الراحل د.عصام الشربيني رغم مرور سنوات على وفاته، فهو من الذين يستحقون التذكير بهم، كأستاذ في المقام الإنساني والقيمة العلمية الطبية، وهي «المعادلة الصعبة» التي تميز بها، لذلك هو من الشخصيات الراحلة عن عالمنا، ولكن تظل في مواقفها وتاريخها «القدوة» و«المثل» ليس على المستوى الشخصي بل في نطاق «العمل العام» و«الوظيفة المهنية».
هؤلاء أصحاب «الحضور المستمر»، والراحل د.عصام الشربيني أحدهم، ولمن لا يعرفه، فهو كان أحد أعلام العمل الصحي في الكويت وبمستشفى الصباح تحديدا، وكان أحد أطباء المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والمرافق له في السفر، والراحل الكبير ترك بصمة واضحة في تطوير «الطب الباطني» في الكويت، وكان على رأس عمله حتى قبيل وفاته.
الراحل د.عصام الشربيني استشاري الباطنية في مستشفى الصباح هو أحد هؤلاء «الخالدين» في ذاكرة من عرفوه، ومن عاشروه، ومن تتلمذوا على يديه، حيث كان رحمه الله على المستوى المهني يمثل الإخلاص في العمل والانضباط في الحضور، وأيضا حريص على معرفة تفاصيل حالة كل مريض، وكم كان يبهرنا «نحن تلاميذه ومن تدربنا على يديه» في كشف أسباب أصعب الحالات وأعقدها، وكان لا يبخل علينا في «العلم الطبي» ومعرفة «أسرار المهنة» ونقل خبراته إلينا بكل تواضع ومرونة، ما جعلنا أطباء افضل «إنسانياً» و«مهنياً»، وهذه الثنائية «الحيوية» حرص الراحل على وجودها وتطبيقها بشكل دائم، وأورثها إلى تلاميذه من الأطباء الكويتيين الذين عملوا معه وأصبحوا استشاريين الآن، ولعل ذلك ما أهّله وجعله صاحب المكانة عند اهم الشخصيات في البلد وموضع الثقة.
ومن الجميل المميز بالمرحوم الدكتور عصام الشربيني أنه رغم موقعه المهني الكبير والمهم ومستواه العلمي العالمي، وشبكة علاقاته الاجتماعية الواسعة، إلا أن تواضعه «لافت» واحترامه للجميع «واضح» وكان مؤدباً في الحديث، ولبقاً في الكلام، ويحترم الصغير والكبير، ولا يتعالى ويتكبر على الأطباء المتدربين الصغار ولا طلبة الطب الدارسين، رغم موقعه الكبير كاستشاري للباطنية ورئيس وحدة، وهو في تلك المسألة كان يختلف عن «بعض» الأطباء الذين كانوا يمارسون «الفوقية» و«التعالي» و«التنمر» ضد الأطباء الصغار أو الطلبة أو كل من هو تحت سلطتهم، لذلك رحل الرجل وذكراه خالدة، وإعادة الكلام عنه أمر مستحق ومطلوب لأنه رحمه الله صنع المثال والنموذج الحضاري الراقي لأي طبيب.