين، خارج هذه الدائرة منذ دخوله الإليزيه في 2017.
ويقول مساعدو ماكرون إنه يجري مشاورات على نطاق واسع خلال الجائحة لكن القرار النهائي في الجمهورية الخامسة في فرنسا في يد الرئيس وحده.
وربما تكون الصورة المأخوذه عنه كرجل متغطرس، والتي أثارت احتجاجات «السترات الصفراء» المناهضة للحكومة في مرحلة مبكرة من رئاسته هي نقطة ضعفه قبل انتخابات العام المقبل.
وراهن ماكرون في يناير على حظر التجول وإغلاق المطاعم والحانات لوقف التفشي. لكن بحلول أوائل مارس، كان الڤيروس قد انتشر وتفشت سلالة جديدة أشد عدوى فيما كانت عمليات اعطاء اللقاح في بداياتها.
وأقر ماكرون بارتكاب بعض الأخطاء. وقال «كل ذلك صحيح. لكنني أعرف شيئا واحدا.. لقد صمدنا وتعلمنا وتحسن أداؤنا مع كل مرحلة».
وقال داميان عباد رئيس الكتلة الجمهورية في البرلمان بعد خطاب رئيس الوزراء كاستيكس «نحن لسنا هنا للاعتراف بإخفاقاتك المتكررة».
وانتقد السياسي اليساري جان لوك ميلينشو ماكرون لاتخاذه القرارات بمفرده.
وعرض كاستيكس القيود الجديدة، أمام البرلمان. ومن المقرر توسيع الكثير من القواعد التي كانت مفروضة على مستوى محلي، مثل إغلاق المتاجر، ليتم تطبيقها في جميع أنحاء البلاد لمدة أربعة أسابيع. كما سوف يتم إغلاق المدارس لمدة ثلاثة أسابيع.
ووافق البرلمان على الإجراءات بأغلبية 348 صوتا مقابل تسعة أصوات فقط ضدها. ولم تشارك بعض فصائل المعارضة في التصويت غير الملزم للحكومة.