حلمت في صغري بأن أصبح طيارا أسابق الصوت من على كرسي الطائرة المقاتلة «ميراج»، وفيما بعد اختلفت الآمال وتغيرت، فحلمت بأن أصبح طبيبا، أرتدي معطفي الأبيض أتجول في ممرات المستشفيات، أعالج وأطبب مراجعيني ومرضاي.
وأخيرا حلمت بأن أصبح أحد نجوم الغناء أو التمثيل، تتصدر صوري أغلفة المجلات والصحف. لكنني لم أصبح أو امتهن تلك الوظائف التي كانت في قائمة أحلامي، عملت في مجال الهندسة، أصمم وأخطط المشاريع الصغيرة والكبيرة، مهنة بعيدة كل البعد عن الأحلام، أحمد الله وأشكره على ما وصلت له.
لكن حين أفكر لما وصلت إليه أجد نفسي قد حققت تلك الأحلام بطريقة مختلفة، دون الحاجة لارتداء زي الطبيب أو خوذة الطيار، فأنا أحلق في الفضاء، بأفكاري وكلماتي حين أكتب النثر أو الشعر كلما سنحت لي الفرصة، وأعالج أصدقائي وكل من أعرف بمواقفي وكلماتي. واكتشفت أن ما يهم هو الشخص نفسه لا وظيفته أو منصبه، كما أنني رأيت أننا نستطيع القيام بأي وظيفة دون عقد عمل أو زي مميز، جميع المهن متاحة للجميع دون استثناء، وبالنسبة لي أنا فقد عملت بكل وظيفة أردت أن أقوم بها ما عدا التمثيل فقد عجزت عن ذلك، لأنها تحتاج إلى أداء أدوار وحركات مغايرة لشخصيتي الطبيعية، وفي بعض الأحيان قول ما لا تعنيه أو تقصده، وهذا الشيء لم ولن أقوم به لأن أداءه يحتاج لمهارات أخرى لا أريد أن أتعلمها.