أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن المملكة العربية السعودية تهدف إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة بنسبة 50% بحلول 2030.
وفي كلمته التي ألقاها أمام «قمة القادة حول المناخ» الافتراضية، التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن بحضور 40 من قادة دول العالم، أشار الملك سلمان إلى أن التغير المناخي يهدد الحياة على الأرض ولا يقف عند حدود وطنية.
وأكد خادم الحرمين أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب منهجية شاملة تراعي مختلف الظروف التنموية حول العالم، وأن الحل الشامل لمواجهة تحديات التغير المناخي يكمن في رفع مستوى التعاون الدولي.
وجاء في الكلمة التي نقلتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس):
نود بداية أن نتقدم بالشكر لفخامة الرئيس بايدن على عقد هذه القمة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي التي تهدد الحياة على كوكب الأرض، ولا تقف عند حدود وطنية، فالغاية هي التنمية المستدامة ويتطلب تحقيقها منهجية شاملة تراعي مختلف الظروف التنموية حول العالم.
التعاون هو الحل
وقد أطلقنا وفق «رؤية المملكة 2030» حزمة من الاستراتيجيات والتشريعات، مثل الإستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشاريع الطاقة النظيفة، بهدف الوصول إلى قدرة إنتاج 50% من احتياجات المملكة بحلول عام 2030.
وأضاف: إن رفع مستوى التعاون الدولي هو الحل الشامل لمواجهة تحديات التغير المناخي، وقمنا خلال رئاستنا لمجموعة العشرين العام الماضي بدفع تبني مفاهيم الاقتصاد الدائري للكربون، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية.
كما أعلن سمو ولي العهد مؤخرا عن مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10% من الإسهامات العالمية، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة بالإضافة إلى العديد من المبادرات النوعية.
وحصلت هاتان المبادرتان على تأييد المجتمع الدولي، وسنعمل مع الشركاء لتحقيق أهدافهما من خلال استضافتنا منتدى لمبادرة السعودية الخضراء وقمة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في هذا العام.
وختم مؤكدا على «اهتمامنا والتزامنا بالتعاون لمكافحة التغير المناخي لإيجاد بيئة أفضل للأجيال القادمة».
توحيد الجهود
من جهته، كشف بايدن في كلمته الافتتاحية أن الولايات المتحدة تخطط لتقليص انبعاثات غازات الدفيئة حتى عام 2030 بنسبة 50% مقارنة مع معدل عام 2005، من أجل خفض هذا المؤشر إلى مستوى الصفر حتى عام 2050، الأمر الذي رحب به عدد من قادة العالم الذين أشادوا بـ«عودة» واشنطن إلى الخطوط الأمامية في مكافحة الاحتباس الحراري.
ودعا الرئيس الأميركي المجتمع الدولي، لاسيما أكبر اقتصادات العالم، إلى توحيد جهوده في سبيل احتواء أزمة المناخ.
وحذر في اليوم الأول من قمة المناخ أمس من أن ثمن التقاعس عن التعامل مع الأزمة المناخية يزداد.
وقال ان العقد القادم سيكون، حسب آراء العلماء، مرحلة حاسمة في الصراع ضد تغيرات المناخ، ودعا جميع الدول إلى اتخاذ خطوات أكثر فعالية في مواجهة هذا الخطر.
وأشار بايدن إلى ضرورة العمل على الحد من معدل ارتفاع درجات الحرارة في العالم تحت سقف 1.5 درجة مئوية.
بدورها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «أنا مسرورة لرؤية الولايات المتحدة تعود للعمل معنا من أجل المناخ».
وأكد رئيس جنوب افريقيا سيريل رامافوزا «نحن جميعا مسرورون جدا لعودة الولايات المتحدة».
ترحيب بالعودة الأميركية
واحد تلو الآخر، رحب القادة المدعوون للمشاركة في القمة، بعد قرابة مائة يوم من وصول بايدن إلى الحكم، بالموقف الأميركي الجديد بعد أربعة أعوام من عدم التحرك في مجال المناخ وإنكار المشكلة خلال عهد سلفه دونالد ترامب، وأعلن كل منهم تعهدات بلدانهم في مجال المناخ.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ أن بلاده «مصممة على العمل مع الأسرة الدولية، وخصوصا الولايات المتحدة» على هذه الجبهة، رغم التوترات الشديدة بين القوتين العظميين في عدد كبير من الملفات.
وجدد التأكيد على هدف بلاده تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
ورأى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن الإعلان الأميركي «يغير المعطيات» وقد يعطي الدفعة القوية اللازمة للمفاوضات الدولية.
ويطرح جونسون نفسه كقائد في هذه المسائل، وقد دافع عن خطته المعززة التي أعلنها الثلاثاء وتقضي بخفض نسبته 78% بحلول 2035 عما كانت عليه الانبعاثات في 1990.
بدوره، رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضا بالالتزام الأميركي الجديد، وأطلق نداء من أجل «تسريع» العمل من أجل المناخ.
وأبدت القوى الرئيسية المشاركة، التي تمثل مجتمعة 80% من الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون، تجاوبا في هذه القمة التي تعتبر خطوة أولى قبل القمة ـ المؤتمر الكبير الذي تنظمه الأمم المتحدة «كوب ـ 26» المقرر عقدها في نهاية العام في غلاسكو في اسكتلندا.
من جهته، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده التي تعد من الدول الرئيسية المسببة للانبعاثات، تطبق «بمسؤولية (...) موجباتها الدولية».
تعهدات واعدة
أما الاتحاد الأوروبي، فقد توصل في اللحظة الأخيرة إلى اتفاق على خفض «لا يقل عن 55%» لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 مقارنة بما كانت عليه في 1990.
وتعهد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال القمة بخفض بنسبة 40 إلى 45% بحلول 2030 مقارنة بالعام 2005، بدلا من 30% في الخطة السابقة.
وأعلن نظيره الياباني يوشيهيدي سوغا أن اليابان ستخفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 46% بحلول 2030 مقارنة بعام 2013، مقابل 26% في السابق.
ومع الإعلانات الجديدة الصادرة أمس والمتوقعة اليوم، قال أحد منظمي القمة ان الدول «التي تمثل أكثر من نصف الاقتصاد العالمي» ستكون قد تعهدت بخفض الانبعاثات بما يتماشى، بقدر ما يتعلق الأمر بها، مع الهدف العالمي المتمثل في خفض الاحترار المناخي.
وقال بايدن بعد الإعلانات الأولى «إنها بداية مشجعة»، مضيفا «نبدأ في إحراز تقدم حقيقي».
وهو ما اعتبره أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «نقطة تحول» في مسار مكافحة الاحتباس الحراري رغم أنه «لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه».